الإثنين , ديسمبر 23 2024

مجد القيامة .

  أنطوني ولسن
نفتح الكتاب المقدس، نقرأ من انجيل يوحنا الأصحاح الأول، والخمس أعداد الأولى: ” في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس، والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه”.
ونقرأ أيضا في نفس الأصحاح، والعدد الرابع عشر: “والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا”.
في بداية هذا الأنجيل “انجيل يوحنا”، وفي أول كلماته: “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”. و تأتي بعد ذلك الآية، التي تقول: “والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا”. في هذا نجد، انه لا شك في ألوهية الرب يسوع المسيح. ان تشككنا في مولده ونشأته وقلنا أنه انسان مثل آي انسان على الرغم من أن مولده لم يكن مثل مولد أي أنسان؛ لأن التي حملت به مباركة وجميع الأجيال تطوبها وقد حل بها الروح القدس وحملت به.
لو أردنا أن نتحدث عن سنوات الكرازة الثلاث التي بدأها الرب يسوع المسيح بعد عمادته في نهر الشريعة، وكل ما فعله في خلال السنوات الثلاث من معجزات وآيات أتى بها، لم تعط لأحد من قبل ولا من بعد، إلا أن الإنسان أيضا ظل متشككا، حتى من تبعوه وآمنوا به، كان الشك يدخل قلوبهم في بعض الأحيان.
تأتي فترة ما قبل الصلب وما قبل الموت وما قبل القيامة، وما بعد القيامة فيها من أحداث وأخبار ما لا يدع مجالا للشك في من هو المسيح.. أهو إنسان أم إله متجسد، كما قال يوحنا: “والكلمة صار جسدا وحل بيننا ..”
قبل الصلب دخل أورشليم دخول الملوك الفاتحين على ظهر جحش ابن أتان. في أورشليم أظهر ذاته الألهية عندما دخل الهيكل وطرد الباعة وضرب الصيارفة بالسوط، وهو يقول: “بيتي بيت الصلاة يدعى وقد جعلتموه مغارة للصوص”. بيتي.. نقول عن أماكن العبادة أنها بيوت الله. وقد قالها هو بنفسه عن نفسه: “بيتي بيت الصلاة يُدعى..”. بعد ذلك قال لهم اهدموا هذا الهيكل وابنيه في ثلاثة أيام. لم يفهم احد ماذا يعني بهذا القول؛ لأنه من غير المعقول في المفهوم البشري، أن يُهدم هذا الهيكل في ثلاثة أيام والذي استغرق بناؤه ستة وأربعين عاما. لكنه كان يعرف مقدما ما الذي سيحدث!.. فكان يعني هيكل جسده عندما يُصلب ويدفن لمدة ثلاثة أيام ثم يقوم من القبر منتصرا على الموت “أين شوكتك ياموت!..أين غلبتك يا هاوية!..”.
نأتي الى سؤال مهم جدا، يجول بخاطر كل انسان حتى المؤمن نفسه، وهو: هل كان من الواجب على الله القدير أن يُصلب ويُسفك دمه بهذه الطريقة؟.
للإجابة عليه “نعم ليس غير طريق الدم طريقا للخلاص”.
ولعلم الله المسبق أخذ يُعلم الأنسان منذ أن خرج من الجنة بعد أن تطاول وحاول أن يأخذ المعرفة لنفسه بنفسه ونجد الله يشير الى خلاص الدم. قبول تقدمة هابيل المذبوحة ورفض تقدمة قايين من الأرض.
اشارات كثيرة في الكتاب المقدس تثبت ضرورة وجود الدم للخلاص”دم الحيوان كما حدث مع هابيل وأبونا ابراهيم وابنه اسحق”.
لذا لم يكن بين بني البشر سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل من يكون دمه ثمينا ليكون تقدمة خلاص للإنسان سوى دم ابن الله الحي يسوع المسيح.
قد نتساءل أيضا: لماذا الصلب؟ لماذا لا تقطع رأسه كما حدث مع يوحنا المعمدان، مثلاً؟
لكن الصليب هو خشبة العار في ذلك الزمان. والصليب في هذه الأيام عند بعض الناس عار أيضا فيحتقرونه ويدسون عليه ويهزأون به. لكن الصليب عند المؤمن الحقيقي هو رمز عز وفخار ودليل انتصار على كل الآلام والمهانات والأحتقارات.
صُلب المسيح!..مات المسيح!..قُبر المسيح!..وفي اليوم التالي ذهبت مريم المجدلية بالأطياب الى القبر على حسب عادة اليهود لتكفين الجسد، فلم تجد الجسد ووجدت القبر خاليا!..فزعت المرأة!..هرولت تبحث!.. لكنه ناداها. هرعت اليه فرحة برؤيته، تريد أن تلمسه!.. وهنا ظهر جسده الإلهي الحقيقي، منعها من لمسه، انها ترى نفس الجسد، لكن الحقيقة أنه جسد نوراني، ولا أحد يستطيع أن يلمسه إلا لمن يريد الرب أن يلمسه كما حدث مع توما المتشكك!..
زار المسيح تلاميذه على الرغم من الأبواب المغلقة التي عاشوا خلفها خوفا وهلعا من بطش الناس بهم. لم يكن توما موجودا عندما أخبروه بذلك. لم يؤمن!..
وهذه حالات الكثيرين من أبناء العالم منذ ذلك اليوم وحتى الآن وإلى المنتهى:”أرى أؤمن”. فدخل الرب يسوع المسيح عليه وقال لتوما:
“هذه يدي،هذا جنبي،هل آمنت ياتوما!..طوبى للذين آمنوا ولم يروا”!..
طوبى لكل مؤمن ومؤمنه في هذه الأيام التي زال الإيمان فيها من قلوب الكثيرين من أبناء البشر. طوبى لكل مؤمن ومؤمنه لكثرة المتشككين في المسيح الرب المخلص. طوبى لكل مؤمن ومؤمنه، يعرفون جيدا أن الله القدير ومحبته العظيمة للإنسان جعلته يضرب المثل الأعلى على معنى المحبة والتضحية والتواضع. الله العلي ينزل من عليائه متواضعا مرتديا جسد الإنسان. هذا الإنسان الذي عندما خلقه، خلقه على صورته!
ما الذي يمنعه أن يأخذ نفس الجسد، جسد هذا المخلوق الذي أحبه كذاته وبالطبع لا يريد الله أن يهلك هذا الإنسان، فكان الخلاص على الصليب، وكان الأنتصار في القيامة.
فليكن احتفال العالم المسيحي بالقيامة هو احتفال الفرحة بالخلاص!.. الخلاص الأرضي والخلاص السماوي؛ لأن على الصليب صرخ الرب قبل ترك الجسد وقال: “قدأكمل”!.. نعم قد أكمل وانشق حجاب الهيكل من أعلى الى أسفل وتم الصلح بين السماء والأرض وعاد الإنسان الى مجد محبة الله الدائمة.
لأن الله أحب الإنسان. ولحبه له قدم نفسه ذبيحة وقربانا.. وهو القائل في الكتاب المقدس: هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية!

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.