الأحد , ديسمبر 22 2024

نادية خلوف تكتب : دعوة إلى طاولة حوار

نحن  اليوم في عالم العائلة بعيداً عن السّياسّة. في عالم الشّرق المتخم بالذّكورة.

أغلب الأمهات، والآباء الذين ينتمون إلى ” الطبّقة الوسطى”- التي لم تعد موجودة في الوطن العربي،  نفترض أنّها الطبّقة المتعلّمة- يفقدون التّواصل فيما بينهم بعد مجيء الطّفل الأوّل، تبدأ نظرة الزّوج للآخر بالهبوط لآنّه اكتشف أنّ زوجه ليس هو في التّربية ، والفكّر، والنّظرة للحوار، وهذا مايدعى ” عدم قبول الأخر”

ربما لا تدّل نسبة الطّلاق في المجتمعات العربية على الحقيقة كاملة، فالطلاق العاطفي نسبته أكبر بكثير، قد يكون الطّلاق  العاطفي من قبل الرّجل أو المرأة  وأغلب النّساء يحاولن أن لايتمّ الطّلاق كي لا تتفتت الأسرة ويضيع الأطفال في نزاع  غير مجد، كما أن الكثير من الرّجال تصيبهم أزمة منتصف العمر فيعتقدون أن الكثير من الأشياء قد فاتتهم. مع أن لديهم أجمل الأشياء: أسرة جميلة هي ملاذهم، وأطفال مليئون بالحياة.

هذا الموضوع شائك في الوطن العربي أكثر منه في الغرب، مع أنّ الغرب يعاني من نفس الموضوع-أعني الطّلاق العاطفي-، الفرق بيننا وبين الغرب أن حق الطّفل مصان في القانون  الغربي.

يأتي الرجل إلى القفص الذّهبي، وهو مشبع بغرور الذّكورة ، وعقدة الاستبداد يسائدة في المجتمع، والمدرسة، وتأتي المرأة من خلفيّة الأمّ المذلولة من قبل عائلتها، وعائلة زوجها ، ومن المجتمع، حيث أنّ أي أمر يجري داخل الأسرة تكون هي المسؤولة عنه.

لن نكون مبالغين لو قلنا أن أكثر النساء اللواتي يتعرّضن للظّلم هن النّساء المتعلّمات اللواتي يحملن فكراً تنويرياً لا يتحمله الرّجل ، سواء في التربية داخل الأسرة، أو في النّظر لأمور الحياة.

الأسرة السّليمة هي القائمة على التّوازن بين الأنوثة والذّكورة، وهذا التّوازن نحن من يستطيع أن يديره، وفق حوار بنّاء داخل الأسرة، والحوار البنّاء مرتبط بالحبّ، والحبّ مرتبط بالتّقدير، والاحترام.

الموضوع النّظري سهل، فخلال اللجوء إلى المحاكم، وهي ” شرعيّة” في الوطن  العربي ،للرّجل حق الطّلاق التّعسفي، وحق الحضانة فيما لو تزوجت المرأة.

كما أن متطّلبات الرّجل من الزّوجه قد تكون كبيرة مثل الاستئثار بدخلها، وقبولها بطريقته في الحياة دون أن يكون لها حقّ النّقاش، وفي غفلة من الزّمن وبينما تكون تعمل على بناء أسرة مميّزة، وأطفال أصحاء يقول لها : كنت عبئاً على حياتي، تنكر القرار لأنّها قبل ثانية فقط كانت تفكّر في مستقبل الأسرة ومستقبله أيضاً، و قد تكون هي من أسس حياته، تجد نفسها صفر اليدين. تخشى من العار الاجتماعي، هي تخجل من الطلاق، وهو يتباهى به.

ماهو الحلّ؟

لا يخلق الإنسان مدركاً لأمور الحياة ، لكنّ التّجربة تعلّمه، وأهم شيء على النّساء أن يتعلّمنه هو إيجاد فرصة عمل قبل الزّواج، والاستمرار بها، وحلّ موضوع الأطفال بالطّرق الشّائعة، ومعرفة كيفية تسيير الأمور. أما في حال حدث الطّلاق، وهو قدر في يد الرّجل. على النّساء أن لا يلمن أنفسهن بأنّهن سبب فيه. عندما يرغب الرّجل في البقاء في أسرته لديه ألف وسيلة لا حتواء الزوجة، وعندما يرغب بالمغادرة يختلق ألف سبب أيضاً. لذا على المرأة أن لا تشكّ للحظة بأنّها كانت سبباً.وأن  تعيش  الحياة كما هي ، ففي الحياة فرص قد تكون أفضل.

أودّ التنويه هنا إلى أن أغلب ماكتبته مستمدّ من حالات الطلاق، والحضانة التي استلمتها عندما كنت محام في سوريّة، أغلب النّساء اللواتي دافعت عنهن هن مظلومات، وأغلب  ضحايا الشرف  كنّ  كنّ بريئات.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.