بقلم المستشار خالد السيد
تسعى مصر إلى رفع معدلات التنمية الاقتصادية بمفهومها المعاصر المتمثل فى رفع مستوى معيشة الفرد بما في ذلك الرفاهية والتعليم والصحة والبيئة ،وقد أدركت أهمية التكنولوجيا في تحقيق النمو الاقتصادي،فسعت إلى استيرادها من البلدان الصناعية ونقل القدرات التكنولوجية إليها .
وكغيرها من الدول المستوردة للتكنولوجيا بذلت مصر جهودا عظيمة من أجل حماية مصالح متلقي التكنولوجيا من خلال الأطر التشريعية خاصة بعد إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بدعوة السكرتير العام لإعداد دراسة عن دور براءات الاختراع في نقل المعارف الفنية إلى البلدان النامية ،واعقب ذلك إصدار توصية جماعية من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD (الانكتاد)عام 1964 تدعو الى اتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية والإدارية المناسبة الخاصة بنقل التكنولوجيا إلى الدول النامية ،وبحث إمكانية تعديل الإطار التنظيمي الدولي في هذا المجال. كما يسعي إعلان النظام الاقتصادي العالمي الجديد إلى التأكيد على حق الدول النامية في الحصول على التكنولوجيا الحديثة، وهذا ما صدر عنه مشروع التقنين الدولي للسلوك في نقل التكنولوجيا الذي بدأ العمل فيه 1973 ،وحثت الدول النامية المنظمات الدولية على إصدار التوصيات اللازمة ودعم المركز التفاوضي لدول العالم الثالث في مواجهة الدول المصدرة للتكنولوجيا من خلال نشر القواعد الإرشادية وإقامة دورات تدريبية والندوات المتخصصة .
وتبنت سياسة تشريعية حمائية تهدف إلى دعم الموقف التفاوضي والتعاقدي لمتلقى التكنولوجيا الوطني ،وتعددت محاورها ما بين تسجيل عقود نقل التكنولوجيا ،ومد رقابة الجهات الإدارية المسبقة للتحقق من نوعية التكنولوجيا محل النقل كما تشددت التشريعات في تحديد. ثمن نقل التكنولوجيا،وحظرت البعض أشكالا معينة كثمنا لنقل التكنولوجيا والبعض الآخر وضع حد أقصى لمدة عقد نقل التكنولوجيا تراوحت بين الخمس،والعشر سنوات، وحظرت البعض عدد من الشروط المقيدة ومنها الشروط التعسفية التي يفرضها مورد التكنولوجيا على المستورد لتقييد حريته وحرمان المستورد من تصدير السلع التي استعملت التكنولوجيا في إنتاجها ، كما تضمنت إلزام مورد التكنولوجيا بضمانها التزاما بتحقيق نتيجة ،وقصر الاختصاص بنظر المنازعات على محاكم الدولة المستوردة للتكنولوجيا.
وبالرغم من ذلك،أخفقت السياسات التشريعية المتشددة في كسر الاحتكار الفعلي للدول الصناعية للتكنولوجيا ونقلها للبلدان النامية ، مما جعلها تتحول إلى تبني أطر قانونية أكثر مرونة لأسباب عدة منها ازدياد الطلب على استيراد التكنولوجيا ، وكان التشدد عائق حال بين مستوردي التكنولوجيا والحصول على التكنولوجيا المتطورة .
ويرجع الإخفاق التشريعي في رأينا إلى تركيز السياسات التشريعية على هدف واحد يتمثل فى حماية مصالح متلقي التكنولوجيا ودعم موقفه التفاوضي ، في حين اغفلت اهداف رئيسية لا تقل أهمية منها تشجيع نقل التكنولوجيا المتطورة ويدعم قدرتها التنافسية والإمكانات والطاقات المحلية ،ومن ثم تصديرها في وقت لاحق، والتي يجب تحقيقها بشكل متوازي ومتوازن ، فالتشريع مهما بلغ اكتماله ليس كافيا لدعم التنمية التكنولوجية والصناعية وتقليل الفجوة التكنولوجية
الوسومخالد السيد
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …