الجمعة , نوفمبر 22 2024

زيّني أشجار الصنوبر يا عشتار!

12243536_1045560015477558_2108733267496091214_n

سيناء دباغ تكتب  :- زيّني أشجار الصنوبر يا عشتار!

وقفت الإسطورة على ضفاف الزمان و فردتْ شعرها الأسود الطويل على كتفيها, نظرتْ هنيهةً ترقب بلاد الشرق التي امتلأت جمالاً لآلاف السنين, كففت الإسطوة دموعها, فتحت فمها و خاطبت  أبناء الشرق قائلةً: كان يا ما كان في عصري أنا زمن الأساطير الجميل و مرتع الأبطال…و قفتْ عشتار هنا على هذي الضفاف المباركة تنتحب موت حبيبها تموز : ” دموزي أيّها الراعي البهي الطلعة الوسيم… يا من رحلت في قيظ الصيف إلى العالم السفلي قرباناً لي…يا من تبكيك قطعان المراعي و ينتحب عليك عشب المروج, من أجلك يا دموزي ستلطم الألهة خدودها حزنأً, و تتنهار دموعها كدجلة و الفرات انسكاباً.”

لم تنسَ عشتار تموز الذي رحل شاباً في ريعان العمر و لاتزال شجرة حياته مخضوررة الأوراق, فذهبت إلى الأحراج المجاورة و  قطعت بفأسها شجرة صنوبر خضراء كشبابه, و زيّنتها بنجوم السماء و كواكبها كي لا تنساه المراعي. ثم انطلقت لتجلس على كرسيها في مجمع الألهة “الأنوناكي” إلى جانب أبيها. فلطالما كانت ابنة “آنو المدللة”

عشتار: حزنت يا أبي و فاض قلبي ألماً على رحيل حبيبي.

الأنانوكي: ألم تختاريه قرباناً لكِ يا عشتار يجلس مكانك في عالم اللاعودة.

عشتار: آنو , يا أبي إنْ لم يعد تموز , لنزلتُ العالم السفلي و فتحت رتاجه, و مكثت فيه. عندها سيموت الزرع و يتوقف النسل و لن يقرب رجلاً زوجته أبداً. من سيقدم القرابين للألهة, من سيشعل لكم البخور إن فنى البشر.

تشاور الأنانوكي في الأعالي فخافوا رحيل ربة الخصب و الجمال إلى عالم الموت, عندها ستتوقف دورة الأرض و تجف المحاصيل و تتوقف الولادات. و بعد مشاورات دامت طوال الشتاء عاد آنو لابنته في الربيع و أبلغها قرارهم الجماعي بعودة تموزللحياة. ابتهجت عشتار, و عندما فتحت بوابة السماء لتنزل الأرض و تلتقي حبيبها, نظرت إلى مشرق الأرض فرأت بلادها تُشعلها الحروب, شاهدث الكثير من الشبان مثل تموز يرحلون في ربيع الحياة إلى أرض اليباب و اللاعودة.

بكتْ عشتار أحبتها طويلاً ففاض الفرات حزناً و هدر دجلة مستنجداً, ثم لفّ آنو ابنته بذراعه القوي و كفّف دموعها بيديه قائلاً: “عشتار, أيها المنيرة المضيئة, يا نجمة الصباح  والمساء, كم من أشجار الصنوبر ستزينين بعد الأن؟”

التفت الأسطورة إلى الأفق البعيد و أشارتْ للأفق البعيد متنهدةً:” انظروا للأعالي, لا تزال عشتار تلمع كعادتها تزونا أوائل الصبح و المساء, تتفقد أحوال عشّاقها و تمرّ بيدها السّحرية على أشجار الصنوبر الخضراء. زينيها يا عشتار, زيني أشجار الصنوبر في بلادي يا عشتار!” سكتتْ الأسطورة و غفتْ على ضفاف دجلة و الفرات علّها تستفيق ثانية عندما تنتهي الحرب من أرض الجمال.

شاهد أيضاً

المصريون يعتقدون بأن “الأكل مع الميت” فى المنام يعني قرب الموت .. وعالم يؤكد بأنه خير

يستيقظ جزء كبير من المصريين باحثين عن تفسير ما كانوا يحلمون به بالليل بل ويقضون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.