بقلم المهندس / نادر صبحي سليمان
لا تعرف الناس معادن بعضها البعض الاّ في الشدة، فكم من الذين كنا نحسبهم اقرب الناس الي قلوبنا و خذلوننا عند الوقت الصعب و عند ظهور أول شدّة تخاذلوا وخذلونا وكنا نضع فيهم كل الأمنيات و كل الآمال و دائما ما نقرأ عبارات مكتوبة على صفحات التواصل الاجتماعى الفيس بوك و الواتس اب و انستجرام .. الخ و بعض البوستات المنشورة ،تعبر عن نفس المعنى او نفس الجملة و هى في أصلها تكون حكم مبنى علي خلاصة تجارب مريرة و قاسية ً، او قد تكون نتيجة صدمات تركت أثرا بالغا لديهم ، ولكن العبارة التي لم تبارح الذاكرة عبارة أو حكمة كانت مكتوبة و نراها علي الزجاج الخلفي للشاحنات و السيارات و الميكروباصات و الأتوبيسات و هى “عاشر السبع ولو أكلك ولا تعاشر الضبع ولو حملك” كثيرا كنت أقرأها و لا ادقق في معناها و عمق ما تحملة هذة الجملة البسيطة من أن يختفي خلفها قصص كثيرة و مأساة و صدمات عاشها أصحابها
ولكن و للاسف قد عرفت معناها في فترة متأخرة، وعرفت ان السباع هم الناس الذين لا يخذلونك و لا يبتعدون عنك في شدتك و لا ينسحبون من حياتك في أشد لحظات الاحتياج إليهم بل يبذلون أرواحهم في سبيلك، والضباع هم الذين يغدرون بك ويستخدمون أقذر أسلحتهم في الغدر بفريستهم و ليس لهم أمان.
في هذا الصدد قالوا الشعراء .. الســـــبعُ ســــبعٌ كلَّــــت مخالبــــه .. والكلب كلبٌ ولو بــين الــسباع رُبّي وهكـــذا الذهـــب الإبريـــز خالطـــهُ
صفر النحاس وكان الفضــل للذهـبِ لا يُعجبنـــــك أثـــوابٌ عـــلى رجـــل دَعْ عنـــك أثــوابَه وانـظرْ إلـى الأدبِ .. فالعُودُ لـو لــم تُفــحْ منـــه روائحـــهُ
لم يفرق الناسُ بين العُودِ والحطبِ وليـــس يســـودُ المـــرءُ إلا بنفســـه وإن عد آبـــاء كرامـــاً ذوي نســــبِ .. إذا العـــود لم يثمــر ولو كان شـــعبة
من المثمرات اعتدّه الناس من حطبِ.
وقال أبو تمام:
إذا جاريــــتَ فــي خُلُــــــقٍ دنيئــــاً فأنـــتَ ومَــــــن تجاريـــــه ســــواءُ .. رأيـــتُ الــحرَّ يجتنـــــب المخـــازي .. ويـحميــــه مـــن الغـــــدر الوفـــــاءُ .. ومــــا مــــن شـــــدةٍ إلا ســـــــيأتي .. لهـــا مــــــن بعـــد شـــدّتها رخـــاءُ .. لقد جرّبــــتُ هــــذا الدهـــر حتـــى
أفادتنــــي التجـــــــــارب والعنــــاءُ يعيــــش المـــرءُ ما اســـتحيا بخيــر ويبقــى الـــعودُ مـا بقـــــي اللحــــاءُ .. إذا لــم تخــشَ عـاقبـــــةَ الليــالــي ولــم تســـــتحِ فاصــــنع مـا تشـــاءُ