الإثنين , نوفمبر 25 2024

نانا جاورجيوس تكتب : لماذا سجنت زّخّات الغيم (3)

لماذا سجنت ألوان البحر…؟

… كيف تسافر لمدن الشمال الحزين و لغربة أيامك و تتركني لحرقة الغياب ويُتم الأيام، لنصبح ذرة تتلاشى في عاصفة الكون، كيف جالك قلب تسافر لتعد لنا الجنة، وجنتنا كانت هنا تكفينا، تحت عنابتنا التي كم ظللتنا وكانت ككأس الماء البارد في ليالينا الحارة !

كنت أدرك أن هذا العالم سينتفي في طرفة عين وينطفئ ولكن لم أستوعب الآن كيف إنمحى كل شيء وكأننا لم نكن يوماً وكأنني لم أسكن نبضك ! كيف تغلق على عالم كان يدار فيه الكون بأنفاسك ، كيف تمسك أنفاس الحياة ولا تدع الفرح يتنفس فينا ، بل كيف في اللحظة التي أدركتُ فيها معنى خريطة إنحناءات هذياننا، تنشطر الخريطة وتتمزق في ليالي صمت ستطول بنا أيامنا لغدٍ لا يأتِ و بكاء لا يشفي،أن أعيشك إنتظارات بلا فجر! كانت تكفيني زرقة البحر وألوان أسماكه وأحشاء صدفاته وهي تموج في أعماق أنّاتها بصمت. حين ينطق حروفه الأربعة،احبك. لم نكن في حاجة يا قلبي ليقينيات العالم، أشتهيت أن أحياك يوماً بيوم ولحظة بلحظة كما كنا وأبدا، فلم تتغير بنا الأشياء ومنذ بدأ الخليقة.

اليوم كلما غالبني البكاء وسط هذا الفقدان العظيم أراك سجنت ذاكرة البحر فيك وحدك، أحيا زرقته ذاكرة موجوعة، مملحة. كانت أمواجه يوماً تشتهي وشوشة أسرارنا، كانت أصدافه تفرح بحكايانا البسيطة، أين نحن الآن في هذه الهوة العميقة التي تتسع بيننا و يشق صراخها الأعماق وتزداد المسافات بيننا كالبحور، لماذا البحر لم يعد يسمع همساتنا و أنا من سمعته يناجني موجه. الجرح عميق لكن لا قوة في الدنيا تمنعني منك يا قلبي. أفتقدك جدااا. مسكون بك وسأظل حتى الموت. ممتليء بك يا عمري وقلبي.

كيف يفرغ البحر من إمتلائه ولم يعد يفتقدنا، ولماذا يسبقنا الموت و نحن مازلنا نبحث عن كلانا وكُلي يشتاق لسكناك؟ لماذا تعمق الأيام جراح ولم نجد حتى في البعاد، ليالينا التي كانت تكفكف ألم غيابنا و تضمد بدفء ملامس الحنين وتداوي عناق النبضات.!!

ஜ۩۞۩ஜ

لا شيئ صار يوجعني إلاك والحنين …

ولماذا تركت بستان ألواننا وسافرت، وتركت قسوة الأيام وبينهما لحظيات فرح مرقت كومضة برقت وكطرفة عين مضت ومضيت معها لتأخذني منبعضي و ما تبقى فينا، وتركت حرب الأوجاع تصارعني بعد أن لامست أناملنا شعلة نبضت ثم ومضت ثم قلب أماتنا في نبضته، والآن نراه يضخ شيخوخة صمته فينا وعبث الأيام. سأبحث عنك بين دفاتر الحروف لعلي أعثر عليك، علينا، سأنصت لما يقوله قلبي. أمنحني فرصة أن أضمك إلى صدر حنين الأبجديات الأولى. مسكون بك وسأظل حتى الموت.

إن كان الليل لا يكفينا لنحلم فيه أكتر من مرة واحدة،و إن كان هذا يسمى حب فإني أحتاج إليه لأشتاقك فيه، أحتاج لعمر أخر فوق عمري، بعد أن وجدتني أحيا كل ألوان فصولي بين يديك بهذا الإحساس وهذا الحنين ليقودني إليك كل يوم بلا أسئلة.

سأبحث عنك في أنات الطيور المسافرة في موسم الإمتلاء بذاكرة جمراتنا المتقدة فوق الرمال، سأقتفي آثار أقدامنا التي لمتمحوها الريح ربما عثرت علينا وتمنحني الحياة نبضها وتلبسني ألوان ربيعها، لأغمض عيني على صدرك كما كنا ولا أفكر في شيئاً إلا فيك فلا أراني إلا فيك ولا ترى عينى شيئاً سوى هذا الحنين لحظة أن يفيض في أنفاس ذاكرة تشتعل كل غروب وتبدو لمعتها في صمت عيوني وشرودها، أتأمل وجه طفولتنا المفقودة.لأبحث عن بعضي التي فارقتني، و لحظة من ضوء أبدية، تمنيت أن يأخذنا الطير المسافر فيها برحلة بلا عودة لعالم لم يعش ألوانه من قبل..

__ من ذاكرة وحيّ البحر

شاهد أيضاً

المصريون يعتقدون بأن “الأكل مع الميت” فى المنام يعني قرب الموت .. وعالم يؤكد بأنه خير

يستيقظ جزء كبير من المصريين باحثين عن تفسير ما كانوا يحلمون به بالليل بل ويقضون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.