بقلم : مايكل عزيز البشموري
لا يوجد فى المسيحية خطاب ديني ، ولكن يوجد توجه روحي يقوده رؤساء الكنائس والطوائف المسيحية فى مصر ، ويُمكن تسميه ذلك التوجه بـ ”الخطاب الروحي“ ، ويعتبر الخطاب الروحى المسيحي ، أحد العوامل المساعدة وراء تزايد الإشكاليات التى تعرض لها الاقباط بالعقود الماضية ، فقّد عمل هذا الخطاب على تخدير وتغييب العقل القبطي ، وجعل من المواطن المصري المسيحي ، مواطن ضعيف ( درويش ) غير قادر على المطالبة بحقوقه العادلة ، وإنعكست سلبية ذلك الخطاب ، من خلال إلباس المناخ الطائفي المنتشر بالبلاد ( زياً روحانى ) ، وإعتبار الحوادث الطائفية التى يتعرض لها المواطن ”القبطي“ أحد الأكاليل السمائية التى سينالها المرء منا فى الحياة الآخره ؛ كمكأفة له على إحتماله صليب الاضطهاد بفرح وسرور ؛ وبالتالي إعتناق ثقافة الموت (( لكن أنا مش مِن هنا ، أنا ليا وطن تانى )) ، ومن ثم القبول بفكرة التعايش كمواطن درجة ثانية ؛ وإذا أراد المسيحي المصري ، التمرد على واقعه المأسوي هذا ؛ فلا سبيل أمامه سوى الرحيل وطلب الهجرة ، للهروب من جحيم التمييز الديني والعنصري الذي يتعرض اليه فى بلاده ، وعلى النقيض ، نرى أقباط كثيرون وصل بهم الأمر إلى الإستلاذاذ بالألم ، وإعتبار المصائب التى تحل عليهم ، من جوهر الديانة المسيحية ، ويتحمل مسئولية نشر تلك الافكار ، رجال الدين المسيحي – الذين روجّوا – للتمييز الديني على انه حماية ( للاقباط وكنيستهم ) ، ليستخدموا التمييز الواقع على شعبهم كورقة ضغط ، لمساومة الانظمة المصرية المتعاقبة ، لنيل بعض المطالب والخدمات لوجيستية النافعة التى تصب فى مصلحتهم ، وبدورها قدمت الكنيسة هى الاخرى خدمات للدولة مقابل منحها تلك الامتيازات والحقوق ، والمقابل هنا جاء مخزي ومذل ، وهو السيطرة على الشعب القبطي وكبح جماح مطالبهم ، نظير الامتيازات الممنوحة للكنيسة ، لنلاحظ هنا تعامل الدولة مع الاقباط بسياسة : ”العصا والجزرة“ وهى سياسة أمنية متبعة ، بدأها الرئيس الراحل أنور السادات ، وما زالت تُمارس حتى يومنا هذا . وتتميز تلك السياسة الرخيصة بمنح الدولة العنصرية أستحقاقات وأمتيازات واسعة لقادة الكنيسة مقابل بسط الكنيسة نفوذها على شعبها والتحكم بمصائرهم دون غيرها .
وحتى لا يتمرد الاقباط على واقعهم المرير ، إستخدم رؤساء الكنائس المسيحية عبارات ومصطلحات روحية للسيطرة على شعبهم لتخدير عقولهم ، ومن ثم إخماد الدعوات المطالبة بأخذ حقوق الاقباط ، ومن أشهر تلك العبارات : ( ربنا موجود ، كله للخير ، مسيرها تنتهي ) ؛ ( نحن لسنا من هذا العالم ) ؛ ( أنتم تصمتون والرب يدافع عنكم ) ؛ ( لا تقاموا الشر بالشر ) ؛ ( أحذروا غضب السماء ) ، وغيرها من العبارات والمسكنات الدينية المطاطية التى دمرت عقول الاقباط طيلة العقود الماضية . وجعلت من المسيحيين خراف تساق إلى الذبح دون أن تتفوه بكلمة ؛ وهكذا أصبح القبطي أسير لدي رجل الدين المسيحي ودائم الارتباط به ، مما أدي لخلق مجتمع ديني مسيحي منغلق على ذاته .
الوسوممايكل عزيز البشموري
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …