الأحد , ديسمبر 22 2024
المغرب
نوار عساسي

ثورة الياسمين، عود على بدء

نوار عساسي

كان الفصل الأول من ربيع الشعوب قد ابتدئ ببلدة سيدي بوزيد التونسية مع صاحب عربة الخضار

الذي أشعل شرارة الاحتجاجات باضرام النار في جسده ، تلتها احتجاجات في كل ولايات تونس

وهرب زين العابدين بن علي  ليستجير بأصنام مكة، ثم هبت رياح الربيع نحو مصر ليتلو

عمر سليمان رسالة استقالة مبارك ليركن باقامته الفاخرة بمنتجع شرم الشيخ قبل أن نشاهد

فصول محاكمته وهو محاط بعصابته ، ثم عرجت رياح الربيع وحطت برحالها

على أرض جماهيرية المجنون المسحول، صاحب القبر المجهول

وما زالت تداعيات هذا الزلزال تضرب بعنف بكل من سوريا واليمن.

صحيح أن الفصل الأول من ربيع الشعوب قد أزال الرموز والحكام

( بنعلي – مبارك– القذافي – علي صالح ) لكنه لم يستطع اجتثاث الدولة العميقة 

بفروعها ولوبياتها الأمنية والاقتصادية و القضائية والدينية والاعلامية .

حتى وان اختفت صور بن علي و مبارك و القذافي وشعارات الفاتح ومقتطفات الكتاب الأخضر

من المؤسسات و الإدارات فان أشباحه هؤلاء ما زالت معلقة في أقبية و دهاليز الدولة المافيوية

العميقة المسيطرة على مفاصل

المجتمع .


نحن الآن على خطى قليلة من فصل جديد من اعصارات وزوابع هذا الربيع والتي دبت ارهاصاته

ومن جديد ببلد الياسمين وبالضبط من ولاية القصرين المهمشة طيلة العهود الثلاثة بعد استقلال تونس

سنة 1956 ( بورقيبة – زين العابدين- وفترة ما بعد الربيع ) .

فهل سنشهد خلال الفصل الثاني من هذا الربيع زوال واضمحلال الدولة

العميقة وذبول فروعها و أذرعها ؟؟ و قيام مؤسسات ذات تمثيلية حقيقية لشعوبنا ؟؟


الفصل الثاني من ربيع الشعوب سيحط رحاله عما قريب بالجزائر ذات المساحة الواسعة

فليس بمقدور جنرلات الجزائر هذه المرة شراء السلم الاجتماعي كما فعلوا سنة 2011

عندما كان ثمن برميل النفط 110 دولار، أما وقد وصل السعر تحت 28 ومن المرتقب نزوله

تحت أقل من 20 دولار خلال الأيام المقبلة ، فان عصابة العسكر لن تشتري سلما بل ستخمد

وستنطفئ شعلة البترول بحاسي مسعود وحاسي الرمل لأن ثم تكلفته سيفوقه سعره في

السوق .


مصر ستكون أمام تحديات جسام، فالمساعدات الخليجية ستتوقف مع تهاوي أسعار البترول

و دخول بلدان الخليج نفسها في اتخاذ تدابير تقشفية لن تتحملها شعوبهم 

فلن يستنجد غريق بغريق ، الجيش المصري سيتم استنزافه عبر جبهات عدة من ليبيا وسيناء

ومن الداخل حيث أعلنت داعش فرع القاهرة مسؤوليتها عن العملية الإرهابية

الأخيرة بالجيزة والتي خلفت قتلى وجرحي من بينهم عناصر من قوى الأمن 

والعملية تزامنت مع الزيارة الرسمية للرئيس الصيني لمصر، ومن الاكراهات التي تواجهها

الدولة استفحال البطالة بين شباب خريجي المعاهد والجامعات

.تردي الوضع المعيشي والخدمات، فماذا أعد النظام المصري لهذه الرجة القادمة

لا محالة و هل بمقدوره تجاوز تداعياتها ؟؟


بعد مصر و الجزائر ستكون الملكيات ببلدان الشرق الأوسط وشمال افريقية

على موعد مع تجربة الربيع، فحالة الاحتقان الشعبي قد بلغت ذروتها، وغياب التدبير الرشيد

للمقدرات والثروات وكذا فساد العائلات الحاكمة سيكون بمثابة الدافع لاندلاع الاحتجاجات.


ببلدان الخليج ذات الطابع الاقتصادي الريعي لم تستطع الأنظمة ابان الفترة الذهبية للبترول

من استغلال الثروة في التنمية، وبالمغرب استطاع النظام المخزني استغلال الاسلاميين كقارب نجاة

أنقذ باب تواركة من الفصل الأول من ربيع الثورة ، وهذه المرة يبدو أن الاسلاميين

العاملين تحت امرة القصر الملكي قد فقدوا بريقهم وشعبيتهم، فقد كانوا طيلة خمس سنوات عبارة

عن واجهة لتمرير قرارات القصروالسؤال المطروح هل سيشكل المغرب ومن جديد

ونحن على مقربة من اعصار ربيع الثورات استثناء جديدا ؟؟

وهل سيجد النظام قارب نجاة قرب بحر لوداية ؟؟ قد.. قد.. قد.. يشكل المغرب استثناء

في اطار ملكية برلمانية حيث يسود الملك ولا يحكم والتصالح مع اليسار المغربي

وتمكين قواه و هياكله من لعب دور محوري في المشهد السياسي، ربما.. ربما ..ربما..

سيكون هذا هو قارب النجاة..الذي قد يضع المغرب في خانة الاستثناء.

من فصل جديد قادم من ربيع الثورات .

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.