حكومة ليبرالية جديدة , و رئيس وزراء شاب, و آمال كبيرة و عريضة بانتعاش البلاد و نقلها للواجهة العالميّة عبر الحضور المميّز لكندا في مؤتمر المناخ, و استقبال اللاجئين الذين نجوا من حروب الشرق و تقديم صورةٍعن التكافل الإنسانيّ و التسامح معاكسةٍ لهجمات العنصرية و الشوفينية و حملات (الفوبيا) التي غرقت بها شاشات جارتها الولايات المتحدة الأمريكية في السباق الرئاسيّ إلى البيت الأبيض. و على الرغم من انخفاض قيمة الدولار الكنديّ المؤلمة للسوق و التي ترافقت مع إنخفاض أسعار البترول و ارتفاع معدلات البطالة في ألبرتا, و التغيّرالمناخيّ الذي أخّر الشتاء الكنديّ لتمرّ أعياد الميلاد بلا ثلوج لهذا العام, يبقى رئيس الوزراء – جاستن ترودو– محطّ اهتمام محليّ و عالميّ لتتصدر صوره الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي و تتسارع الجموع لالتقاط صور” السيلفي” معه:فها هو في مؤتمر المناخ يُقابل بترحاب حارٍ من المعجبين, ثم تظهر صوره في مجلة الموضة”فوغ” كأكثر الرجال إثارةً في العالم, ليظهر بعدها في المطار مستقبلاً طلائع اللاجئين و يوّزع المعاطف, و بعدها نراها في عرض حصريّ لفلم “ستار وورس” مع مجموعة من الأطفالمن مشفى (CHEO) من شرق أونتاريو.
لتنتقل بنا الصورة لاحقاً إلى قاعة (ماككلينز سيتي هول) فيطلّ على الشاشات بملابس بسيطة و يجيب على أسئلة الحشد بعفوية و تواضع.
يبدو أنّ جاستن ترودو هنا و هناك و في كلّ مكان. و هو أمر لا يمانعه الكنديون أبداً في بلدٍ ديمقراطيّ وصل الرئيس فيه إلى منصبه عبر أصوات ناخبيه.
ومن هنا قد يتحفّظ المعارضون على مبادرات الحكومة الجديدة و يؤيّدها البعض الأخر و لا يبالي أخرون. لكن ما يبالي و يهتم به كلّ الكنديين من مؤيّد و معارض هو الوضع الاقتصادي للبلد و حالة سوق العمل فيه.
فتتوجه أنظارهم – إلى ما يدور وراء الكواليس و عدسات الكاميرات و أضواء الشهرة و المشاهير- مترقبين و آملين برؤية الخطط الحكومية الفاعلة في إنعاش الإقتصاد و تخفيض معدلات البطالة التي ستكون مفتاحاً لتحقيق الحلم الكنديّ سواء لمواطني البلد أو الوافدين الجدد إليه أو اللاجئين الذي لازالوا ينتظرون الدور بالقدوم.و الذي سيُبعد شبح العوز لنظام المعونة الاجتماعية (welfare) كملاذٍ أخيرٍ للاستمرار في الحياة.
سيأتي يوماً يدير فيه الكنديون ظهرهم عن كلّ الصورإلّا الصورة الاقتصادية التي سيتمعّنون بها مليّاً ليقيّموا نجاح الحكومة الجديدة, و لتصبح هذه الصورة الورقة الأقوى لفوز الحكومة الليبرالية في الإنتخابات المقبلة من عدمه. كما يتمنى الكنديون أن تضم الحكومة الليبرالية – لمعرض مبادراتها و ألبوم صورها- صورة مشرقة عن اقتصاد كنديّ جديدٍ بدولارٍ يجيد القفز للأعلى بدلاً من الغوص للأسفل, و فرص عمل وافرة و سوق عمل مدعوم باقتصاد متين و شركات ناجحة. و يبقى الحكم الأخير على حكومة جاستن ترودو مرهونا ًبهذه الصورة الأخيرة للمشهد الاقتصادي.