بقلم: نبيل المقدس
ملحوظة : سوف لا أمل ألتحدث عن السلفيين حتي إلغاء أحزابهم طبقا للدستور…!
سوف لا أنكر أن هناك مشاريع عملاقة تمت بإصرار من الشعب المصري الأصيل
وتوجيها من رئيسهم السيسي .. في إقامة الكباري
وإختراق الجبال لعمل الطرق
والبدء في تجديد المساكن العشوائية .. ولا ننسي المشروع القومي وهو شق قناة السويس الجديدة
والإنتهاء من توسيع ميناء بورسعيد ..
ومن تحويل الأراضي الصحراوية إلي زراعية , و رجوع علاقتنا مع البلدان الخارجية
لكن كل هذه المشاريع صارت كما لو لم تكن , لوجود مادة الإزدراء في الدستور .
وكلمة الإزدراء قنبلة نووية جبارة علي العباد فهي تعني باللغة العربية الإستخفاف أو الإحتقار
وياويل مَنْ يزدري أو يستخف بالديانات أو يقوم بتحقير الأنبياء ورجالهم وأهل بيتهم .
العجيب أننا بعد ثورة 25 يناير ظهرت نوعية تتخذ العقيدة السلفية منهجا لهم .. “أنا أشك في مصريتهم”
وبدأت تتحكم في مجريات الأمور بإتحادهم مع جماعة الإخوان .. مستغلين ضعف الأحزاب
والحركات المدنية في وقتها . فهم يرون أن مصر يجب ان تكون دينية بحتة .. ويُسيّرُونها طبقا ما يؤمنون به
و يطوعون الدين لأنفسهم إلي أغراض دنياوية بحتة من شهرة وثراء ومراكز وتسلط بقوة السيف
وتكفير مسيحيي مصر وربما يصل الأمر إلي طردهم وقتلهم وسبي النساء والأطفال .
وقامت ثورة 3 – 7 – 2013 بكل عظمتها وإختفت هذه الجماعات السلفية إلي حين, وتم تدمير
وتشتيت أولاد عمهم الإخوان المسلمون .. وظن الشعب المصري الأصيل أن إنتخابه للسيسي
سوف يُوجه مصر إلي دولة مدنية متقدمة .. وهذا يعني ان البلاد سوف تعيش
في الحريات الشخصية والدينية والفنية والفكرية وغيرها من مقوّمات الحريات.
وظننا أن هؤلاء مَنْ يتخذون الدين المتطرف سلاحا لهم في توصيل مصر إلي دولة دينية
بانهم إختفوا وتاهوا في فرحة الشعب بالحياة الجديدة , حيث ان أفكار هؤلاء السلفيين
لا تتناسب مع الطبيعة المصرية , ولا الشعب يقبل أن يحتضن الفكر السلفي
الذي تنادي به هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة .. وهذا لكون الشعب المصري بإختلاف عناصره
شعب متدين في الأصل , فلا يقبل الوصاية عليه .
لكن ما تعجْبنا منه أن المؤسسة الرئيسية تركت الحبل علي الغارب لهؤلاء المتطرفين .. وتدريجيا
وفي لحظة وجدنا انفسنا أمام طاغور السلفيين .. فأخذوا يلقون التهم التي تزدري بديانتهم
” عمّال علي بطال ” بحجة الحريات الموجودة في الدستورفي حقهم رفع القضايا
وفي نفس الوقت وجود المادة الثانية من نفس الدستور الذي ينص علي ان مرجعية القوانين
هو الدين الإسلامي .. ومن كثرة إستخدامهم لهذين المادتين
أصبحت المحاكم مشحونة بقضايا الحسبة وقضايا الإزدراء
وتحولت خطط البناء وتحديد الإنتهاء المشاريع إلي تحديد جلسات قضائية لتهم الإزدراء.
وتفرغنا ووضعنا كل إهتماماتنا في الدفاع أو الهجوم لكل مَنْ تم إتهامه بإزدراء الدين الإسلامي
أو خالف امر الله بقصد أو بدون قصد .. وكأن الإسلام أصبح في خطر التلاشي
وهذا يدل علي ضعف ما يؤمنون به .. وهذا عار في حقهم , نحن لا نقبله كمسيحيي مصر
لإخوتنا المسلمين والمتحدين معنا بالوطن منذ الآف السنين ,و أن يكونوا في هذا الموقف.
ومن قرائتنا للمادة الموجودة فى قانون العقوبات تحت رقم 98 فقرة [واو]
نكتشف أنها تحدد الجريمة ” لأنه لا يُوجد تهمة جُرم بدون هدف جنائى”
حيث تنص المادة [بأن كل مَنْ إستغل الدين فى الترويج بالقول أو بالكتابة
أو بأية وسيلة لفكر متطرف ” بقصد ” إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان]
فهل تم تحديد الجُرم الحقيقي بما فعله الصبية الخمس ؟
هل كان المقصود منه جرم ضد الدين الإسلامي أم تمثيل عما يفعلونه الدواعش ضد البشرية ؟
هل أتي هؤلاء الصبية بحركات من تأليفهم أم هذه التصرفات يقومون بها الدواعش !!؟
هل ما قالته المهندسة الكاتبة فاطمة ناعوت كان رأيا بقصد إثارة فتنة أو تحقير أو ازدراء دين
هو دينها الذى لم تعلن لحظة أنها خارجة عليه بل متمسكة به ؟
أليس طبقا لتصورها أن وجود دماء الأضحية تجري في الشوارع يثير الدهشة والإستغراب
وكأننا في مذبحة زينهم .. أليس منظر الذبح والدم ينقص من قدسية هذا الفرض !؟
هل برامج الشاب إسلام البحيري الذي أراد أن ينقي كتب التراث من العورات التي تملأ صفحاتها
” حسب قوله”, مساهمة منه في تجديد الخطاب الديني “الذي أوصي به الرئيس”
كما عمل علي تصحيح المفاهيم الخاطئة والتي شوهت الإسلام من تحت رأس فتواي شيوخ الغبرة
والذين علي وشك السيطرة علي المؤسسة الإسلامية ” الأزهر”
وسحب البساط من تحت أرجل شيوخها المخلصين الموجودة الأن في حرم الأزهر.
أكيد مادة الإزدراء الموجودة هي سيفا علي كل مَنْ يريد أن يفكر ويدرس ويطور
أكيد مـادة الإزدراء ستزيد من نقص إتمام المشاريع التي ربما تكون مخالفة للشرع في نظر السلفيين
اكيد مادة الإزدراء سوف تثبط من حماس القائمين علي السياحة والعلاقات العامة الخارجية
أكيد مادة الإزدراء سوف توقف إنطلاق مسيرة المرأة وتقييدها حتي تصبح غير فاعلة في المجتمع
أكيد مادة الإزدراء سوف تهدم جميع معالم مصر القديمة من أثارعلي أساس وجودها علي ارض مسلمة
هو رجس وإستخفاف بالدين الإسلامي.
وأخيرا وهذا هو الأخطر وجود هذه المادة سوف تثير الفتن بين الطوائف الإسلامية
وبين مسيحيي مصر… وغيرها من الطوائف الإسلامية .
عَبّرَ عدد من الأحزاب السياسية والمراكز الحقوقية، عن انزعاجهم من تقاعس مجلس النواب
حتى الآن عن إلغاء النصوص التشريعية التى تعاقب بعقوبات سالبة للحرية
على ممارسة حرية الرأى والتعبير بالمخالفة للدستور.
ونوه البيان عن أن الدولة تهتم بتحريك البلاغات أو إصدار الأحكام بشكل خاص
عندما يتعلق الأمر بازدراء الدين الإسلامى وهو ما يتنافى مع مبادئ المواطنة وعدم التمييز
مضيفا أن تلك الحالات ترتبط بانتهاكات أخرى للحق فى المحاكمة العادلة
مثل الجلسات العرفية والعقاب الجماعى لأسر المتهمين وخلافه.
هذه المواد الأن والتي تشير إلي تقييد حرية الفكر في ملعب مجلس النواب الذي إختارهم الشعب .
فهل لديهم القوة والجرأة في الغاء مادة إزدراء الأديان ؟؟
هل يا تري سوف يحقق هذا المجلس ما ننشده في الغاء كل المواد التي تثير الفتن بين صفوف الشعب
وتؤخر تقدم البلاد …. هل بستطيع مجلس النواب أن يبعد شبح الدولة الدينية التي تبدو من بعيد
أتمني ..!