بقلم : أ: محمد فتحى – مرشد سياحى
يظن الكثيرون أن الحملة الفرنسية التي جاءت إلي مصر و مكثت فيها ثلاث سنوات ( 1798-1801م ) هي التي اكتشفت اللغة الهيروغليفية بواسطة حجر رشيد. و لكن الحقيقة أن العالم شامبليون مكتشف اللغة لم يكن من علماء الحملة.
فمن هو شامبليون، و كيف اكتشف اللغة الهيروغليفية، و كيف انتهي حجر رشيد في المتحف البريطاني في لندن الآن ؟
عُثر علي حجر رشيد في مدينة رشيد عام 1799م ، عثر عليه أحد الجنود الفرنسيين التابعين للحملة الفرنسية و هو يحفر أحد الخنادق، فنُقل إلي المجمع العلمي المصري الذي كان نابليون قد انشأه و يتكون من مجموعة من كبار العلماء الفرنسيين الذي جاءوا مع الحملة.
حجر رشيد مكتوب بثلاث لغات
كان الحجر عبارة عن منشور ملكي كتبه بطليموس الخامس في عهد البطالمة. و المنشور مكتوب بثلاث لغات و هي اللغة اليونانية القديمة و اللغة الهيوغليفية و اللغة الديموطيقية. و اللغة الديموطيقية هي اللغة الشعبية التي يتكلم بها عامة شعب مصر، في الوقت الذي كانت فيه اللغة الهيروغليفية يتكلم بها كبار الكهنة و الطبقة الحاكمة.
ظل حجر رشيد مع علماء الحملة حتي جاء موعد الرحيل عن مصر عام 1801م، و كانت الاتفاقية تقضي بخروج جنود الحملة مصر و نقلهم إلي فرنسا علي سفن الاسطول الإنجليزي الذي يحاصر شواطئ الاسكندرية.
و اثناء خروج الفرنسيين من مصر، أصر قائد الاسطول الإنجليزي هتشنسون أن يسلم الفرنسيين كل ما في حوزتهم من اكتشافات أثرية عثروا عليها في مصر إلي الإنجليز و منها حجر رشيد.
و تم لهم ذلك بالفعل، و أخذ الإنجليز حجر رشيد و وضعوه في المتحف البريطاني عام 1802م و الذي مازال قابعاً فيه حتي الآن.
و لكن السؤال هو ما هي أهمية حجر رشيد و ما الفرق بينه و بين كل الكتابات الفرعونية الموجودة علي جدران المعابد و المسلات و التماثيل. الفرق يكمن في أن المنشور المنحوت علي حجر رشيد مكتوب بثلاث لغات مختلفة، و بالتالي فإن مقارنة حروف لغة معروفة بأخري غير معروفة ستسهل اكتشاف أحرف و رموز اللغة غير المعروفة و هي الهيروغليفية.
لم يستطع العلماء الإنجليز فك رموز اللغة الهيروغليفية، فارسلوا نسخة بما هو مكتوب علي الحجر إلي العلماء و المتاحف في كل أنحاء أوروبا. و جاءت نسخة إلي فرنسا عام 1803م.
و بدأت رحلة شاقة من البحث و الدراسة استغرقت حوالي 20 سنة حتي توصل في النهاية العالم الفرنسي جان فرنسوا شامبليون Jean-Francois Champollion في باريس عام 1822م إلي فك رموز اللغة الهيروغليفية التي فتحت الطريق واسعا لدراسة الحضارة المصرية القديمة و أسست لظهرو علم جديد هو علم المصريات.
جان فرنسوا شامبليون Champollion
و لكن لماذا تأخر فك رموز اللغة 20 سنة كاملة بعد اكتشاف الحجر؟
الحقيقة أن اكتشاف اللغة الهيروغليفية مر بمراحل عدة و بني علي اكتشافات أولية مهمة يجب معرفتها و أولها اكتشاف أن المنشور مكتوب بثلاث لغات مختلفة و أن الكلام المكتوب باليونانية القديمة هو نفسه المكتوب بالهيروغليفية و الديموطيقية، و كان ذلك عام 1799م.
الانجاز الثاني هو اكتشاف أن اللغة الهيروغليفية كانت تستخدم رموز صوتية لنطق الكلمات الأجنبية ( أي اليونانية مثلا)، و كان صاحب هذا الاكتشاف توماس يونج عام 1814م. و الإنجاز الأخير كان اكتشاف شامبليون للرموز الصوتية لنطق الكلمات المصرية، و كان ذلك عام 1822م.
و أخيرا، فإن الحكومة المصرية بدأت منذ عام 2003 تطالب بإعادة حجر رشيد إلي مصر علي أساس أنه خرج من مصر بدون موافقة الحكومة و أثناء احتلال أجنبي. و لم يتم الاستجابة لهذا المطلب حتي الآن، بدعوي أنه أصبح تراثا.