واحد.. إثنان.. ثلاثة ..عشرة ومائة ثم عشرة ..ثلاثة..إثنان ..لنعود للواحد البراق في دائرة اشتعال اللون بوهج الحكاية ، درب من براح سهول اللون المتصاعد على درج الموسيقا المتألق ، تكاد تسمعه حين تمر بك بهجة السرد في لوحات سهيل بدور – فنان المثابرة والمرح – حيث اللون الراقص مابين أزرق الشجن وأحمر البذل يتوهج خصيب الأخضر ، هي سمة الجلاء الوجداني والإيمان بالأنثى .. أنثى الصلابة والحضور الآسر ، الأنثى .. سيدة الفكرة وأيقونة اللوحة ورفعة الوطن بل سيدة الكون ومبتكرة الحياة ،صانعة الحضارة وكرامة التاريخ ، عشتار هي .. ربة الإختراق حيث الحب والجمال والنماء وسليلة الإيقاع لشدو عذوبة الاستقامة ، حين تمر برواق النغم في لوحات بدور تجد نفسك للوهلة الأولى وقد انزلق فيك دفق الروح طواعية إلى ساحة من عازفات الموسيقا المبهرات ، منسكبات الروح على أوتار العتق ، حاملات المسرة وإجادة التجاوز بأوتارهن عبر العصور المثقلة بالصراعات والتناقضات المجهدة ،على عاتقهن يحملن تفاصيل البدء وملء السر لأسفار الخروج من رحم الأزل وحتى منتهى الإرتفاع ، هن المكلفات بقيادة الحياة حيث قامة الحرية وثمار الضوء السعيد ، يسردن الحكايا يبوحن بدقة الأساطير الممتازة ، عبر اللوحات المنتقاة جاءت كلها معتقة بروح الأنثى ناصعة الرؤية سواء كن متسامرات معا أو جلسن بمعزل عن بعضهن ، في كل الأحوال الحلم واحد ..الوطن واحد .. والطريق الأجمل أيضا واحد هو طريق الرقص على الأوتار والنايات صانعة الغبطة والكيان الحي ، أيضا تفرض ملامح الوجوه تأثيرها بحميمة اليقين بالوجود الضاج بسحر التلاحم الفطري مع اللون في حيز بمتسع وطن بل الكون كله دونما حدود أو إنحناء أو تخاذل ، فالوطن عند بدور لايقتصر على جغرافية الحدود لكنه يتنامي ويمتد عبر المسميات والأعراف لحتى التماهي في الأفاق والعمق –الوطن هو الطموح الأمثل للتناغم والإتساق مع مفردات الحياة في بساطة وهدوء ، لذا جاءت اللوحات مختلفة التعبير ، كانت المفاجأة والبطولة فيها للأنثى.. هي محور التعبير عن كافة اطروحات هموم اللون والفكرة ..
رسم سهيل بدور الحقيقة بعنفوانها التي لاتقبل للتأويل أوالمقايضة ،عشتارالروح ، عازفات حتى المرح ،عازفات حتى الألم ، عازفات حتى المستحيل ، حتى هدم المألوف وسحق غبار التردي متى طعن الجمال الفطري بحراب الخوف ، هن عازفات سهيل بدور، ممشوقات القامة ، أنيقات الخصر والإتكاء ، متحديات الرؤى ،المبعوثات بصمت صيحاتهن فوق صهوة المضي بريقا وحضورا، ليعشن ثورة الحركة والقيامة من رقدة الاستسلام للركود وإنتظار المبادرة ، يتحدين الموروث القهري للإختصار والعزلة ، يغلبن ضجة النزاعات بتسلل درج الموسيقا لخلايا الصقيع فتتورد الروح بالوجل والكون بالاستقامة .
يهزم بدور بروحه المولعة بموسيقا التحرر كل سياج العتمة وصلابة الجليد المتوحش وكتل العنف المتساقط رغما عنا لتعلن خطوطه في كل المساحات اللونية أنه ليس ثمة مسافات وليس ثمة أنظمة أو قوانين وأن الأرض تتسع للإحتواء النبيل وأن الحياة لا يحركها سوى الموسيقا ، الأوطان لن يحررها غير الفنون والجمال لأبعاد أكثر نورا وفهما وسخاء وعذوبة – هكذا تُبنى الحضارات وتسطّر الصفحات برقي ثقافاتها بينما اليقين بالأنثى في مسيرة التغير الفائق هو ذروة الإبداع ،هكذا تـُقهر أعتى ممالك الطغاة ، تذيب الطرق المغبرة بالتوجس وتصنع اختراقا بارعا– تبقى لوحات بدور تحمل كل ملامح المثابرة والإصرار ومسؤولية القرار وتؤكد ان الحياة تفرض قوتها برسوخ موسيقاها ..
شكرا لألوان سمعناها وتمايلنا مع نغماتها بسكوت ، شكرا لمرور جذب الوجدان للإننصات أمام سمو عازفات هن حاملات المسرة ..