في تذكار عيد الختان المجيد في اليوم الثامن من التجسد الإلهي.نتذكر أن الختان كان علامة للدخول في عهدٍ مع الله ويعطي البنوة الحقيقية بالإيمان. في العهد التوراتي كان ختان الجسد، والذي خضع له السيد المسيح ليتمم كل بر بحسب الناموس لأنه ولد تحت هذا الناموس: { ويختن الرب إلهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك فتحيا} « تثنية 30: 6 »
طاعة للوصية، ولكي يعلمنا نحن أن نحفظ وصاياه.
نعيّد عيد الختان لنتذكر أنه تجسد ليشبهنا كبشر في كل شيء، وليمنح بنوته لمن أختتنوا في جسدهم في العهد التوراتي. حيث أن الختان التوراتي هو رمزاً لمعمودية عهده الجديد، عهد النعمة. كان طقساً توراتياً فحوله المسيح لطقس المعمودية كعلامة للدخول معه في عهده الجديد.
فالختان الجسدي كان رمز لـ « ختان الروح » بمعمودية العهد الجديد، معمودية« الروح القدس ونار »:{ خِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ؛ هُوَ الْخِتَانُ الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ}« رومية2: 29 »
– و أيضاً الختان الجسدي رمز لـ « ختان القلب »، حتى أن أول شهداء المسيحية القديس إستفانوس وبخ اليهود بأنهم غير مختونين بالقلب والآذان لأنهم يقاومون عمل الروح القدس: { يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ }« أعمال7: 51»
– قصة سمعان الشيخ بحسب إنجيل «لوقا2: 25- 30»: { وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ.
فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ،»}
– و قصة سمعان الشيخ هذا كما جائت بكتاب شرح الإنجيل لـ يعقوب ابن الصليبي، يذكر إن سمعان الشيخ هو أحد مترجمي العهد القديم بما تسمى الترجمة السبعينية، حول النبوءة التي قالها أشعيا النبي لآحاز ملك يهوذا {ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل}« أشعيا 7: 14 »
وكلما جاء ليكتب هذه نبوءة أشعياء بميلاد المسيا عمانوئيل ويجد النبوءة مكتوب فيها أن التي ستحمل هي عذراء، فيخشى أن يترجم كلمة ” عذراء « تي بارثينوس» كما جائت بإشعياء النبي « إش 7: 14»، حتى لا يسخر منه الملك، فأراد إستبدالها بكلمة « فتاة ». فالعقل و المنطق يقولا أن العذراء لا تحمل ولا تلد!
وبينما وهو يفكر في صراعه بين النبوءة وما يدور برأسه حتى يكون امين في ترجمته للتوراة، رأى في رؤيا من يقول له:« إنك لن تعاين الموت حتى ترى عمانوئيل هذا مولودًا من عذراء».
و عاش سمعان حوالي 300 عاما ولم يقترب منه الموت حتى ضعف بصره، وجاء ملء الزمان لميلاد سيد البشرية ليدخل سمعان للهيكل و يرأى الطفل الإلهي و يحمله بين ذراعيه فتُبصر عيناه سيد الخليقة وخالق الأزمان الذي حفظه من الموت حتى تعاين عيناه مخلِّص البشرية فيُدرك عظمة سِرّ الخلاص الذي تجسد لأجل رب المجد يسوع ملك الملوك ورب الأرباب.
– الختان الجسدي في العهد الجديد هي عملية صحية للذكور وليست طقسية كما كانت في العهد التوراتي لأنها طقسياً أبدلها المسيح بمعمودية روحه القدوس.
وأخير أختم بقول القديس كيرلس الكبير: “أن الختان يخرج الإنسان من دائرة الفساد بقطع لحم الغرلة والمعمودية تمنح القيامة مع المسيح فنخرج من دائرة فساد الطبيعة”.
الوسومنانا جاورجيوس
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …