الدكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق
للأمل معان عدة تختلف حسب وعينا بطبيعة المفهوم ،ولكننا اليوم نبحث عن المعنى الايجابي للأمل ،في ظل واقع مجتمعي تخاصم أفراده عبر سنوات ، وسيطرت حالة اليأس لدى شرائح عديدة من أبناء هذا المجتمع ، وذلك بفعل عوامل كثيرة منها سياسات إعلامية غير مسئولة ، دفعت بأبناء المجتمع الواحد إلى الخصام ، وإذا بالجميع يدفع الثمن ، اننى هنا أبحث مع القارئ عن المعنى الذي نريد أن نصدره للأطفال وللكبار ، ذلك المعنى الذي هو نقيض اليأس ، نريد أن يمارس الإعلام المسموع والمكتوب والمرئي دوراً واضحاً وملموساً في تصدير هذا المعنى للمجتمع ، بعد أن أصبح اليأس شعاراً تصدره وسائل الإعلام ليل نهار ، وعلى المؤسسات التعليمية والتربوية أن تؤدى دورها من خلال تفعيل النشاط الذي يبعث على الأمل والانتماء ، بعد غاب النشاط وغيب عن قصد ، وبعد أن انعكس ذلك بشكل سلبي على نفوس أبناء المجتمع ، لقد آن الأوان لكي نصدر المعنى عبر تصدير الفعل وليس القول ، من خلال الإخلاص والصدق في القول والعمل ، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته تجاه ذلك، على اعتبار أن الصحة النفسية للمجتمع تعتبر ركيزة أساسية لبناء المجتمعات المتحضرة ، وأن من يرصد الحالة النفسية للمجموع العام سوف يجد مؤشرات سلبية واضحة لدى فئات المجتمع المختلفة تؤثر سلباً على الإنتاج .
فماذا يعنى مفهوم الأمل وما المقصود به ؟ وما أهم الحكم والأمثال التى عبرت عن معنى ودلالات مفهوم الأمل ؟ وكيف لنا أن نترجم تلك المعاني إلى واقع نحياه ؟
الأمل في القرآن
ورد مصطلح الأمل مرتين في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى:
• “ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْاَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ” [سورة الحجر، الآية: 3].
• “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ اَمَلًا” [سورة الكهف، الآية: 46].
والأمل في اللغة الرجاء[1] وهو من التثبت والانتظار[2]، وأَملْتُهُ: تُرَقَّبَتُه[3] إلا أن “أكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله”[4].
وقد اعتبر الأمل والرجاء والطمع مراتب بحسب قرب أو بعد حصول المطلوب، حيث إن من عزم مثلا “على السفر إلى بلد بعيد يقول أَمَلْتُ الوصول ولا يقول: طمعت إلا إذا قرب منها؛ فإن الطمع لا يكون إلا فيما قرب حصوله والرجاء بين الأمل والطمع؛ فإن الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأمُولُهُ ولهذا يستعمل بمعنى الخوف، فإذا قوي الخوف استعمل استعمال الأمل”
فالظاهر من حيث اللغة أن الأمل انتظار لشيء قد لا يتحقق، وهذا ما يوحي به أحد الاستعمالين القرآنيين للمصطلح وهو قوله عز وجل: “ذَرْهُمْ يَاَكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْاَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ” [سورة الحجر، الآية: 3]، إلا أن الاستعمال الثاني يوحي ظاهره بعكس هذا المعنى حيث وصفت به الباقيات الصالحات وذلك في قوله سبحانه: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ اَمَلًا”
إلا أن الاستعمال الثاني يوحي ظاهره بعكس هذا المعنى حيث وصفت به الباقيات الصالحات وذلك في قوله سبحانه: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ اَمَلًا” [سورة الكهف، الآية: 46].
لكننا إذا تأملنا في الآيتين معا نجدهما تدلان على أن الأمل له معنى مشوبا بالذم إلى حد ما، وتعلقه بالباقيات الصالحات مقترن بكونه خير الأمل، أما مطلق الأمل فقد لا يكون مرغوبا؛ لأنه يلهي صاحبه عن الطاعات كما جاء في آية سورة الحجر، ويستخلص من ذلك أن الأمل منه ماهو صادق، وهو ما كان بانتظار ما عند الله من ثواب على صالح الأعمال، ومنه ماهو كاذب وهو الذي يلهي الإنسان عن الطاعات بسبب تتبع صاحبه للملذات في الدنيا مع نسيان الآخرة .
وهذا النوع الثاني هو المذموم وهو الذي وردت فيه أقوال للسلف تحذر منه، كما جاء عن علي رضي الله عنه أنه قال: “أخوف ما أخاف عليكم اثنان: طول الأمل، وإتباع الهوى. فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما إتباع الهوى فيصد عن الحق”
الأمل في السنة
إذا تمنى أحدكم فليستكثر فإنما يسأل ربه عز وجل “حديث “
يهرم كل شيء من ابن ادم ويشب منه الحرص والأمل
ومن الحكم والأمثال حول الأمل :
• كل آت قريب
• رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة
• الأماني لا تمل
• الطموح لا يشيخ
• الأمل أهم من المال
• الأمل يشدد العزائم
• يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل.
• الأمل هي تلك النافذة الصغيرة، التي مهما صغر حجمها، إلا أنها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة
• الأمل غذاء المنفيين
• الناس معادن.. تصدأ بالملل، وتتمدد بالأمل، و تنكمش بالألم .
• الثقة بالله أزكى أمل، والتوكل عليه أوفى عمل
• إن غداً لناظره قريب
• أطرد اليأس بالرجاء
• أكبر القتلة قاتل الأمل
• غاية الزهد قصر الأمل
• المأمول خير من المأكول
• أمل بلا عمل شجرة بلا ثمر
• الأمل نوع من عتاب الحاضر
• الأمل شجرة في أرض جدباء
• الحياة جزيرة صخورها الأمل
• الغصن الذي لا يحلم لا يزهر
• هناك أمل ما دام هناك أحياء
• ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
• وجهوا آمالكم إلى ما تحب قلوبكم
• الأمل يخفف الدمعة التي يسقطها الحزن
• في قلب كل شتاء ربيع ووراء نقاب كل ليل فجر يبتسم
• تكون الحياة سعيدة عندما تبدأ بالحب وتنتهي بالطموح
• كل الظلام في الدنيا لا يستطيع أن يخفى ضوء شمعة
ترى هل يمكن لنا أن نكون مصدراً للأمل من خلال تعميق مفهوم الثقة بالنفس لدى المحيطين بنا ومن نتعامل معهم ؟ هل لنا أن نصدر الأمل عبر وسائل الإعلام وعبر مؤسسات المجتمع بكافة أشكالها ؟ هل من الممكن أن نتخلى عن مؤشرات الإحباط والتي قد تهزم المجتمع وتدفع به نحو روح الانهزامية ؟ لقد آن الأوان إلى أن يمارس الجميع دوره في تحقيق المعنى والعمل به على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات البراقة ، نعم إنها اللحظة التي تحتاج إلى تضافر الجهود والبعد عن روح الانهزامية ، نحتاج إلى الأمل في واقعنا إن أردنا أن نرتقي ، نحتاج إلى الأمل ومعه العمل ، نحتاج إلى الأمل ومعه الصدق والعدل والوفاء ، حتى نحقق الانتماء لوطننا ولأمتنا ، والى أن يتم ذلك نحن في حاجة إلى أن نصارح أنفسنا هل نصدر الأمل فيما نكتب ونقول ؟
الوسومصلاح عبد السميع عبد الرازق
شاهد أيضاً
لا تقلق أنها جملة اعتراضية!!
كمال زاخر الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ مازالت الرسائل التى تحملها الىَّ آليات العالم الافتراضى، على …