حالة من الاضطراب والتراجع، يشهدها قطاع السياحة المصري، لاسيما خلال الفترة الأخيرة، بين تراجعًا في أعداد السائحين الوافدين، وإغلاق الكثير من الفنادق السياحية، فضلًا عن إعلان العديد من الدول الهامة وقف تعاملها السياحي وطيرانها إلى مصرح على إثر حادث الطائرة الروسية التي وقعت في أرض الفيروز خلال نوفمبر 2015.
وبالأمس، أعلن هشام زعزوع، وزير السياحة، عن أن الوزارة تلقت إخطارًا من 11 فندقًا بجنوب سيناء، و14 فندقًا بالغردقة بغلق أبوابها نهائيًا، فيما أغلق نحو 70 فندقًا أبوابها بشكل غير رسمي بعد أن وصلت نسبة الإشغالات السياحية بها إلى صفر.
وأكد زعزوع، خلال كلمته باللقاء الذي عقدته جمعية الكتاب السياحيين، إن إيرادات السياحة تراجعت بشكل ملحوظ من 7.2 إلى 6 مليارات دولار، فيما علقت روسيا وبريطانيا طيرانها وهما سوقان رئيسيان لمصر يمثلان 70٪ من حجم الحركة الوافدة إلى شرم الشيخ والغردقة، و30٪ من إجمالي الحركة إلى مصر.
وأوضح أنه تم إعداد دراسة للأسواق الخارجية أفادت أن 11% من السياح مستعدون لزيارة مصر خلال الإثني عشر شهرًا المقبلة، و58% مستعدون لزيارة مصر في المستقبل، ولكن ليس خلال الإثني عشر المقبلة.
وفيما يتعلق بخطة التحرك في الأسواق السياحية الخارجية في المدى القصير، أوضح الوزير أن الخطة تتضمن المغرب، والتشيك، وبولندا، وإسبانيا وبعض الأسواق في وسط آسيا، مشيرًا إلى أن الفترة الراهنة تتطلب العمل على كل المحاور للنهوض بالقطاع.
وحدد خبراء السياحة، ثلاث أسباب وراء تراجع نسبة الاشغالات بالفنادق وإغلاقها، وهي: “ضعف الخدمات الفندقية بالمحافظات، وإعلان روسيا وبريطانيا توقف رحلاتهما لمصر؛ بسبب الصورة الذهنية التي أُخذت عنها عقب حادث الطائرة الروسية، وأيضًا قصور المنظومة الأمنية”.
زين الشيخ، الخبير السياحي، أوضح أن الأزمة التي يمر بها القطاع السياحي بشكل عام، وعدم وجود حركة سياحية، وضعف الإقبال على الفنادق، دفع المستثمرين لغلق أبوابهم، مرجعًا ذلك إلى وجود قصور أمنية، على إثر حادث الطائرة الروسية، والتي شكلت صورة ذهنية عن الأمن القومي المصري والسياحة بها، إلى جانب وجود قصور في الأداء السياحي، والأزمة الاقتصادية، التي ضربت السياحة، التي تعد أهم محور للاقتصاد القومي.
وأشار إلى أن حل الأزمة، يكمن في زيادة تشيط الدعاية السياحية عن مصر والأماكن الموجودة بها، وإصلاح الخدمات الفندقية، والنموذج الأمني، والقيام بجولات خارجية لتشجيع المستثمرين السياح على الاستثمار في مصر.
وبالأمس، وصلت أول رحلة إيطالية قادمة من مطار ميلانو إلى شرم الشيخ، على متنها 167 راكبًا، وذلك بعد توقف 4 شهور، كما أنه من المقرر أن تسيّر شركة طيران “ميرديانا” الإيطالية رحلتين أسبوعيًا يومي الأحد والخميس من مطار ميلانو إلى مطار شرم الشيخ، وتقلع من مطار مرسى علم إلى ميلانو لنقل أفواج سياحية.
وأشار، باسم حلقة نقيب المرشدين السياحيين، إلى أن فرص عودة السياحة إلى مصر من جديد، متاحة ووفيرة في الوقت الحالي، لاسيما مع بداية توافد الأفواج السياحية إليها، مثل الفوج الإيطالي، وأيضًا وجود مشاورات بين الجانب المصري والروسي لاعادة التعامل السياحي من جديد.
واعتبر أن التعاون بين وزارة السياحة والطيران المدني وتواصلهم مع الدول الأوروبية، ودعوتهم للقدوم لمطار شرم الشيخ للوقوف على مدى التأمين في داخل المطار شيء إيجابي، وخاصة أنها تتناسب مع الاختبارات الدولية، يعطي تقارير إيجابية عن الوضع لدينا، مما يساعد في انتعاش السياحية من جديد، والتي قد تعود بنسبة الـ60%، مع عودة التعامل السياحي الأوروبي، التي تعطي السائح انطباعًا أن بلاده تآمن وجوده في مصر.
في هذا الصدد، أكد مجدي سليم، وكيل وزارة السياحة السابق، أن إغلاق الفنادق جاء بناء على ضعف نسبة الإشغال التي اقتربت من الصفر في فنادق الغردقة وجنوب سيناء، موضحًا أنهما ليس المحافظتين التي تضعف بهم نسبة السياحة، ولكن أيضًا محافظات البحر الأحمر وشرم الشيخ، التي وصلت نسبة الاشغالات بها إلى 26% وإذا تم توزيعها على 200 فندق، ستصل إلى 1% وهي نسبة ضعيفة جدًا.
ولفت إلى أن الفنادق باتت تخسر أموالها التي تصرفها على الخدمات والمطاعم، مقابل عائد مادي ضعيف، وبالتالي تتجه إلى غلق أبوابها، تجنبًا لهذه الخسارة، مشيرًا إلى أن الأمر يؤثر على القطاع السياحي بشكل عام، كما أن له تأثير اجتماعي أيضًا وهو تشريد الكثير من أسر العمال بالفنادق.
وأرجع ذلك، إلى ارتباط السياحة بمنظومة الأمن، واستقرار البلاد، مشيرًا إلى أنه برغم من الجهود التي تقوم بها الدولة، في الداخل والخارج، وجولات الرئيس السيسي المتكررة لجذب الاستثمارات، ألا أنه في المقابل الأوضاع لازالت متردية.
وأوضح أن الحل في تسهيل الاستثمارات والقوانين السياحية، التي تخدم الصالح العام، وتحسين الخدمات التي تقدمها الفنادق، وحل مشاكل المستثمرين، وأيضًا الحركات المرورية ومشاكل البيئة والنظام، لأن السائح والمستمثر يضع في اعتباره كل هذه العوامل، التي تحتاج إلى وقفة من الدولة وبعض التشريعات والقوانين الصارمة.