الأربعاء , نوفمبر 20 2024

وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُ

  • أجراسٌ تدق و تراتيل أصوات ملائكية و طفل بمذودٍ يولد ليرسم إنشودة الحب، إيذاناً بإمتلاء الزمان المفتقد فتتحقق النبوءة لتغزل إنشدودة الحب والسلام وإفتقاد إلهي لبنوِّتنا الضائعة، ليسطع شمس البِرّ بنوره ويتجسد الحب فيزيح الظلمة وينبت فجره الجديد بميلاده العذراوي البِكر، فتتبدد ظلمة قلبك أيها الإنسان ليعيدك الله لمساحة الحب التي فقدتها فتوهب لروحك حياة جديدة، أحكوا لنا أيها الرعاة ماذا وجدتم في المذود الحقير غير طفل في التِبنّ يبكي مكفَّناً في أقمطته رهين علامته ليبذل ذاته على علامة العذاب والألم المقدس، وكيف رأيتم ملائكة تهبط عليه وتصعد مهللة بترنيمة الفرح وتسبحة المجد للحظة قدسية هي كل ملء الزمان الذي طالما إنتظرته الإنسانية. وأنتم أيها المجوس كيف نظرتم هذا الطفل البائس في صقيعه، هل أدفئته كنوزكم وجعلت منه ملكاَ. وهو منذ بدء الأزل ملك الملوك و رب الأرباب السماوي الذي إفتقر ليغنينا بفقره للمجد العتيد، لم يكن محتاجاً لمُلك أرضي ليملك ويمتلك أباطلٍ العالم وحساباتهم الفانية،وهو من قال أن مملكته ليست من هذا العالم!

    جئتُ إلينا لا تحمل سوى قلبك، يفيض بحب مطلق يكفي أن يملأ كل قلوب الإنسانية وفتحته لنا عن آخره كصدر طائر البجع، لتلقي في قلوبنا ببشارة فرحك وخلاصك، وأي سلامٍ في القلوب تركت وألقيت، ليفوق سلامك كل العقول! فليس كما يُعطي العالم بسخاؤك قد أعطيتَ، وليس كما نمنح ومهما، فبفيض خلاصك للعالم قد أفضت من روحك القدوس على إنسانيتنا لتمنحها جزيل نعمك وعطفك وإحساناتك قد وهبتَ بسخاء. فتعال أيها الكائن السماوي أنر بنورك ظلمة عالمنا لتحتوينا في حضنك الذي فتحته للعالم حين فتحت ذراعيك مُسمرتين على عود صليب عذابك حيث كان يقطر من دمك المنسكب، وفوقه رفعت المسكونة الزرقاء بين يديك وحملتها على أذرعك الأبدية، لتمنح الطمأنينة لقلوبنا المرتجفة وتُثبِّت الرُكب المرتجفة ورفعتَ عنا ظلمة الخوف، لتمسح عنا زمن العبودية وترفع بدمك عار كل خطية، لتعيد تشكيل أديم طينتنا بين يديك على دولاب الفخاري أيها الفخاري الأعظم، فتُلبِسنا طبيعتك السماوية و تُملِّح الأرض بعربون أفراحك الأبدية.

    تعال لتُسكِّت رياح الشر وعواصف الكراهية و زوابع الإنتقام التي تجتاح بلادنا، تعال لتغسل أرضنا من الدماء الطاهرة التي سُفكت عليها و تصرخ إليك طالبة المجازاة من سافكيها، و تكشف أعمال النَجاسة والنِخاسة و ظلمة مملكة إبليس، فلتحِلّ تعاظم أهل البِدع و تجار الدين وبائعي الفتاوي الذين ينفثون سواد صدورهم في وجوهنا، اكشف آثار أقدامهم الهمجية وإرهاب أياديهم الدموية، لتبدد مشورة قوم الموت و أعداء الحياة وكراهي إنسانيتنا لتُسقِط زيف أقنعتهم، وتخلع ثياب الحِملان عن أجساد الذئاب الخاطفة لتعري إنسانهم العتيق، و تهدم قُبح أفكار أهل الظلمة كما تحطمت تحت قدميكَ أوثان مصر وفراعنتها أمام وجهك القدوس.

    تعال، فكُلي إيمان يجثو بإنسحاقٍ تحت قدميكَ أنك ستُخرِج من الظلمة نور، ومن العمى بصيرة، ومن الجافي حلاوة، فمن حضن الضيقات والألمات يخرج كل رجاء و تعزيات، تعال و اقرع سيمفونية أجراسك على أبوابنا المنغلقة لتفتح لك مذاود قلوبها فتدخل إليها وتسكن فيها و تتعشى معها و تتعزي بكَ في تيهها و غربتها على الأرض.

    تعال لنقدم اليوم قلوبنا مذاوداً صغيرة في عيد تجسدك الإلهي، لكي تملك عليها وتسودها فترنم لك وتمجدك مع أبيك الصالح و روحك القدوس ونسجد لك كما سجد المجوس إليك لأنك حملتنا و مازلت تحمل في قلبك خلاص العالم الذي بذلت ذاتك لأجله، تعالَ لتجعل قلوبنا مذوداً صغيراً تولد فيه كل يوم وتملأها من فرحك السماوي ومن سلامك العجيب الذي يفوق كل سلام.

    ربي وإلهي يا من وُلدت في بيت لحم لتصير ذبيحة حقيقية حقة، دعنا نقتني قلوب من لحم لتنبت بين أضلعنا إنسانيتنا من جديد أعواد خضراء غضة من محبة حقيقية تنسكب منها أنهار عذبة تفيض من ينبوع محبتك لتروي بقية القلوب المتشققة و العطشى لمحبتك، تعال يا من جوعت وعطِشت في جسد تواضعنا وأنت الخبز الحيِّ النازل إلينا من سماء عرشه وينبوع الماء الحيِّ المفضي للحياة الأبدية، يامن تواضعت وتنزل لتمنحنا جسد مجدك و ترفعنا لمملكتك الأبدية. و لأنك الأبرع جمالاً من بني البشر حين أخليت ذاتك لتولد في شبه الناس فليكن لنا حسب وعدك. هلِّلُويا، فأنتَ.. هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد، أنتَ إله البداية والنهاية، الأول والآخر، الرب الكائن والذي كان، القادر على كل شيء والدائم إلى الأبد.

     
     
 
 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.