المستشار القانوني خالدالسيد المحامي بالنقض والدستورية والادارية العليا
القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان مجموعتان متميزتان من القواعد القانونية لكنهما متكاملتين، ويعنى كلاهما بحماية أرواح الأفراد وصحتهم وكرامتهم، لكن القانون الدولي الإنساني ينطبق في النزاعات المسلحة فقط بينما يسري قانون حقوق الإنسان في كل الأوقات سواء في حالات السلم أو الحرب.
لا يزال المدنيون يتحملون وطأة العمليات العدائية في معظم النزاعات المسلحة، وبخاصة عندما يندلع القتال في المناطق المكتظة بالسكان أو عندما يجري استهداف المدنيين عمدًا، ويجرى احتجاز الآلاف من الناس، غالبًا خارج أي إطار قانوني، ويكونون أحيانًا كثيرة عرضة للمعاملة السيئة أو لظروف احتجاز غير إنسانية.
ففي عام 2013 ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فاق عددهم الإجمالي 50 مليون شخص، واستمر هذا الاتجاه السلبي في 2014 مع تدهور حالات النزاع.
إن القانون الانساني الدولي يعرف بأنه مجموعة المبادئ والقواعد التي تحدّ من استخدام العنف أثناء المنازعات المسلحة أو من الآثار الناجمة عن الحرب تجاه الإنسان عامة فهو فرع من فروع القانون الدولي العام لحقوق الإنسان غرضه حماية الأشخاص المتضررين في حالة نزاع مسلّح كحماية الممتلكات والأموال التي ليست لها علاقة بالعمليات العسكرية وهو يسعى إلى حماية السكان غير المشتركين بصورة مباشرة أو الذين كفوا عن الاشتراك في النزاعات المسلحة مثل الجرحى والغرقى وأسرى الحرب، ويمكن القول أن القانون الدولي الإنساني انطلق باتفاقية “جنيف” لسنة 1864 وتلتها عدّة اتفاقيات وبرتوكولات هامة، تمّ توقيع هذه الاتفاقية سنة 1864وتحتوي الاتفاقية على عشر مواد تتضمن حياد الأجهزة الصحية ووسائل النقل الصحي وأعوان الخدمات الصحية واحترام المتطوعين المدنيين الذي يساهمون في أعمال الإغاثة وتقديم المساعدة الصحية دون تمييز وحمل شارة خاصة هي صليب أحمر على رقعة بيضاء، تمّ تطبيق هذه الاتفاقية في الحرب النمساوية الروسية سنة 1866، تقتصر هذه الاتفاقية على العسكريين الجرحى في الميدان البري فقط لذلك تمّ سنة 1899 بمؤتمر “لاهاي” حول السلام إبرام اتفاقية لملائمة الحرب البحرية لمبادئ اتفاقية “جنيف”.
أما القانون الدولي لحقوق الإنسان فهو ذلك الفرع من القانون الدولي العام الذي يكـفل حماية حقوق الفرد منظورًا إليه فـي ذاتـه، وحماية حقوق أعضاء الجماعة البشرية أثناء السلم من حيث المبدأ.
صكوك حقوق الإنسان: تشمل الصكوك العديدة السارية الآن:
الصكوك العالمية:
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948.
– اتفاقية 1948 لمنع جريمة إبادة الأجناس والمعاقبة عليها.
– العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
– العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية لعام 1966.
– اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1981.
– اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984.
– اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.
الصكوك الإقليمية:
– الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950.
– الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969.
– الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981.
هناك ثلاثة مبادئ أساسية مشتركة بين القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وذلـك بمقارنة بين الحقوق التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والحقوق التي نص عليها قانون جنيف، وهذه المبادئ هي:
أولا: مبدأ الحصانة أو الحرمة
ويتلخص في تمتع الفرد بحق احترام حياته، وسلامته الجسـدية والمعنوية والخصائص اللصيقة بشخصيته، ويتفرع عن هذا المبدأ الأساسي مبادئ تطبيقية عديدة منها:
– حرمة القتلى في الحرب، وعدم قتل المستسلمين.
– منع التعذيب والعقوبات والمعاملات الفظيعة أو المهينة أو المنحطة.
– الاعتراف بالشخصية القانونية لكل فرد.
– حق كل فرد في احترام شرفه، وحقوقه العائلية وقناعاته وعاداته.
– حق كل شخص في الاعتناء لتخفيف آلامه وعلاجها حسب حالته.
– لكل شخص الحق في تبادل الأخبار مع ذويه، واستقبال الإعانات.
– تحريم اغتصاب الملكية الشخصية.
ثانيا: مبدأ منع التمييز
يشترك كل من القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في تحريم التمييز، سواء قام على أساس العرق أو الجنس أو الجنسية أو اللغة أو الطبقة الاجتماعية، أو الثروة أو الآراء السياسية أو الفلسفية أو الدينية، أو معيار آخر.
ثالثا: مبدأ الأمن
إن حق الفرد في الأمن على شخصه معترف به في الفرعين على السواء، ويـتم هـذا عـادة بضمانات قضائية، في حالة السلم وهي نفسها في حالة الحرب من حيث المبدأ رغم صعوبة تطبيق ذلـك في الواقع، ويتفرع عن هذا المبدأ أربع مبادئ تطبيقية هي:
1. لا يمكن محاسبة أي شخص على فعل لم يرتكبه وهو ما يقابل مبدأ شخصية الجريمة.
2. تمنع أعمال الثأر والعقوبات الجماعية، وأخذ الرهائن، وترحيل السكان.
3. حق كل شخص في التمتع بالضمانات القضائية المعترف بها في الأمم المتحضرة.
4. لا يمكن التنازل عن الحقوق التي تضمنها اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، ولا تلـك التـي تعترف بها لكل شخص اتفاقيات حقوق الإنسان من طرف المعنيين أنفسهم.
لقد أصبحت الانتهاكات المستمرة لمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان العالمية من قبل النظام الدولي المعاصر من أكبر مهددات الأمن والسلم الدوليين وأسهمت هذه الانتهاكات في عدم استقرار العالم نتيجة للظواهر السلبية التي تولدت عنها، لذلك يجب تفعيل مبادىء حقوق الإنسان العالمية والحريات العامة بما يضمن سلامة الشعوب والأشخاص في ممارسة حرياتهم العامة وحقوقهم.