بقلم المحامي نوري إيشوع
في الحرب الكونية التي تتعرض لها سوريا الحبيبة، قتل هنا وتدمير هناك، ذبح هنا وسلب هناك، خطف هنا وتشريد
هناك، تهديد هنا وترويع هناك، أبى المطرانين الجليلين المطران يوحنا أبراهيم مطران حلب وتوابعها للسريان
الأرثوذكس والمطران بولس يازجي مطران حلب وتوابعها للروم الأرثوذكس ترك الرعية دون راعٍ بالرغم من
رسائل التهديد والوعيد التي كانا يتلقانها، صمدا كصمود أوابد سوريا ورسخّا أقدامهما في أرض الأباء والأجداد
أسوة بغيرهما من الرعاة الأمناء الذين ظلوا يحرسون خرافهم العزل بالرغم من المخاطر اليومية الكثيرة التي قد
تودي بحياتهم ولكن من خلال تصاريحهما الدائمة ومواقفهما الشجاعة أثبتا بما لا يقبل الشك، بان الراعي الصالح
عليه أن يضحي من أجل المؤمنين و لا يتوانى عن زرع بذور المحبة والتحمل و الأمل في قلوبهم، فكانت نتيجتها
خطفهما لا لانهما حملا سلاحاً فتاكاً قاتلاً، بل لانهما حملا سلاح المحبة التي تحيي النفوس الحزينة وتشفي المرضى
الذين لا شفاء لهم إلا بها! لانهما أبناء إله المحبة!
نعيش في كل عامٍ أسبوعاً من الآلام، تشبهاً بآلام رب المجد وسيره في طريق الجلجثة وصلبه على الصليب، بينما
أعزائنا المطرانين المخطوفين، يعيشان أسابيعاً وسنوات قاربت على الثلاث من الآلام لا أسبوعاً واحداً فقط!
فكسرا بذلك القاعدة، وزادا بغيابهما من آلامنا، فذرفنا الدموع لآلامهما وتوشحت القلوب بهالة سوداوية من الحزن
لفقدانهما بيننا، من خلالهما وبهما إندفعت جموع كثيرة ولأول مرة للمشاركة في هذا الأسبوع الحزين ليشاركونهما
حزنهما وآلمهما، ويحملون عنهما ثقل الحيطان التي تحيط بهما وما يعانيان من جوعٍ ومرضٍ وأوضاع مأساوية
ولكن الذي لا نشك به، بان قلبيهما لم ولن يعرفا الخوف لانهما قويين بالمسيح المعزي الذي قال : “إذا أجتمع إثنان
بإسمي أكون بينهما” فكيف اذا كان الأثنين رسولا محبة وسلام وضحّيا لإجله ولإجل خرافه المضَطَهدة!
اننا كبشرٍ، ضعفاء، قليلي إيمان، نبكي ونحزن، نفقد الثقة بالخالق، نرى الجهة السوداوية في العالم ونغمض عيوننا
عن جهة إشراقة الشمس التي تحمل لنا الأمل، بينما المطرانين العزيزين يعيدان التاريخ ويرسلان لرعيتهما ولنا
جميعا رسائل روحية من الكتاب المقدس لتعزيتنا جميعا و يقولان لنا :
من المطرانين، يوحنا إبراهيم مطران السريان الأرثوذكس لأبرشية حلب و توابعها و بولس يازجي مطران الروم
الأرثوذكس لأبرشية حلب و توابعها، الى أبنائنا و أخوتنا في كل مكان من أرض السلام و الآلام نخاطبكم:
أبنائنا الأحباء في كل مكان، قادتنا الروحيون وأخوتنا الرعاة الأفاضل إينما كنتم، لا تقلقوا علينا لأننا أبناء الله وكل
قوى الشر لن تخيفنا لان الرب قال مملكتكم ليست من هذا العالم و قال له المجد إيضاً: شعرة من رؤوسكم لا تهلك.
نحن قويان وقوتنا، إيماننا القويم بملك الملوك ورب الأرباب، قاهر الموت والخطية، منطلقين من رسالة بولس
الرسول الى أهل كورنثوس الثانية الإصحاح الأول الاعداد من 3 الى 7 التي نوجهها الى كل واحدٍ منكم قائلين:
” 3 مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرافة واله كل تعزية 4 الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي
الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله. 5 لانه كما تكثر الام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر
تعزيتنا ايضا.6 فان كنا نتضايق فلاجل تعزيتكم وخلاصكم العامل في احتمال نفس الالام التي نتالم بها نحن ايضا.او
نتعزى فلاجل تعزيتكم وخلاصكم. 7 فرجاؤنا من اجلكم ثابت.عالمين انكم كما انتم شركاء في الالام كذلك في التعزية ايضا. 2 كو 1 (3-7)
أعزائنا الأفاضل، نحن بخير وسوف نعود بإذن الرب اليكم قريباً ونشارككم أفراح الميلاد فرحين مسرورين! هل نسيتم قول الرب في إنجيل القديس لوقا :
” 9 فاذا سمعتم بحروب وقلاقل فلا تجزعوا لانه لا بد ان يكون هذا اولا.ولكن لا يكون المنتهى سريعا. 10 ثم قال
لهم تقوم امة على امة ومملكة على مملكة. 11 وتكون زلازل عظيمة في اماكن ومجاعات واوبئة.وتكون مخاوف
وعلامات عظيمة من السماء. 12 وقبل هذا كله يلقون ايديهم عليكم ويطردونكم ويسلمونكم الى مجامع
وسجون وتساقون امام ملوك وولاة لاجل اسمي. 13 فيؤول ذلك لكم شهادة. 14 فضعوا في قلوبكم ان
لا تهتموا من قبل لكي تحتجوا. 15 لاني انا اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها.
16 وسوف تسلمون من الوالدين والاخوة والاقرباء والاصدقاء.ويقتلون منكم. 17 وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي.18 ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك. 19 بصبركم اقتنوا انفسكم. لو :21-(9-19)
أحبارنا الأجلاء ، نشعر بكم ونترقب مجيئكم وانتم تدخلون أبرشيتكما، حاملين أغصان الغار بعد سنوات آلامكم
العجاف التي عشناها يوماً بيوم وساعة بساعة ودقيقة بدقيقة، منتصرين مع كل الآسرى، إيذانا بانتصار المحبة،
بسلاح محبتكما وحكمتكما ودعواتكما المستمرة الى إحلال الأمن و السلام في ربوع بلادنا الحبيبة و العالم أجمع!
ننتظركم يا صاحبيّ النيافة و كلنا أمل باننا سنلتقي بكما قريباً، صليا لأجلنا لتزيدوننا قوة في الإيمان، كي نتخلص من
سجون أنانيتنا وخطايانا وعبوديتنا لهذا العالم الأزلي الفاني ونحن على ثقة بان صلواتكما سوف تُقبل لان الرب أقرب إليكما منا جميعا!