بقلم : نبيل المقدس
“وللوقت صرت في الروحِ، وإِذا عرش موضوع في السماء، وعلى العرشِ جالِس.
وكان الجالِس في المنظرِ شبه حجرِ اليشبِ والعقيق، وقوس قزح حول العرشِ في المنظرِ
شبه الزمرد”. رؤيا4: 2–3.
امتلأ يوحنا من الروح وهو أسير في جزيرة بطمس إلي درجة عالية, مما جعله يشعر
بالسرور والفرح فاستحق أن يرتفع إلي أسمي وأعلى مما كان يتوقع
فرأى السما نفسها ورأى عرش الله وشاهد بنفسه الله جالسًا علي العرش
فتذكر فورًا ما قال عنه داود المرنم في مز47: 8 “ملك الله على الأممِ.
الله جلس على كرسي قدسه.”
ومشهد العرش الذي رأه يوحنا يشير إلي عظمة الله وأنه هو ملك القوة والسلطان.
رأى يوحنا الجالس على العرشِ.. لكنه لم يستطع أن يصفه بأي وصف بشري أو حتى مادي
فقد رآهُ كنور, وساكن في نور.. مثلما تغني داود في 104: 2 “اللابِس النور كثوبٍ، الباسط السماوات كشقة.”
فلم يجد يوحنا أدوات يصف بها الله إلا بالنور الذي ينعكس من الحجارة الكريمة باسماء كانت بالنسبة ليوحنا
هي الموجودة في زمانه.. فوصف الأنوار الساطعة والمنعكسة علي عرش الله باسماء مواد نعرفها
نحن البشر اليوم, لكنها تختلف تمامًا عما لم يستطع يوحنا وصفه.. فاليشب كما نعرفه نحن عبارة
عن حجر معتم, هذا ما عبر عنه يوحنا عندما رأى هذا الصخر من مادة أرضية معتمة
لكنه ينفذ من خلاله النور الشديد, وينعكس ببريق بخطف الأبصار
وهذا ما جعل يوحنا يندهش, ويصور بعض الشراح هذا المشهد بالجوهرة
أما العقيق، فنحن نعرف أنه أحمر اللون ويمثل هنا دم المسيح الذي سال من أجل رفع الخطية عن الإنسان
واللون الأخضر الذي رأه يوحنا في الرؤية وصفه أنه صادر من الزمرد
نسبة لمعرفته أن الزمرد يعكس اللون الأخضر.
الآن اكتملت الصورة ليوحنا في مشاهدته لعرش الله.. حيث رآه كبريق يخطف البصر
منعكس من الشمس علي الجوهرة الكريمة “اليشب”, يصاحبه كلا من النورين الأحمر
والأخضر الصادرين من حجري العقيق والزمرد طبقًا لمعرفته الأرضية.
بتجميع هذه المشاهد الخلابة نستطيع أن نُظهر الصورة التي رآها يوحنا في رؤيته
أن محضر الله هو بريق يخطف البصر, هذا البريق أتي من الشمس وتسقط على الجوهرة “اليشب”
مختلطًا معه نور أحمر من حجر العقيق والنور الأخضر من حجر الزمرد.
وهناك تفسير رمزي.. حيث اليشب يمثل شدة اللمعان رمزًا لطهارة الله, والعقيق الأحمر
يرمز إلي غضب الله, والزمرد الأخضر يرمز إلى رحمة الله
وفي رحمته وحدها يمكن أن نحتمل طهارته وغضبه.