بقلم: نبيل المقدس
جميعنا تابع الزيارات التي قام بها الرئيس السيسي لجميع الدول الأجنبية .. إلي أن وصل بلدان أسيا وخصوصا
اليابان وكوريا الجنوبية , والصين في وقت سابق
وإهتم الرئيس عندما كان في اليابان بسياسات ونظام التعليم فيها لأنها سبب تقدمها
في جميع المجالات وتابعنا نحن خلال القنوات الزيارة التي قام بها لإحد المدارس الإبتدائية
تعجبنا واندهشنا جميعا بمدي سمو عملية التعليم وكيفية تعامل المدرسين مع الأطفال
والأمر الذي يتميز بها هذه الشعوب هو قمة الأخلاق والحب لبلادهم
مع العلم أن هذه البلاد وخصوصا اليابان والصين دينهما غير سماوي أما ديانة كوريا الجنوبية
فالدين المسيحي هو الأغلبية ” لكنها لم تستغله في حياتها اليومية بالرغم انها أكثر البلدان المسيحية
إيماناً وتدينا ً”. من هنا نستطيع أن نقول ان الدول التي فصلت الدين عن الدولة
هي أكثر الدول وعياً وإدراكاً و أخلاقـاً .
من المعروف أن هذه الدول لا تقحم مادة الدين في البرامج المدرسية
بل هي تهتم اولا واخيرا في برامجها بتدريس الأخلاقيات وكيفية التعامل مع بعضهم البعض
ومع مؤسسات الدولة التي تخصهم .. بالإضافة إلي حب اوطانهم بطريقة عظيمة
بالرغم انهم منقسمين داخليا عائلات وقبائل وجزر .
هذه الدول العظيمة تضع الأمور الخصوصية للطلاب علي ابواب المدارس قبل دخولهم المدرسة .
هذا السلوك يتم أيضا في جميع انواع المؤسسات التي تتبع الحكومة أو المؤسسات الخاصة .
لذلك يقوم افرادهم في تنفيذ اعمالهم بالتمام والكمال , غير مباليين بما يؤمن به زميله
وشريكه في العمل فالكل يعمل ويجتهد من أجل الوطن .
اما الدول الإسلامية العربية ومنها دولتي مصر .. تضع مادة الدين من اوليات المناهج
كما أن جميع المؤسسات تبني مساجد “زاوية للصلاة” ولم يكتفوا بمسجد واحد للمؤسسة الواحدة
أوالمدرسة الواحدة , بل في كل دور زاويتين أحدهما في اول الطرقة ( الممشي ) والأخري في أخر الطرقة
كما يَقُمْنَ الموظفات بإغلاق حجرات مكاتبهن لتخصيصها لصلاتهن في اوقات الصلاة.
أنا لست ضد الأديان لكن ” إعطوا ما لقيصر لقيصر , وما لـ لله لـ لله ” .
وهذا يشير إلي فصل الدين عن السياسة .. بعكس في الدين الإسلامي ” ان السياسة تحت التوجيه الديني ”
أي أن الدولة في طريقها إلي دولة دينية .. فقد ظهر هذا المبدأ رسميا بعد ما قويت الجماعات الإصولية
من مسلمي مصر .. وبدأوا في تعكير الحياة الطاهرة التي تعود عليها الشعب المصري
فالدستور الذي تم كتابته لمصر ينص علي أن الدولة دينها الإسلام وقوانينها تُستمد من الشريعة
مما يعرقل تحديث المناهج المشحونة بروح الدين فيقف عائقا ضد صحة المواد العلمية والأدبية حتي التاريخية.
تدريس مادة التربية الدينية في المدارس المصرية يكرس التمييز والطائفية
لذلك ظهرت في مصر منذ سنوات إلتماسات عديدة من محبي الوطن بإلغاء تدريس مادة التربية الدينية
في المدارس المصرية، كما علت أصوات بنفس هذه الإلتماسات في الفترة الحالية
من الطبقة المثقفة ورجال السياسة الواعية و بعض الأفراد المعتدلين , نظرا لما يترتب على تدريس هذه المادة
من قبل بعض المتشددين الإسلاميين، من تعصب وطائفية ورفض للآخر
وخلق أجيال ترفض قيم التسامح والعيش المشترك، وتسعى لافتعال الفتن الطائفية.
وهناك أفراد يهمهم إستقرار مصر , فقدموا تحديث مناهج مادة التربية الدينية في المدارس بوضع مادة إيجابية
بدلا منها لجميع الأديان , تُسمى “مادة الإخلاق ”
لتعليم جميع أبناء مصر القيم الجميلة من سلوك وأخلاق، على أن يكون تعليم الدين للطالب
من خلال الأسرة أو دور العبادة التي ينتمي إليها ..!
نعم التيارات الدينية المتشددة ( السلفية وفلول الجماعة الإرهابية) لن تسمح بإلغاء تدريس
مادة التربية الدينية في المدارس، ولهذا لابد من معالجة الوضع الحالي عن طريق تدريس مناهج معدلة للتربية
الدينية خالية من التعصب ومنفتحة على الآخر وتحت إشراف المؤسسات الدينية
وتفتيش وزارة التربية والتعليم لضمان خلوها من الطائفية”، لكن أنا أرفض هذه المعالجة لأن الإخوان المسلمون
يقومون منذ سنوات بإدخال أبنائهم كليات التربية قسم اللغة العربية، ليقوموا بعد التخرج بتدريس مادة التربية
الدينية وبث أفكارهم المتعصبة في أذهان الطلبة داخل المدارس
الأمر الذي يمثل خطورة من جانب القائمين على تدريس التربية الدينية في المدارس المصرية المختلفة.
يحتاج التقدم والوصول إلي المكانة التي وصلت إليها كل من اليابان والصين
وغيرها , تغيرات في بنود الدستور, الذي أحدثت تدهور مصر حضاريا وإقتصاديا
نعم نحن نعترف ان مصر اغلبيتها مسلمين لكن نرفض ان يكون دستورها مرجعيته دينية
كُنا نريد دستورا مرجعيته إنسانية .
ماذا فعل تدريس مادة الدين في برامج التعليم ؟؟ هل تقدمت مصر ؟؟ كلا .. بل العكس هو الصحيح
فقد إزداد سوء أخلاقيات الشباب .. أصبحت مصر تفتقد الشباب التي يُقام عليهم بناء الدولة
حيث انقسم الشباب إلي قطاعين .. قطاع إنحرف وإتخذ المخدرات حياة له
والقطاع الثاني إتخذ مباديء السلفية منهجا له , ويعيش حياته في ظلمة الجهل ظانا أنه هو الوحيد
الذي يدرك الحق .. حتي وصل إلي درجة تكفير المجتمع
لكن لا انكر أن هناك بعض الطلاب منفتحين عقلا وقلبا , ومسايرين التقدم لكن بجهد
وكفاح بسبب وقوف السلفيين أمامهم.
يعيش الأن الفريقين السلفي والمدمن جنبا مع جنب في سجن الأوهام والخيال .
فقد صدق الذي قال ” الدين افيونة الشعوب .. والتطرف أفيونة التقهقر والتخلف” ….!!