الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
ماجدة سيدهم

كانت القيامة في حضنه

كل سنة وأنتى طيبة ..

وأنت طيب حبيبي ..

الأحد القادم تكونين في حضني ..

ثم أغلق الخط متمنيا لها سعفا سعيدا .

أما القادم هو أحد  القيامة والنهوض من الموت للحياة ، فكيف لي أكون في حضنه ..  تناولت حقيبتها وسعفاتها الوردية  المعطرة بدغدغة  حلم الخلاص والفكاك من  نير سنوات  العتمة المضنية

 الأحد القادم تكونين في حضني .. قالها على سبيل العشق المجازي ورددتها بإتقان كتلاوة  محبية ، لأول مرة  تمر أمام المرآة تقف .. تتنفس  ..تبتسم  كظبية خارجة لتوها من برية  الفراغ الموحش ، تكتشف ملامحها  والتى إحالها السرور إلى شفتين .. ذقن .. وجنتين ..عنق  ..أدارت برأسها  لليمين واليسار والقت  بتعب الاختزال  إلى الوراء ..

بإشتهاء عاشق للمثول أمام عرش الوجد تتذوق شهيق البرودة  بلذة  الفائز بطموحه المتراكم .. تتحسس بنعومة 

الاكتشاف  كل خلايا البوح والتى  بدت تتحرك تجاه  حس الكلام  الراقد على أرفف الوجدان  طيلة أمسيات كثيرة  ماعساه يكون الاحتفال إذن .. الوقت  يداهمني  وقارب المضي على قرار بدء الصلاة  .. هيا الآن

يا إلهي ..ركض الدماء في الوريد أقوى وأسرع من معدل السرعة  المعتادة  للوصول ..ضجة ما أو ثورة  هائلة حدثت

في كل التفاصيل المتسقة مع الرتابة والأناقة المشوهة بالعزلة .. بدا الطريق اليوم  أكثر تعثرا ، وبأت الوصول بطول مسافة  الانتظار الممتلئ  بالحنين  وترقب القيامة المفرحة ،  هو الجسد الميت بفعل خطيئة الحياة المؤجلة .. ” يا حبيبي لو كنت هنا قبلا  ما مات الجسد  وما تخثر نوره ببقايا رماد وجلد ..” عاشت تفاصيل بصختها  بشغف معتاد  لأسبوع الاحتدام ..

” أذكرني يا حبيبي متى حللت فيك  وحللت  بروحك  في أنات أحشائي..” سبعة أيام  من أوجاع الدهشة  وحلم الخلاص  تتضافر  جميعها من أجل الأحد القادم ، فيما  يلاحق المشاوير ارتطام  الأمواج الصارخة بالمكاشفة  ..” لقد أكتمل كأس مُرك ..وزمنك هو للعشق  الذي دُعي عليك ” ..عصف  الارتباك  فجر  ملكوت التفتح  بالانبهار .. وثار الاحتشاد المتوهج مؤامرة رائعة  للنزال بالجسد إلى حلبة التسليم  اللذيذ ..” ثقي  يا محبوبتي  أنا بك قد غلبت الهزيمة .. فقط اغمضي عينيك وبي تشبثي جدا ..  ..هناك فوق الغابات وتصاعد موسيقا الجبال  نرصد  كيف يتجلى فينا  هذا الالتحام المروّع  ونعيد سويا  للإله ثقته  من جديد  .. حين نصير في لحظة الانشطار الكارثي  تألقا فريدا معه  وكذا  مع سائر الاختراعات الحية ولا شريك لنا ..”

 هكذا  يرتفع  بها  حدة الصراع  المتداخل  الذي أطاح معه كل موائد الحذر والتوجس  والتردد  ”  الجسد هو للقداسة  المفعمة بالعشق ..وأنتِ جعلتيه مغارة  لسكنى الخواء والموت بلا رجاء .”.

 تقترب الأيام ببطء سريع ..واحتشاد هائل للاعتراك  في  برد مضجعها ذاك حال دون راحتها ..لكنها  تتراجع  حين قررت المغادرة عن كل حواسها  ومصادرة  فرصتها المتاحة للخلاص ..تجدد هربها .. واحكام  خيوط  الوحشة  بالمزيد من الآثام  المتراكمة .. الخوف من مغامرة  المحاولة الأولى ..من مغامرة المصالحة مع الجسد وعزل زؤانات التخريب والتفتيت  المهلك  لهيكل الحب المضيء ، رغم فخامة  القوة  التى تتحلى  بها وهما وامتثال الصلابة  يذوب  الكيان كله  ويتهاوى مع صوت يأتي عبر الهاتف  ” انتي فين ..؟ ” ..

“مالكِ مدوسة  بصلف عنادك ..عريانة الروح بعريك العتيق .. لقد اكتمل كأس غربتك وزمنك الآن هو للاكتمال  ” ، وتسير الطريق حيث الاحتفال بالأحد القادم  قد حل  .. تحلت بزينة  الولع  بالتردد  وتغلق كل  نوافذ  المطاردة .. حسمت الأمر إذن  حين توجهت  لطقوسها المعهودة والمتكررة .. فخوض المغامرة  أقوى من صلابتها واحتمالها

 لذا راحت تتجلد  ..تبتلع غصتها  ..تبكي جدا.. تلتهم الطريق  بالارتباك  ..تنصت  لضجة الشوارع والمارة ،  تختلط بالوجوه  كي تهدئ من  ملاحقة إلحاح شاق  بداخلها ..يكاد يمزقها  ويحيلها إلى  جمرات متناثرة تحترق .. تخترق الزحام  مهرولة  كمن يلاحقها  أحد ما  وفي داخلها تتوسل حلم المباغتة والأسر الجميل .. تقاوم و تتجلد .. أسرعت جدا  فقد حان وقت الصلاة ..يتوافد الجمع  بأناقة تليق.. وتركض  لتدفق النبض كله وتجمع السريان  كله .. تلهج روحها بالرعشة كلها واحتشد النداء ملء  أصابع رجفتها  حين ضغطت  مندفعة وأحدثت  بقوة  جللا في الرنين فانطلقت  مدوية أجراس الكنائس كلها  ضاجة بالتهليل  حين ركض وفتح  لها الباب  كان هو بدء مراسم  تفاصيل المغفرة وقيامة العهد الجديد ..هكذا  اندفعت تلقي  بدفق روحها على كتفه  فضم  جدا تشردها  ما بين  احتواء وترانيم

 مسح عن جبينها حليب غيمة بللتها  بدمعات شغف الحنين إليه ..ولازال قرع الأجراس بالخارج يدوي  فيما راح يرسم علي شفتهيا قربان القلبة الأولى فيحيل عنها  عذوبة الملح إلى  موسم الكرمة المشتهاة .. يسكب كأس خمره على صفحات من الآثام المخيفة .. ” وإن كانت  يا حبيبتي عتمتك هائلة فأنا أحولها إلى شراع من صيحات ملونة ،  مهما كانت أثام عزلتك سأجعلها  حيوات مبهرة وكالنسر أجدد شبابك المؤجل …”

هكذا  أطفئت الأنوار لهول الاختبار وصار وجل الترقب  لموكب الدخول إلى العمق  الأبهى .. دقي يا طبول الفرح وارتجي يا أبواب العتمة ..  وليشق خرس القبور صهيل النداء الجامح  ..هو ذا  فارس الحياة  يشهر سهام الصيحة  في غشاوات الليل  .. يخترق حدود الصمت بخشوع عظيم  .. تمتزج لذة الصراخ بتصاعد  دوي  الأجراس فيعيد فيها براعة التشكيل  بينما تصفيق الجموع  خارجا يزلزل المسكونة  حين  صار العواء في مضجعه  مريعا  بانشطار الجسد الحي إلى الاكتمال الممجد .. هي القيامة ..

 أضئيت الأنوار جميعها  دفقة واحدة  ” هلليلويا .. هلليلويا ”  فأشرق على جبينها الضوء المشير  .. توهجت الملامح بالعناق الوردي  حين تبادل الجمع  تهنئات أفراح القيامة ، وما كفـّا  العشيقان عن تبادل الأمكنة  في حيز المضحع  الفريد حتى  راحت في حضنه تنعم بقيامتها  الأولى  وبنوم مطمئن  حيث لا مزعج   ..!

شاهد أيضاً

رحمة سعيد

كيف نحمي البيئة من التلوث؟

بقلم رحمة  سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم  إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.