دماء تُهرق، رؤوس تتحطم، أشلاء تتطاير، ذبح، نحر، تفخيخ، حروب دينية هنا وهناك، تيارات تتسابق وتتناحر بعضها مع بعض تارة متحدة في اليمن، وتارة أخرى تحت إمارة زعيم وثالثة تحت إمارة مُلاَّ، ورابعة تحت مسمى خليفة.. الكل يسعى لإعلان كلمته التي هي حسب معتقده كلمة الله الصادقة، وهم الجماعات الناجية الوحيدة.
صراع عجيب رهيب.. بلا قيم ولا أخلاق.. صراع يستخدم المتنافسون فيه كل الأساليب اللاأخلاقية واللاإنسانية ليثبت أنه على دين الحق والآخر على دين الباطل.. صراعاً ليس فقط بين أديان وأديان بل داخل عناصر المذهب الواحد.. ومن العجيب والمريب أن كل تلك الجماعات المتناحرة لأجل الدين لأثبات أن دينها هو الأفضل للإنسانية التي تكتوى يوميا هم أتباع هذه الأديان.
انظر حولك وتأمل بحرص ستجد أن ملايين زُهِقَتْ أرواحهم صرعى لمرض السرطان، وهناك مئات الملايين صرعى للحروب الدينية منذ نشأة الأديان للآن.. بل أن الصراع الآن صراع محموم.. صراع مسلح بأسلحة فتاكة قديما كانت حروب بأسلحة تقليدية (سيف وحربة) آما الآن صواريخ طرود، قنابل.. بل حتى القنابل الكيماوية تم تسخيرها.. ومن العجيب أن قتلى الحروب الدينية أكبر عدداً من قتلى السرطان ونحن مازلنا نعالج السرطان!
العالم العربي يحتاج وقفة مع النفس!! لماذا الحروب الدينية؟ لماذا يُيَتم الأطفال؟ ويذبح الإنسان أخيه الإنسان؟ لماذا تُهجَّر ملايين العائلات؟ وتُرمَّل الأمهات لماذا مئات الألاف من المشردين يموتون على شواطئ البحور وآخرون تبتلعهم البحار بسبب حروب دينية طاحنة.. بسبب صراعات مذهبية ودينية.. أي زعيم دينه أصدق، أي مُلاَّ أو أي خليفة أحق بالسيادة والريادة.
إن الصراع في العالم الإسلامي صراع ديني بحت!! انظر للجماعات المسلحة الأكثر عنفاً وسادية ستجدهم معروفون ليس لكبار السن بل للأطفال أيضاً هل جماعة أبو سياف في الفلبين أم جماعة طالبان في أفغانستان، أم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، أم شباب الصومال، أم بوكو حرام… من المثير رغم أن أعمالهم ضد المنطق والدين إلا أنها لإعلاء شأن الدين!! وإثبات أنهم الأفضل عقيدة في العالم.
إن هناك دولاَ ودويلات تقف خلف تلك الجماعات تارة بالسلاح، وأخرى بالتمويل المالي، وجيوش جرارة من شاغري المنابر لتعبئة مشاعر بسطاء الناس لتنفيذ العمليات الإرهابية والإجرامية.. وبعد كل عملية هناك صراع محموم على لقب شهيد الذي أصبح عند سماعه تنتفض لتعرف من هو الشهيد وكم من الأرواح حصد؟! و بأي طريقة حصد..
إن كان العالم يحتاج إلى سلام.. وعدالة.. ورفاهية للإنسان.. إلا أنه هناك التزام أدبي وأخلاقي لتدرك الجماعات المسلحة التي تسعى لفرض هيمنتها على العالم لتعلي شأن الدين أن تدرك من هو الأفضل ديناً!
الأفضل ديناً عالِم يبذل وقته في محراب العلم لإنقاذ نفس بشرية.
الأفضل ديناً رجل سلام يجول الأرض لينشر محبة.
الأفضل ديناً أم قدمت تضحية وفداء لإخراج جيل عظيم..
الأفضل ديناً سياسي يخمد حرب طاحنة لنشر سلام حقيقي..
الأفضل ديناً اقتصادي ناجح يقدم فرص عظيمة ليعم الرخاء..
الأفضل ديناً فنان قدير رسم ضحكة وبسمة في عيون كل من رآه ومسح دموع في عيون أنهكتها الحياة..
الأفضل ديناً رجل أمن يسهر لأمن الجميع بلا تفرقة..
الأفضل ديناً رجل قضاء يقدم عدل ومساواة بين جموع البشر بدون محاباة..
الأفضل ديناً هو رجل دين يعتلي المنبر لعلم المحبة والبذل والعطاء..
الأفضل ديناً عالِم يَحيىَ في محراب العلم وليس عالم كلام يعيش على فكر عتيق غير قادر على التجديد وتجديد الفكر الديني ليتصالح مع والإنسانية..
الأفضل ديناً ليس كل من يشحن كلماته ببارود وصواريخ بل من يقدم خدمة لوطنه وللإنسانية..
أخيراً “الدين الذي لا يخدم الإنسان في حياته لن يخدمه بعد وفاته” الأم تريزا
medhat00_klada@hotmail.com