الأربعاء , نوفمبر 20 2024
مجدي خليل
مجدى خليل

لماذا يهتم العالم بدراسة الإسلام ومحاولة إصلاحه؟

مجدى خليل
يتساءل الكثير من المسلمين، لماذا يتحدثون عن إسلامنا ليل نهار؟،

لماذا ينتقدون تعاليم ديننا؟، لماذا يضغطون لإصلاح معتقداتنا؟

لماذا يحشرون أنفسهم فى شئؤننا الخاصة؟، لماذا لا يحترمون حريتنا فى أعتقادنا؟….هذه أسئلة منطقية ومقبولة وطبيعية ولكنها تتجاهل الواقع تماما…دعنا نوضح القصة.
عندما فسد معظم رجال الدين المسيحى فى العصور الوسطى فى أوروبا، كانت نتائج فسادهم وجمودهم وسيطرتهم كارثية على مجتمعاتهم وعلى الناس وعلى العلماء وعلى التفكير وعلى تقدم المجتمع، ومن ثم فأن الذى تحمل النتائج الكارثية لهذا الفساد هو المواطن فى النهاية، ومن ثم كان من حق المواطن أن يثور على هذا الفساد ويحاول إصلاحه، وهذا ما تم خلال ثورة الإصلاح الدينى الشهيرة فى الغرب، مع العلم أن النتائج الكارثية لهذا الفساد الدينى أنحصرت فقط فى تأثيرها على مجتمعاتهم المغلقة هناك ولم تتجاوز ذلك بتأثيرها على بقية العالم.

المشهد المروع الذى يعيشه العالم الإسلامى حاليا لم يخرب الدول الإسلامية فقط ويساهم فى جمودها وتخلفها وتحجرها وهمجيتها ، وأنما وهذا هو الأهم هدد العالم كله عبر ظاهرة الإرهاب الإسلامى التى طالت معظم دول العالم بدرجات مختلفة، ومن ثم أصبح تناول الشأن الدينى الإسلامى ومحاولة إصلاحه هما عالميا لأنه يهد المواطن العالمى فى أهم ما يتمتع به وهو الحق فى الأمن والآمان، ويهدد الدول فى أمنها القومى.

تختلف روسيا مع الغرب، وتعادى اليابان الصين، وهناك نزاع هندى صينى، وخلاف حاد صينى أمريكى، ولكن تتفق الهند والصين واليابان وأمريكا وأوروبا وروسيا والبرازيل على خطورة الإرهاب الإسلامى وتهديده لسلام العالم، أى أن القوى العظمى والكبرى، ومعظم الدول الصغرى كذلك فى العالم، تتفق فى تشخيص أزمة الإسلام وأزمة المسلمين، وتتفق فى أن من حقها أن تعمل بكافة الطرق لوقف هذا الوحش الزاحف نحو سلام العالم ليدمره. فالإرهاب الإسلامى هو حربا عالمية واسعة تشن ضد العالم كله، ومن ثم فأن من حق الضحايا الدفاع عن أنفسهم ومحاولة أسكات مصدر الخطر.، فالدولة الإسلامية المسلحة بنصوصا دينية هى التى قادت مسار الأحداث جميعها فى الدول الإسلامية من دولة الخلافة الراشدة إلى دولة الخلافة فى العراق والشام.
من ناحية ثانية يؤمن المسلمون أن الإسلام دين ودولة، ومن ثم فأنهم بهذا يعطون الحق للآخرين بدراسة الإسلام ودولته من منظور العلوم السياسية، فأهم تعريف للسياسة هو علم دراسة الدولة، وبما أن الإسلام هو دين ودولة فمن حق الدارسين للعلوم السياسية فى العالم كله أن يدرسوه ويقيموه ويصنفوه وينتقدوه من مدخل دراستهم لمفهوم الدولة من منظور العلوم السياسية،فإذا قبل المسلمون تعريف الإسلام كدين ودولة فعليهم تقبل ما يترتب على ذلك من تبعات.

ومن ناحية ثالثة يؤمن المسلمون أن الشريعة الإسلامية قانون واجب التطبيق، ولا يسعون لتطبيقه فى دولهم فقط ولكن يريدون تطبيق الشريعة حتى فى الدول الغربية، ومن ثم فأن الشريعة الإسلامية اضحت شأنا دوليا من حق المواطن العالمى مناقشتها ونقدها لأن هناك من يسعى لتطبيقها عليه ، وأيضا من حقه تقييم الشريعة وفقا لأدوات القانون، لأن الشريعة تقدم له كقانون. ولا يشغل الباحثين فكرة أنها قانون ألهى بقدر ما يشغلهم فكرة أنها قانون يسعى المؤمنيين بها لتطبيقه، وطالما نزلت بالشريعة إلى حقل الدراسات القانونية فعليك أن تقبل تقييمها ونقدها ومقارنتها بالقوانين الأخرى من المتخصصين فى القانون.
من ناحية رابعة يؤمن المسلمون أن دينهم هو الدين الأفضل عالميا، وأنهم خير أمة أخرجت للناس، والأهم من ذلك يعملون ليل نهار بالتبشير بدينهم فى المجتمعات غير الإسلامية وخاصة الغربية، فإذا قبلت حرية التبشير بالدين كأحد أهم سمات حرية الأعتقاد فى الغرب فعليك قبول السمات الأخرى لحرية الأعتقاد كما حددتها الرؤية الغربية، وهى الحق فى دراسة الأديان وتشريحها ونقدها والكتابة ضدها، وهذا يندرج ليس فقط ضمن مفهوم حرية الأعتقاد فى الغرب ولكن يندرج أيضا ضمن مفهوم حرية الرأى والتعبير.
وأخيرا يقود المتطرفون المسلمون رؤيتهم وأيدولوجيتهم الدينية المتطرفة من خلال منظور دينى محض، مسلحين بنصوصا واضحة تدعم رؤيتهم، ومستندين إلى تفسيرات دينية صحيحة قادت العالم الإسلامى خلال أربعة عشر قرنا، ولم تكن هامشا أبدا فى التاريخ الإسلامى وأنما كانت متنا للفكر الإسلامى قاده كبار الأئمة والمفسرين وأصحاب المذاهب الإسلامية، وطالما أن هؤلاء المتطرفين يرتكزون ويتحركون وفقا لرؤية دينية واضحة، فمن حق الآخرين أيضا تناول هذه النصوص ذاتها بالشرح والتعليق والنقد ومحاولة إصلاحها، لأنها لم تعد حروفا ميتة ولكن حروفا قاتلة.
ولهذا فأن من حق العالم كله أن يتدخل فى صميم معتقدات المسلمين ويحاول إصلاحها لأنها باتت شأنا عالميا مؤثرا بالسلب على المجتمع البشرى بأكمله.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.