كلما مرّرت على متجر اسمه” الويلس” في السويد. أتحدّث مع ذلك الغجري وأعطيه بعض الكرونات فيقول لي بصوته الخفيض” تكسو ميكي” أي شكراً جزيلاً. أغادر المكان وأنا أبكي، فذلك الشّاب الغجري الوسيم هُجّرَ أجداده من مناطقهم في الهند، أصبح العالم كلّه ضدّهم. هل سيكون السوريون في يوم من الأيام مثلهم؟
جلست البارحة قربه على دكّته الخشبية، وسألته بسويدية ركيكة. لماذا تجلس في ذلك الجو المثلج قرب هذا المكان. أجابني بسويديّة واضحة بأنّه ليس له أوراق نظاميّة يضطر إلى التسول من أجل إطعام ابنتيه، وسوف يناضل من أجل أن تدخلا المدارس السويديّة. كم أنت رائع أيّها الغجري ! ليت رجال بلادي يقتدون بك.
الكثير من الرجال والنساء الذين وصلوا إلى السويد، ومن باقي أنحاء الوطن العربي وأفريقيا دمّروا أسرهم تحت حجج واهيّة ، والكثير من الرّجال والنّساء يساكنون غير أزواجهم ريثما تنتهي معاملة لمّ الشّمل. لكنّ نسبة الرجال أكثر بكثير فمن بين ثلاثين حالة هناك امرأتان سوريتان فقط تقوم بما يقوم به الرّجال.
الأمر لاينتهي هنا فعندما يأتي الزوج ، أو الزّوجة في عمليّة لم الشّمل قد يتمّ الطلاق تحت أعذار شتى.
جلست مع إحدى السّيدات اللواتي يعملن في هذا المجال، وجهت لها سؤالاً:
ماهي نسبة الطّلاق في السّويد. أخرجت إحصائية على النت. نسبة الطلاق في السويد 35 بالمئة، وفي مصر 45، وفي سوريّة 60 بالمئة.
فتحت ملّفاً كاملاً شاهدت فيه في مركز حماية الأسرة. المركز مليء بالنّساء والأطفال، وأغلبهم ليس سويدياً, ثم شرحت لي عن كل حالة من الحالات متابعة:
الرجال في السّويد متنمّرين مثلهم في كلّ أنحاء العالم، فقد انتهى عصر الأمومة، لكنّ السويد دولة قانون لا يتجرأ الرّجل فيها على التّنمر إلا نادراً . بإمكانه أن يغادر لو شاء دون تنمّر.
شرحت لي وضع الشّرق أوسطيين. قالت عندما ذهبنا لنرى الحال على الواقع عند هذه العائلة كان الرجل يحمل أولاده، ويطعمهم وكأنّه أب مثالي، لكن بالعودة إلى ملّفه تبين أنّه مسيء جنسياً إلى زوجته، يصفها بأوصاف جنسية أمام زوجته فصنّف كمعتد لأنّ الاعتداء على الزوجة هو اعتداء على الطفولة.
في السويد يستمر الزوجان في رعاية الأطفال حتى بعد إنهاء العلاقة، لو كان الإنهاء ليس ناتجاً عن عنف أسري، والعنف هو الاعتداء على الزّوجة باللفط، أو عدم قيامه بواجبه كأب، فمثلاً لديه عدد محدّد من الأيام بعد ولادة الطفال عليه أن يقوم بةواجب الرعاية حيث تذهب الزوجة إلى الدّراسة،ولو ثبت خطأ الزوج فإنّ المحكمة قد تحكم عليه الابتعاد عن الأسرة، وتطلب من المرأة تطليقه أو التنازل عن أولادها لجهة تتبناهم وترعاهم.
طبعاً هذه أسرار لايمكن أن تبوح بها شخصيّة عامّة لكن كان برفقتي مندوب من صحيفة محلّية وأذن مسبق ، لذا تمّ عرض بعض الملّفات.
كنت متفاجئة بنسب الطلاق في الدول العربية ، اعتقدت للحظة أن نسبة الطلاق في السويد أكثر، وعندما سألتها عن السبب أجابت بأّنه الرّجل الشّرق أوسطي أكثر تنمّراً على العائلة كونه اكتسب فكر الاستبداد من خلال المدرسة والمجتمع، وكونه يصرف على الأسرة أحياناً،ويعتقد أن على الزوجة أن تصبح خادمة ، وتكون غير خائنة، وتسمح له بما يشاء. إذا كنّا نحن في السّويد نتحدّث عن حقوق المرأة السويديّة ، فكيف في الشّرق وكل انعكاسات المجتمع الذكوري توافق على التنكيل بالنّساء.
هل تعتقدون أن الموضوع يستحق التّعمق أكثر؟