الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
محمد شلبى أمين

أبداً لن أكون البطل .

محمد شلبى أمين
دق الجرس معلناً عن بدء المباراة ،تصفيق حاد من كل الأركان ، هذا الحشد ، حضر يشاهدنا ، هو وأنا، نقتسم الحلبة، نقف عرايا إلا من ساتر، يشاركنا رجل ثالث ،هو.. البطل الذي تربع علي عرش البطولة سنوات طويلة، لم يستطع أحد أن يتغلب عليه أحد أويكسب منه جولة واحدة،أمتعهم وأسعدهم كثيراً، أمتعني وأسعدني، كم كنت تواقاً لرؤيته ، اليوم أباريه وأنشد الفوز عليه.
لم يسأله أحد يوماً هل هو سعيد كما أسعدهم أو لا ؟.
الكل يفترض أنه أسعد مخلوق، فهو البطل الذى تربع على عرش البطولة سنوات طويلة، ومن يدري، أقنعوني أني سأتفوق عليه وأصبح البطل ،لأننى فتي في مطلع شبابى ، هو بدأ في سن الانحدار، يقابل دهاءه وحنكته قوتي وسرعتي. تلاقينا،عينيه في عيني ، كأنه يقرؤني، ملامحه الجادة ،نظراته القوية جعلتني أتمني أن أكون أي شىء سوي هذا ،استقامت يده في وجهي، هزتني بعنف،وصلني أنه ليس سهل المنال كما أقنعوني، فاجأته ببضع لكمات صائبة ، نزفت أنفه،أنزف معه، أتمني أن أضمه وأمسح عنه دماءه ،لكن،هذا ليس من قانون اللعبة،وهذا مالايقبله الجمهور.. الذي حضر يرانا يأكل كلاناالآخر،أفقت وأنا أحاول الوقوف علي قدمي بعدما تمكنت يده من أعلي أنفي، نزفت،ننزف سويا،الجمهور يصفق لروعة المباراة، سمعت أحدهم يصرخ فيّ: اقتل هذا العجوز،لم يعد يصلح، يستحق أن يربط بعنقه حجَُر ويلقي به في البحر، استدار إليه، نهرني المدرب صائحاً: إخطف، فاجأته بلكمة دائرية، أطرق رأسه من قوة تأثير الضربة ،عملت بنصيحة المدرب ،قابلته بلكمة خُطافية من أسفل لأعلي، سقطً علي الأرض مغمض العينين،دامي الوجه، ممدداً، فارداً ذراعيه،منفرج الساقين، طائر أضناه الرحيل،الرجل الثالث يضرب بجوار رأسه ، واحد، اثنان ،ثلاثة ، أسمعه جيدا وعيناي عليه لا أري غيره،الرجل يعد،والناس تصفق،هو ملقي، وأناأنتظر، ماذا أنتظر ؟! قام الرجل منتفضاً، أمسك بيميني، قبلها،أعلن أنني البطل،عيناي لاتري سواه، صاحت الجماهيرثم صفقت، ذهبت إليه كي أصافحه، ساكن،هززته، لم يتحرك ،راح في ثُبات عميق،ألقي عن كاهله حملاً ثقيلاً، استراح من عناء عمرشاق،هززتته بعنف، لم يتحرك، صمتت الناس بُرهة، انتفض الرجل مرة أخري،أعلن أنني فزت بالضربة القاضية، صاحت الجماهير ثانية،لم يلتفت إليه أحد،هذا الذي أسعدهم سنوات طويلة، لم يسأله أحدهم إن كان سعيداً أو لا ؟ ،الكل يفترض أنه سعيد،صعد أحدهم، حملني علي عنقه،أخذ يطوف بي،عيناي معلقتان عليه، يصرخ داخلي: هذه هي النهاية، تصفيقٌ حاد، الكل يشيدبى:هذا هو البطل، يصرخ داخلي: هذه هي النهاية،أسمع وأراني أسوأ كائن علي ظهرالأرض، أنا قاتل !! كيف يصبح القاتل بطلاً ؟، كيف ألقي الله ؟ وهو القائل ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنمُ خَالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) (1) ،أنا : قتلته .أفقت والمذيع أمام عينيّ يسألني، نحن الآن علي الهواء،بث مباشر، ماذا ينوي البطل بعد فوزه إن شاء الله ؟ .
تركته ومشيت معلنا..أنني.. أبداً لن أكون البطل .
————————
سورة : النساء، الآية : رقم (92).

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.