روى الكاتب الصحفي “عماد الدين حسين”، 3 قصص وصفها بـ”الخطيرة”، تخص التسريبات التي أذيعت للدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق.
وقال “حسين” في مقاله المنشور بصحيفة “الشروق” : “بصورة عشوائية كاملة، ومصادفة غير مرتبة، سمعت القصص الثلاث الآتية تعقيبًا على التسريبات التي تم بثها للدكتور محمد البرادعي، مساء السبت والأحد، وتخص رأيه فى بعض الشخصيات العامة”.
وأضاف: “المفاجأة أن الثلاثة كانوا ولايزالون مؤيدين للرئيس عبدالفتاح السيسي وحكمه، كانوا من أشد المعارضين لجماعة الإخوان، نزلوا فى مظاهرات 30 يونيو 2013، وأيدوا إخراج الإخوان من الحكم، وفوّضوا السيسي – وزير الدفاع وقتها – فى 26 يوليو 2013، ووافقوا على دستور 2014، وانتخبوا السيسي رئيسًا فى منتصف نفس العام”.
وأكد الكاتب على أن سمعة الوطن وأخلاقه وقيمه أهم وأبقى من أي صراع أو قضية، وأن هناك مليون طريقة للرد على البرادعي بخلاف الطريقة التى تمت!
وفيما يلي نص المقال كاملًا :
ثلاث قصص عن التسريبات
بصورة عشوائية كاملة، ومصادفة غير مرتبة، سمعت القصص الثلاث الآتية تعقيبًا على التسريبات التي تم بثها للدكتور محمد البرادعي، مساء السبت والأحد، والتي تخص رأيه فى بعض الشخصيات العامة.
القصة الأولى رواها لى مستثمر بارز جدًا، وخلاصتها أن أحد العاملين معه طلب لقاء عاجلًا به، لأنه يريد الاستقالة والبحث عن أية فرصة للعمل بالخارج سواء فى دبي أو أوروبا، الشاب عمره 26 عامًا فقط، ووصل إلى نتيجة نهائية أنه لم يعد له «عيش» فى هذا البلد!.
القصة الثانية حكاها لى زميل صحفى كبير بأن زوجته صارت تطلب منه بصورة متكررة منذ شهور ضرورة الهجرة من مصر إلى أي بلد يقبلهم وتكون فيه الحياة آدمية. الزوجة تقول لزوجها إنه لا يمكن تربية أولادهم فى هذا المناخ، فالشارع مزدحم، ويحكمه أصحاب التكاتك والبلطجية، والبقاء فيه للأقوى والأعلى صوتًا، واللغة صارت عشوائية بذيئة، وقطاعا التعليم والصحة لا يسران عدوًا أو حبيبًا، والأمر ينطبق على معظم الخدمات.
فى يوم إذاعة التسريبات قالت له: «أرأيت؟.. كيف سنربي أولادنا على أن الأصل فى الأشياء هو فضح الناس وإذاعة أسرارهم لمجرد أننا مختلفون معهم؟!.
القصة الثالثة: إعلامية مرموقة تعمل فى فضائية كبيرة، وعقب إذاعة التسريبات مساء السبت، فوجئت بأن ابنتها الشابة غرقت فى بكاء شديد، وصارت تلح على والدتها بأنها لا يمكنها الاستمرار فى الإقامة فى مصر فى ظل هذا المناخ.
لكن ما الذي يجمع أبطال القصص الثلاث وأصدقاءهم؟!.
المفاجأة أن الثلاثة كانوا ولايزالون مؤيدين للرئيس عبدالفتاح السيسي وحكمه، كانوا من أشد المعارضين لجماعة الإخوان، نزلوا فى مظاهرات 30 يونيو 2013، وأيدوا إخراج الإخوان من الحكم، وفوّضوا السيسي – وزير الدفاع وقتها – فى 26 يوليو 2013، ووافقوا على دستور 2014، وانتخبوا السيسي رئيسًا فى منتصف نفس العام.
سألت المستثمر البارز هل يمكن أن يكون هناك تأثير لمثل هذه التسريبات على مناخ الاستثمار؟!.
قال إن مثل هذه التسريبات لن تكون السبب الجوهري فى اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه، لكنها ستكون أحد الأسباب التي يُقرر على أساسها.
وفى تقديره أن المستثمر حينما يفكر أن مكالماته الخاصة قد يتم بثها على الفضائيات العامة لأي سبب من الأسباب، فقد يقرر عدم المجيء لمصر، أو الانعزال التام عن كل ما يمكن أن يسبب له مشكلة أو «صداعًا فى رأسه»، أو يمثل اعتداء على حقوقه وأسراره الشخصية.
بعد هذه القصص، وأمثالها كثيرة، هل يدرك من قرروا إذاعة التسريبات أنهم يخسرون أنصارهم مجانًا؟ ومن الذى سيقف بجانبهم فى المعركة المصيرية ضد الإرهابيين والمتطرفين؟
ظني الشخصي أن الذين قرروا إذاعة مثل هذه التسريبات لم يفكروا مطلقًا فى آثارها الخطيرة والمدمرة على المدى البعيد. الخناقة أو الصراع أو المكايدة مع الدكتور البرادعي أو أي سياسى آخر سوف تنتهي الآن أو غدًا، «فالسياسة قلابة» – كما يقولون – مثل الحياة. لكن الأخطر أننا نربي الأجيال الجديدة على أن فضح الناس وتجريسهم بالمخالفة للقانون أمر طبيعي!!.
أتمنى أن تطلب الحكومة وأجهزتها من مراكز المعلومات والبحث واستطلاع الرأي أن تُجرى استطلاعات وبحوث رأي عام سرية يكون محورها الأساسي هو: ما هى الآثار المختلفة لهذه التسريبات على أخلاق وقيم وسلوكيات المجتمع على المدى القريب والمتوسط والبعيد؟، ومن الكاسب ومن الخاسر منها؟!.
وكل ما أتمناه بصفة عاجلة أن يتخذ من بيدهم الأمر قرارًا سريعًا بإيقاف هذه التسريبات فورًا حتى لا يساهموا فى زيادة الأضرار.
سمعة الوطن وأخلاقه وقيمه أهم وأبقى من أي صراع أو قضية. وهناك مليون طريقة للرد على البرادعي بخلاف الطريقة التي تمت!