توقفت كثيراً عند جملة كتبها الأديب الكبير توفيق الحكيم في كتابه (عودة الوعي): “إن المهمة الكبرى لحامل القلم والفكر هي الكشف عن وجه الحقيقة” .. تأملتها باسماً ، وحينما جرجرني ذهني إلى واقعنا ضحكت ، ولما سحلتني ذاكرتي بما تختزن بخبرات سابقة كان فيها حامل القلم “حامل” سفاحاً .. أمثلة كثيرة استحضرتها جملة الحكيم هذه ، أمثلة لحوامل أقلام .. ذهبوا بقلمهم أقصى اليمين ، حتى صارت أقلامهم كعصا الطبول ، تجعل من حاملها بلياتشو يلعب دوراً سخيفاً مكرراً ، يطرق الطبول بنفس النغمة ، وليس لديه مانع من كشف مؤخرته للجمهور إلهاءاً ، حتى لا يطلب غيره .. ويظل يسفه ويخون من يحمل قلماً مختلف اللون عن لونه الوردي ،
وبما أن اللون الوردي هو اللون الرسمي ، فلديه من السلطة ما يدفعه للأمام ويعرقل أصحاب الأقلام الزرقاء والسوداء والحمراء من المنافسة الشريفة وطرح رأيها.
ومن حوامل الأقلام من ذهبوا بأقلامهم إلى أقصى اليسار .. حتى ذهبوا إلى منطقة خطرة على صخرة الجرف المرتفعة ، أمسكوا فيها طرف جلباب الوطن ، وهددوا الجميع بدفعها من أعلى الجرف لتسقط وتترضض على الصخور صريعة ، إذا ما تعرض لهم أحد بسوء.
النوع الثالث ممن يحملون قلماً حساساً ، ثقيلاً ، شريفاً ، هم النوع المضطهد من النوعين السابقين ، فالنوع الأول والثاني يسفهونه أو يخونوه دون النظر لما يكتب ، أو مناقشة وتفنيد ما يكتب بشرف ، وعرقلته باستخدام السلطة ضده من جانب اليمين المتطرف ، أو استخدام مؤامرات تمويل الطابور الخامس بقنواته الفضائية وصحفه وجمعياته من الجانب الآخر.
وعندما ذهبت لعبارة “الكشف عن وجه الحقيقة” نظرت تحت أرجلي خجلاً ؛ فالحقيقة مخجلة .. الحقيقة صعبة .. الحقيقة شعرت أنها عورة ، تأبى ألا يراها أحد أو يكشف عنها .. سيخجل الجميع لو رفعت عنها ما يحجبها ، هذه هي ثقافتنا ، إن أردنا مواجهة الحقيقة!
الوسومإيليا عدلي توفيق
شاهد أيضاً
المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى
كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …
تعليق واحد
تعقيبات: تخاريف ترامادولية ..أنتوســــــيد . – جريدة الأهرام الجديد الكندية