الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
البابا شنودة والراهب أباكير السرياني

فى ذكرى رحيله أباكير السرياني نموذجاً للراهب المثالى (1957-2002م) .

د.ماجد عزت إسرائيل
كان اشتياق “صفوت وليم إسكندر” للرهبنة كدعوة وليس كواجب، لان الله يعرف كل شيء، قبل أن يكون، ويعرف كل شخص قبل أن يولد”،فبعد تخرجه من كلية الطب القصر العينى(جامعة القاهرة)  فى نوفمبر1981م،وتأديته

الخدمة العسكرية،وأيضًا عمله بالمستشفيات الحكومية كواجب لوطنه

وكذلك عيادته الخاصة التى جعلها لخدمة مرضاه من الفقراء،وربما كانت هذه المرحلة فترة إعداد جيدة

قبل الرهبنة التى كانت تمثل له حياة الوحدة والزهد والنسك والصلاة والتسبيح

بجانب العمل اليدوي بقصد التبتل مع اختيار الفقر طوعا، لأنه إدرك ان حياة الراهب

يجب أن تكون كفاح وحرمان وإنتاج من أجل هذه الرسالة السامية التى يجب أن تنعكس

على البشرية كلها بمعرفة الله.


كما أن الرهبنة النموذجية فى نظر صفوت وليم إسكندر كانت كنوع من الاستشهاد

من خلال النسك وتحري أمانة الذات وهجرة الشهوات، بالإضافة إلى الرغبة في البعد عن المجتمع

المليء بالمفاسد والنجاة منها ،كما تأثر بالعديد من إشارات في الكتاب المقدس

تدعو إلى فكرة الرهبنة نذكر منها قول السيد المسيح للشاب الغني:

” إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني”

وأيضا قوله لتلاميذه “إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني

فإن أراد أحد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها، لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه

وقوله في موضع آخر “من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني …..

ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني ومن وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلي يجدها”.

وكانت فترة الأخ ـ لقب يطلق على طالب الرهبنة ـ صفوت وليم كراهب تحت الأختبار بدير السريان

حياة تسبيح وتأمل،ودائما ما كان يردد أشعارللراحل لقداسة البابا”شنودة الثالث”

البطريرك رقم (117)(1971-2012م) وخاصة هذه الأبيات الشعرية:

أنا في البيداء وحدي

لي جحر في شقوق التل

وسأمضي منه يومًا

سائحا أجتاز في الصحراء

ليس لي دير فكل البيد

ليس لي شأن بغيري

قد أخفيت جحري

ساكنا ما لست أدري

من قفر لقفر

والآكام ديري.


على أية حال،بعد رسامة صفوت وليم إسكندر راهباً بدير السريان ببرية شيهيت بوادى النطرون

بعد أن إجتاز فترة الأختبار عرف باسم الراهب” أباكير السرياني

وقد أسند إليه رئيس الدير نيافة الأنبا “متاؤس” العيادة الطبية الخاصة بالدير فكان نموذجاً ف

ى مواعيد عمله ورعايته للآباء الرهبان وأيضًا العاملين بالدير،وبين عشية وضحاها ذاع صيته

فعرف عنه تواضعه ومحبته للكل.وبجانب ذلك إلتزامه بحياته الرهبنة فى حضور التسابيح والقداسات

وخلوته الروحية مع نفسه ولا أبالغ فى القول أن قلايته تحولت لمكان للزهد والتقشف

ومنارة للتعلم وكتابة العديد من الوعظات والتسابيح و الروحية ،وكتابة العديد من القصائد الشعرية.

فنذكر على سبيل المثال قصيدته عن قداسة البابا شنودة الثالث المتنيح باسم “

يا شمعة القرن العشرين،ومديحة للقديس الأنبا يحنس كاما،و أباكير ويوحنا ،نذكر منها :

فى كنيسة البتولين……. الأبكار المتنصرين

بسبح كل حين ……….. بنيوت آبا أباكـير

مع أباكير الطبيب. …….. ويوحنا الحـبيب

ولباس الصليب………. . بنيوت آبا أباكير

وترك لنا الراهب أباكير السرياني مقالته عن”الموت” التى تعد مصدراً لدراسة ثقافة الموت عند الأقباط

وهى خلاصة رسالة عن الموت كتبها القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة إلى شعبه حينما حدث في إيبارشيته وبأ

أو مرض خطير حصد الكثيرين من أبنائه، فإنزعج البعض وحزن لأجل أقاربه وأحبائه الذين ماتوا

وإعترى الآخرين خوف شديد أن يصيبهم هذا المرض اللعين ويقضي على حياتهم

كما قضى على الآخرين، فكتب لهم أبوهم الروحي وأسقفهم الساهر هذه الرسالة يعزي الذين فقدوا أحباءهم

ويشجع الخائفين من الموت أن يكونوا ثابتين ومؤمنين حقيقيين لا يهابون الموت الذي يسميه الجسر الذهبي

الذي يوصل إلى الحياة الأبدية مع الرب يسوع والملائكة و القديسين.


وللأمانة العلمية والتاريخية قد عرف عن الراهب أباكير السرياني محبته للرهبنة

وحياة النسك وللعلم والمعرفة فكان نموذجاً للراهب المثالى، وأيًَضا كان يقضى وقتاً كثيراً

فى القراءة والبحث والصلاة وحياة التسبيح،وهذا ما أكده القمص”بيجول السريانى”

بطريق غير مباشر لكاتب هذه السطور

الذى قضى سنوات كثيرة من عمره بدير السريان

ففى ذات ليلة وأنا ابحث وجدت قصاصة (غلاف نوته صغيرة ترجع فترة السبعينات) ورق بسيطة مدون عليها اسم الراهب وعنوان سكن ، فسألت كعادتي أبونا بيجول فسرد لى بمحبة كبيرة مواهب الراهب أباكير السريانى 

وتردده الكثير على مكتبة الدير،وثقافته وحبه للرهبنة و للبحث والكتابة الأدبية والشعرية والروحية

وهذا ما دفعنى للتأمل والدراسة فى شخصيته كنموذجاً للراهب المثالى، وكذلك زيارته فى مدفنه

فى صباح اليوم التالى،والمدون عليها رقد فى الرب يوم 26 مارس 2002م، ودفن فى الطافوس الغربى

يوم 27 مارس200م،ولا نملك إلا أن نقول مع الكتاب المقدس “ذكرى الصديق تدوم للأبد” !

ونياحا للروحة الطاهرة وللأسرة ومحبيه خالص العزاء.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.