المستشار القانوني خالد السيد
المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا
يقول الله تعالى في محكم بيانه وعظيم قرآنه: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
المرض من الأمور والابتلاءات التي يصيب الله بها عباده، فالمرض هو كفارة للذنوب، وهو مدعاة للنجاة في الآخرة إن صبر، فقد روى أبو هريرة عنه رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» .ويقول فيما رواه أنس رضي الله عنه: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ».
إن التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة هو أحد الحقوق الرئيسية لكل شخص دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو العقيدة السياسية أو الوضع الإقتصادي أو الإجتماعي هو ما ينص عليه دستور منظمة الصحة العالمية الذي صدر في العام 1946 ، وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 في مادته 15 على الحق الأساسي للإنسان في رعاية صحية وطبية مناسبة، كما تضمنت لائحة حقوق المرضى والصادرة عن جمعية المستشفيات الأمريكية عام 1973 والمعدلة عام 1992 على 12 بندًا تتضمن حقوقًا أساسية للمرضى،كما نصت المادة 39 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004 والذي تبنته جامعة الدول العربية على حق كل فرد في المجتمع في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقليه وفي حصول المواطن على خدمات الرعاية الصحية الأساسية مجانًا وعلى العلاج دون أي نوع من التمييز.
وفي جمهورية مصر العربية على سبيل المثال إعتمدت المستشفيات معايير وزارة الصحة والسكان عام 2004 وأن أول جزء في هذه المعايير هو حقوق المريض والعائلة، وفي مستشفى القصر العيني الحديث تم وضع وثيقة لحقوق المريض تم تعليقها في صالة الاستقبال في المستشفى إحتوت على خمسة عشر بندًا تضمنت البنود الأساسية لوثيقة حقوق المريض الأمريكية.
إن حقوق المريض مرتبطة بالمادة 18 دستور 2014 وهي مادة محكمة تنص على أنه لكل مواطن الحق في الصحة بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتي تشمل الرعاية الصحية، إن أحد معايير الجودة هى المؤشرات التي نقيس بها مدي كفاءة العلاج وفقاً لمعايير جودة الخدمة الطبية والثحية في المراكز والمستشفيات العلاجية.
كما نص قانون التأمينات على عدد من حقوق العامل أو الموظف المريض المؤمن عليه بهيئة التأمينات، حيث تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى علاج المريض ورعايته طبياً الى أن يُشْفَى أو يثبت عجزه ويكون العلاج على نفقة الهيئة وفى المكان الذى تعينه للمريض، وكذلك فيما يتعلق بالرعاية الطبية للمؤمن عليها أثناء الحمل والولادة، أما الأمراض العادية 75% من أجره اليومى المسدد عنه الاشتراكات لمدة 90 يوما تزاد بعدها إلى 85% يستمر صرف تعويض الأجر طوال مدة مرضه أو حتى ثبوت العجز الكامل أو حدوث الوفاة بحيث لا يتجاوز 180 يومّا فى السنة الميلادية الواحدة.
الأمراض المزمنة أجر كامل طوال مدة مرضه إلى أن يُشفَى وتستقر حالته استقررا يمكّنه من العودة إلى مباشرة عمله أو يتبين عجزه عجزاً كاملا قرار وزير الصحة 259 لسنة 95.
فى حالة الحمل والوضع 75% من الأجر لمدة 3 شهور بشرط ألا تقل مدة الاشتراك فى التأمين عن 10 شهور.
وفي الأردن وعلى سبيل المثال لا الحصر أيضًا، أشارت الخدمات الطبية الملكية الى إلتزامها بتقديم الرعاية الطبية الأمثل لمرضاها وتؤكد على أن المريض يتمتع وضمن صلاحيات القانون بعدد من الحقوق مبينة ما هي هذه الحقوق في 12 بندًا، كما عمدت العديد من المستشفيات الحكومية والخاصة على نشر وتعليق قوائم تتعلق بحقوق المرضى بشكل عام في المستشفيات نفسها أو على مواقعها الالكترونية.
أما في القانون السعودي فإن الماده رقم 31 من النظام الاساسي للحكم تنص على أنه تعنى الدوله بالصحة العامة وتوفير الرعاية الصحية لكل مريض.
لقد جعل الله الحياة الدنيا دار امتحان، يمتحن الله فيها عباده بالمرض كما يمتحنهم بالصحة، فالمؤمن يشكر الله على نعمه، ومنها نعمة الصحة، ويصبر على قدر الله، وفي الحديث الصحيح “عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن اصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن اصابته ضراء صبر فكان خيرًا له” رواه مسلم، فالمرض امتحان وابتلاء، وهو سنة الله في رسله وانبيائه وأصفيائه وخلقه تكفيرًا لهم عن الذنوب، والدين الاسلامي ينظر الى المريض نظرة الرحمة والعناية لأنه دين الرحمة والانسانية، ويؤكد على وجوب قيام الآخرين بأداء حقوق المريض.
حق المريض
الوسومخالد السيد
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …