الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
محمد شلبى أمين

عضة الروح .

محمد شلبى أمين
ارتميت عليه أقبله ،ضممته إلى صدرى بشوق الليالى التى غبت عنه فيها ،غمرت رأسه ويديه بقبلاتى ،غسلت قدميه بدموعى ،جففتهما وأرحتهما فى حضنى ..عزتى وكبريائى
لا أحسهما إلا فى جلستى هذه ؛أنّت روحى لأنّاته..نزفت جروحه فى ..تناثرت الذكريات حينما تمددت بجواره ؛ اعتذرت عن تقصيرى ، نظر إلىّ بحنوه المعتاد ،مد ذراعيه ببطء سنيه الخصبة ..لفهما حول عنقى ..ضمنى إليه طويلا ..هدأ من روعى ..أنسانى إحساسى بالدونية ؛ ضجت الغرفة بصوت انتفاض باب البيت ..دلفت..خيالها يسبقها إلينا؛وقفت فاغرة فاها مطاطيا ..فغر فى، ارتعدت،وتعطلت حواسى ، تصلبت أطرافى؛لم أفكر إلا فيه.
طوال عمرى أدّعى أننى أكره الزواحف..لكننى فى الحقيقة
لم أخف من شىء فى حياتى خوفى من الثعابين والحيات،
حتى الكوابيس التى تهاجمنى ..تضربنى بصورتيهما.
قفزت معترضا طريقها لأمنعها من الوصول إلى من.. عاش يظلنا بظله فى الحر إذا اشتد،يدفئنا بروحه من البردإذا قسى. إلى من صارع الدنيا من أجل أن نحيا .
لاطف هذا ..عنّف هذا ..ابتسم لهذا ..غضب من هذا ..ثار
فى وجه هذا ..من أجل بقائنا.
لتأخذ روحى قبل أن تصل إليه؛ضربتنى برأسها..فألقت بى يمينا ،استمرت فى الزحف إليه،عدت إليها..ألقت بى يسارا،عدت إليها..قذفت بى خلفها..عدت إليها..محاولا الوصول لفمها علّها تفرغ سمها فى،قبلت يدى ،تخدرت حواسى ..سقطت..لم يبق منى إلا الرأس يراقب.
قفزت على صدره ،روحى وصلت إلى الحلقوم، تقطعت الحروف الهامسة فى فمى ..أ ب ى ..أقولهابصوتى المخنوق ..أهز رأسى ..الكابوس الذى يهاجمنى أبدا أعيشه الآن بأبشع صوره ..أهز رأسى كى أفيق، لا يهتز..ولا أفيق..والكابوس لا ينتهى.
فردت نفسها على جسده طولا ..ووضعت صدرها
على صدره،اشتدغضبها،انطلق فحيحها..ملأدنيانا،
تطعن برأسها فى كل الاتجاهات ..معركة حامية بينها وبين مالانراه،تصارع بقوة تكر وتفر أمام رأسه ،تفتح فمها ،تظهر أسنانها المتعطشة للفريسة ،لسانها يتحرك بسرعة ..كأنها تزغرد ..نشوة وانتصارا .هدأت ..أغلقت فمها ..ضمت جسدها جميعا على صدره ،اقتربت برأسها من رأسه ،وضعت فمها على جبهته ،قبلت رأسه فى حنان زائد،استدارت.
فى طريق عودتها ..نطقت بصعوبة ..لماذا؟
قالت: لا تشغل بالك بالأنّات والجروح ،كلها لها دواء..ومهما عظمت ..تنتهى بفناء الجسد..سنة الله فى بنى الإنسان،لكن حذار من عضة الروح..ليس لها دواء ..وتبقى فى الخلود بآلامها.
عادت لصمتها..استمرت فى سيرها ..سير المنتصر، توقفت على باب الغرفة ،استدارت فى قوة وثبات..استدارة الجندى العائد بالنصر لقائده،وقفت على طرف ذيلها،أصبح الجسد الناعم ..الزاحف خطا مستقيما فى مواجهته،أحنت رأسها فى قوة وخضوع ؛عادت إلى طبيعتها،اتخذت طريقا.
انتبهت وجدته مستيقظا ..تزين شفتيه ابتسامته الصافية .
مد يده ببطء المرحلة التى عاشها بين النكسة والانتصار.
طوقنى بذراعيه..ضمنى إليه هامسا ..
عصا موسى ترعى جنود سيناء.

10

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.