محمد حسنين هيكل احد اهم الكتاب في القرن العشرين والواحد والعشرين الذين كتب اسمهم باحروف من نور في التاريخ باعمال خالدة سطرها بقلمة الذي ابدع بلغة صحفية جديدة استطاع من خلالها ان يكون صوت الصحافة في دهاليز السياسة والقلم النافذ في دائرة صناعة القرار وصوت السياسة والقلم المترجم لشفرتها في عالم الصحافة والاعلام علي مدي اكثر من سبعة عقود ليصبح احد اشهر الصحفيين الموثرين في صناعة القرار في مصر والمنطقة العربية .
ولد الكاتب الكبير الراحل الاستاذ محمد حسنين هيكل الذي رحل عن علمنا منذ ايام قلية في عام 1923م في حي الحسين بمحافظة القاهرة وفى حى باب الشعرية تشكلت ملامح هيكل الذى درس فى مدرسة خليل أغا إحدى … مدرسة التجارة المتوسطة بعدما اضطرته الظروف وكاد مسار هيكل ان يتغير بعدما طلب منه والده ألا يُكمل دراسته بعد وفاة أولاده من زوجته الأولى لذا أراد الاستعانة بأكبر أبناءه من زوجته الثانية فى علمه بتجارة الحبوب إلا أن عمة أصر على استكمال تعليمه .
لم يكتفي الكاتب الكبير بالدراسة فى مدرسة التجارة المتوسطة واستكمل دراسته فى القسم الأوروبى بالجامعة الأمريكية وخلال الدراسة تعرف على سكوت واطسون الصحفى الذى استطاع عن طريقه الالتحاق بجريدة الإيجيبشيان جازيت فى عام 1942م التي كانت تصدر باللغة الانجليزية وكان هيكل وقتها فى التاسعة عشرة من عمره وقد اختاره رئيس تحرير الصحيفة لكى يشارك فى تغطية بعض معارك الحرب العالمية الثانية فى مراحلها المتأخرة ولن تقتصر نجاحات هيكل الصحفية فى الإيجيشبان جازيت علي تغطية معركة العالمين بل امتدت الي تغطية حادثة مقتل خط الصعيد وبعدها أجرى تحقيقه الأول عن بيوت الدعارة المرخصة فى حى الفجالة وفمّ الخليج بالقاهرة بعد قرار إلغاء نشاط البغاء فى مصر .
ثم التحق في العام التالي بمجلة روزاليوسف الأسبوعية، وعمل من عام 1953م وحتىعام 1956م في مجلة آخر ساعة تحت رئاسة الصحفي الكبير محمد التابعي وفي عام 1957م انتقل إلى صحيفة الأخبار اليومية وأتاح العمل الصحفي لهيكل عندما كان مراسلا متجولا فيما بين 1946م و1950م السفر والتنقل وراء الأحداث من الشرق الأوسط إلى البلقان وإفريقيا والشرق الأقصى .
وقد ارتبط الكاتب الكبير الراحل بعلاقة صداقة قوية بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر امتدت منذ عام 1948 وحتي وفاة الزعيم الراحل وتلك الصداقة اثرت تاثير بالغ في مسيرة هيكل الصحفية بدأ من تكليف الرئيس الراحل للكاتب الكبير برئاسة مجلس ادارة ورئاسة تحرير الاهرام في عام 1957م .
وقد تكلم هيكل عن علاقتة الثرية بالاهرام في مقال نشره بالجريدة قال فيه : فى يوم 6 أبريل 1957م كنت على موعد لفنجان شاى فى نادى الجزيرة مع على الشمس باشا ورحنا نتمشى ساعة الغروب فى أرجاء النادى ومعنا صديق له لم تكن معرفتى به وثيقة فى ذلك الوقت وهو الدكتور على الجريتلى أستاذ الاقتصاد الأشهر وتشعب الحديث من السياسة إلى الصحافة وإذا نحن مرة أخرى نعود إلى قصة الأهرام فقد راح على الشمسى باشا يروى لنا:كيف أن أسرة تقلا تواجه فى شأن جريدتها مشاكل معقدة وخسائر زادت على مليون ونصف مليون جنيه فى السنوات العشر الأخيرة وتوزيع تدنى إلى حدود 60 ألف نسخة ولقد ورثت الأسرة مجموعة مصالح فى لبنان بينها نصيب أغلبية فى بنك صباغ … أسرة السيدة رينيه تقلا ثم كيف أن الأسرة الآن تفكر جدياً فى بيع الأهرام.
وأضاف هيكل بدون أية حسابات ولعله كان العقل الباطن يدفع الكامن فيه على السطح وجدتنى أقول للشمسى باشا..ننى سوف أريحه إلى أبعد حد وفى العام الماضى عرضوا علىَّ الأهرام واعتذرت، وفى هذا العام أنا الذى أعرض نفسى على الأهرام”مضيفا:كانت ليلة بيضاء ناصعة البياض كثلوج الجبال ليلة بلا نوم. فقد اتخذت قراراً مصيرياً فى حياتى ووجدت أن أمامى مهمتين تسبقان غيرهما من المهام الأولى أن أقول لجمال عبد الناصر ما فعلت والثانية أن أقول الشئ نفسه لأصحاب أخبار اليوم .
وقد ساهم هيكل فى انتشال الأهرام في تطوير الاهرام حتى أصبحت واحدة من أهم الصحف فى العالم كما أنشأ مجموعة المراكز المتخصصة للأهرام ومركز الدراسات السياسية والإستراتجية إضافة إلى مركز الدراسات الصحفية ومركز توثيق تاريخ مصر المعاصر .
وعلاقة عبد الناصر وهيكل كانت علاقة وثيقة امتدت الي كتابة هيكل لكل خطب جمال عبد الناصر واشهرها خطاب التنحي الذي اثر تاثير بالغ في نفوس المصريين وامتدت العلاقة بينهم الي استشارة هيكل في العديد من امور الدولة لصبح احد اهم المؤثرين في صناعة القرار في عصر عبد الناصر .
وقد بدأ الرئيس الراحل محمد انور السادات عهدة بعلاقة قوية بمحمد حسنين هيكل ولكنها انتهت بصدام ادي الي اقالة هيكل من رئاسة تحرير الاهرام عام 1974م حتى وصل الأمر بأن السادات كان يهاجمه علنا فى خطاباته وأصدر قرارا بالتحفظ عليه ضمن اعتقالات سبتمبر 1981م التى اغتيل السادات بعدها بأيام فخرج هيكل من السجن وأصدر واحد من أهم كتبه وهو خريف الغضب وثق خلاله رؤيته لعهد السادات وخلافه معه .
واما علاقة الكاتب الكبير بالرئيس الاسبق محمد حسني مبارك كانت العلاقة بينهما طيبة فى بداية عهده وكان هيكل يرى كما قال فى كتابه مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان أن هناك فرصة طيبة مع مبارك لصناعة رئيس لكن فيما بعد تفرقت بهم السبل ووقف هيكل فى المعسكر المعارض لمبارك وكان أول من أثار الحديث عن توريث الحكم .
ومع قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 م واقتراب الكاتب الكبير من العقد التاسع من عمرة لم يتوقف عن خوض المعرك واثارة الجدل علي الساحة السياسية والصحفية وهيكل الذي استأذن قراءه فى اعتزال الكتابة المنتظمة عام 2003م وتزامنًا مع عيد ميلاه الثمانين وأطل على جمهوره عبّر الشاشة الفضية في برنامج مع هيكل عاد بقوة بعد الثورة ليسجل مواقفة بصراحة اثارت الكثير من الانتفادات للاستاذ .
وعاد الكاتب الكبير الراحل لكتابة عموده بصراحة فى أعقاب ثورة 25 يناير كما اصدر كتابه مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان وحل هيكل عقب الثورة ضيفًا دائم على برنامج مصر أين ومصر إلى أين مقدمًا عدد من التحليلات للأوضاع فى مصر والوطن العربي .
وقد اصدر هيكل خلال مسيرتة الصحافية حوالي 40 كتاب ابرزها أحاديث في آسيا … أكتوبر 73 السلاح والسياسة … الأنفجار حرب الثلاثين سنة 1967 … خريف الغضب قصة بداية ونهاية انور السادات … زيارة جديدة للتاريخ … سنوات الغليان … عبد الناصر والمثقفين والثقافة ـ ـحوار بين هيكل ويوسف القعيد … مدافع آية الله: قصة إيران والثورة … المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل … الامبراطورية الامريكية والاغارة على العراق … العروش والجيوش: كذلك انفجر الصراع في فلسطين 1948-1998: قراءة في يوميات الحرب … لمصر لا لعبد الناصر … مصر والقرن الواحد والعشرون ورقه في حوار … المقالات اليابانيه .
رحل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الاستاذ والجورنالجى كما كان يحب ان يطلق علية تاركا وراء تاريخ حافل وخزينة اسرار ثحوي الكثير خلال اكثر من سبعة عقود في بلاط صاحبة الجلالة ودهاليز السياسية التي تولي فيها عدد من المناصب السياسية ومنهاوزيرالارشاد وكان قريب للملوك والحكام في مصر والعالم العربي وهيكل تتفق او تختلف معة سيبقي علامة بارزة في تاريخ الصحافة والاعلام والسياسة في مصر والعالم العربي بموهبة وعبقرية لن تتكرر بسهولة مرة اخري لصحفي اثر تاثير بالغ في تطوير الصحافة من خلال بصمة واضحة لن يمحيها الزمن وفي الخريطة السياسية لمصر والوطن العربي حتي اليوم … رحم الله الاستاذ .
الوسومكريم كمال
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …