الأحد , ديسمبر 22 2024
الدكتور إيهاب أبو رحمة

المهنة السامية قتلت سامية (واقع فى زمن الخيال)

د.إيهاب ابورحمه 

ساميه و اختها فايزه , ساميه الاخت الكبرى كثيره الاستذكار , ذكيه , مجتهده و حكيمه فى تصرفاتها ساميه انسانه ,طيبه القلب من صغرها , مع ان الفرق سنتين فقط بين ساميه و فايزه لكن الجميع كان يشعر ان ساميه اكبر كتيرا من فايزه بسبب حكمتها و عقلها .

ساميه من صغرها تحب العلم تقضى وقت فراغها فى القراءة .

ساميه دائما تنافس على المراكز التلاته الاولى على مدرستها .فايزه دائما تشعر ب الغيره من اختها ترى الجميع يتكلم عن ساميه و يحكى عن عقل ساميه و حكمه ساميه و الجميع فى نفس الوقت يتحدث عن فايزه الطفله التى لا تعى للمذاكره اى اهتمام ولا تعى قيمه العلم فقط تعطى كل وقتها فى اللعب و الخروج دائما .

لا تستخدم عقلها فى اى امر من الامور هوجاء متسرعه متهوره التصرفات, كانت تمثل حمل ثقيل على ابويها لا تكترث لسماع اوامر ابويها و لا تذاكر دروسها ولا تقوم باى عمل مفيد قط .المهندس احمد والد ساميه و فايزه كان مهندسا صغيرا يتمنى لبناته ان تكونا احسن ابنتين فى الدنيا لكن للاسف فايزه كانت تؤرقه دائما تسبب له المشاكل دوما …. .

السنوات تمر و ساميه و فايزه كما هما واحده من اوائل المحافظه و التانيه تنجح دائما بالكاد , ساميه تعتمد على نفسها و مجتهده, فايزه اعتمادها على الدروس الخصوصيه فى الاساس و مازالت تنجح بالكاد , ساميه دائما ترفع رأس ابويها اعلى عليين و فايزه دائمه المشاكل مع اصحابها فى المدرسه و فى النادى .

ساميه تحب الخير من صغرها متواضعه و فايزه مغروره لا ترى الا نفسها فهى ابنه المهندس الكبير اللى يكبر كل عام و يتولى مناصب كبيره فى شركات مقاولات حكوميه كبيره ,مرت سنوات اخرى ساميه اصبحت الخامسه على الجمهوريه فى ترتيب الثانويه العامه و فايزه نجحت فى اولى ثانوى بالعافيه ,اختارت ساميه ان تدخل كليه الطب حتى تخدم الناس و الفقراء و البسطاء و حتى تكون فى مهنه ساميه محترمه و فى الوقت كانت ترى الاطباء يعيشون فى مستوى مادى اعلى من الجيد ف هاهو عمها طبيب فى الخليج رجع بعد 15 عاما من الغربه و يعيش فى مستوى معيشى راقى, كانت تعتقد انه سافر و فقط حتى يحسن المستوى الذى هو فى الاصل كان مقبولا فى بلده .

و مع انها سألته قبل الالتحاق بالطب و نصحها بعدم الالتحاق لكنها رفضت الانصات له ف هى تريد ان تخدم الناس الغلابه البسطاء .ساميه فى اول ايام الجامعه فى كليه الطب العظيمه صدمت لما رأت من طلاب كتر يتحدثون مع الاساتذه فى الكليه و ينادوهم ب اونكل و تنت , و تمر الايام و ساميه تذاكر و تجتهد الا ان اتت الامتحانات ساميه رأت الاساتذه يختارون الطلاب فى لجان امتحانات الشفوى و رأت المهازل فى امتحانات العملى و مع ان اليأس دب فى نفسها الا انها حاولت و اجتهدت و تمر الايام ساميه تبدأ امتحانات اخر العام و تجد الاسئله مسربه مع طلاب الاونكل و التنت و و لكن مازالت تقنع نفسها و تقول من جد وجد انتهى عامها الدراسى الاول .

و تظهر النتيجه و فجأه ساميه ترى ان من كان يقول اونكل و تنت من كانوا يتخذون النادى بيتا يقيمون فيه لا يحضرون المحاضرات و لا يعرفون محتويات مناهجا هم اوائل دفعتها و هى فى المركز ال30 على الدفعه تنهار ساميه فى البكاء و لكن تصمم انها لن تيأس ابدا فى السنوات القادمه .

تمر الايام ساميه فى السنه الثانيه يحدث نفس ما حدث فى السنه الاولى و يرجع ترتيبها للمركز ال 40 و فى نفس السنه فايزه تحصلت على مجموع 80 % فى الثانويه العامه .يدخل ابويها فى حاله حزن على فايزه و يصبروا ابنتهم المظلومه ساميه . فايزه تلتحق بكليه تجاره انجليزى .

و مرت سنوات اخرى و ساميه ترتيبها فى تراجع الا ان وصلت للمركز ال 90 على الدفعه فى نهايه الدراسه و فى نفس العام الذى تخرجت فيه ساميه تخرجت فيه فايزه مع فرق شهور قليله .ساميه اصبحت طبيبه امتياز قد الدنيا براتب 180 جنيه شهرىا , فايزه بحث لها والدها عن عمل وبحث عن توصيه من ابن عمه مدير البنك الحكومى الكبير ليعينها له فى بنكه ليكون اول راتب لها 5 الاف جنيه .

تمر الايام و ساميه تلتحق بنيابه تخديرو عنايه مركزه فى جامعتها اللى تعلمت فيها و كان اول راتب لها 350 جنيه و تاخد 15 نبطشيه فى الشهر يوما كاملا و مع انها كان لها الحق فى التعيين فى كليتها الا انهم (زحلقوها) ف كان هناك طبيبه فى الدفعه الاصغر منها لابد من تثبتها لانها كانت من ارباب تنت و اونكل.

خرجت ساميه لوزاره الصحه اللى تسبقها سمعتها و كان راتبها الاول 900 جنيه فى حين كان راتب فايزه 9 الاف جنيها .فجأه كسرت ساق فايزه فى النادى تم علاجها على حساب البنك فى مستشفى دولى مجانا .ساميه كانت فى حاله اكتئاب من وزاره الصحه و من وضع الاطباء و خصوصا ان بدل العدوى عندهم 19 جنيه و لا يوجد تأمين طبى ناهيك عن عدم وجود وسائل لمقاومه العدوى .و قامت ثوره يناير 2011 ساميه رأت الشباب يموتون ,انتوت الذهاب لتخدم الشباب الذى يضرب و يموت , عاصرت قتل الكتير من الاطباء من كانوا يساعدون معها من يموت و يصاب من الشباب الثائر فقد كان ينتابها الامل بتغيرالاوضاع و تغير حال المهنه الساميه .و تمر الايام ساميه راتبها لا يكفيها ان تاكل فى نوبتجياتها ,ف حتى وجبات المستشفى نفسها تصيب ب العدوى و النزلات المعويه و التسمم عذائى .

والد ساميه حينما رأى ساميه تذل و تهان اهدى لها عربيه و خصوصا حينما وجد اختها فايزه اشترت سياره بالتقسيط ف راتب فايزه يتحمل اقساط السياره غير ان البنك كان قد اعلن عن عروض للتقسيط للعاملين فيه ,حاول والد ساميه ان يساعدها بمصروف يعينها على راتبها لكنها كانت ترفض ,يعجب بها احد زملائها و يقررا الارتباط و ما هى الا شهور و كانت فى بيت الزوجيه تعيش مع زوجها على قدر راتبيهما لا يقبلان مساعده الاهل و بعد شهور تكتشف حملها تعيش اسعد لحظات حياتها بعد ما ادركت ان لحظه دخولها الطب كانت لحظه فرح كاذبه ,ترزق ساميه بطفل اسمه احمد و بعد ان تعود من اجازتها لرعايه طفلها يأتى لها مريض التهاب رئوى حاد فى العنايه المركزه ووضعه حرج قلبه يتوقف , بسرعه راحت تحاول ان تنعش قلبه قبل ان يتوقف تماما و لانه لا يوجد وسائل الحمايه من العدوى حاولت من غير قناع طبى ولا قفازات و الحمد لله ساميه لحقت المريض وعاش المريض بعد تحسن حالته و بعد ايام اظهرت التحاليل ان المريض كان يعانى من انفلونزا الطيور و بعد اقل من اسبوع ساميه بدأت فى الكحه و السخونه واشتد المرض عليها فذهبت الى الطبيب طلبا للعلاج طبعا على نفقتها , حالتها زادت سوءا الى ان امر الدكتور المعالج ادخالها العنايه المركزه على نفقه والدها الخاصه, حالتها ساءت اكثر اضطر الاطباء ان يصلوها على جهاز تنفس صناعى . اكتشف الاطباء انها تعانى انفلونزا الطيور, وضعها فى تدهور ,قلبها يتوقف هم الان يحاولون انعاش قلبها

قلبها يرفض الاستجابه. ماتت ساميه ,الدنيا كلها اصبحت سوداء فى عيون اسرتها فى عيون اصحابها وزملاء مهنتها .المستشفى ترفض اخراج ساميه الميته الا بعد دفع فاتوره العلاج و التى تقدر ب 70 الف جنيه . حاول والدها ان يجمع الاموال المطلوبه من اجل تسلم و دفن ابنته الكبرى , والد ساميه احضر قيمه الفاتوره من نقود كان يدخرها فى البنك و بمساعده من فايزه و اخ له حتى يكمل قيمه فاتوره المستشفى .تدفن ساميه ,وزاره الصحه التى كانت تعمل لها رفضت ان تعتبرها اصابه عمل و رفضت التحاليل اللى اثبتت انها انفلونزا الطيور .ساميه لم تكمل عامها الخامس فى عملها الحكومى هى لا تستحق معاش ……

شئ مؤسف .. .الطفل الرضيع اصبح يتما قبل ان يرى امه و الزوج يفارق زوجته بعد حياه قصيره من السعاده كم مريض انعشت قلبه , كم مريض انقذته بفضل الله ,كم سنه درست كم سنه اهينت و ذلت .كم عاما عملت باجر يقترب من المجانيه ,كم عاما ظلمت فى الجامعه وفى وزاره الصحه .ساميه ماتت فهى بلا تأمين ولا بدل العدوى محترم ف ال 19 جنيه و هو نفسه البدل الذى كانت تتحصل عليه من قبل 25 يناير .والدها اخذ يتذكر تشجيعه لها من صغرها حتى تصل الى كليه القمه ,شعور بالحزن و الندم على كل هذا التشجيع شعور ب الاحباط ف هذا هو مصير من اجتهدت سنين حياتها كلها بلا اى متعه و اخذ ينظر الى فايزه ابنته الاخرى و تمنى ان لو كان شجع ساميه حتى تبتعد عن العلم حتى لا يفقدها ….ساميه ماتت كم ساميه قتلتهم المهنه الساميه و كم ساميه ستقتلهم ,هل سنترك المهنه الساميه تقتل كل ساميه و سامى فى مصر لمجرد العمل فى صحه المرضى هل نريد علاج المرضى ام نمرض الاصحاء ؟هل يعقل ان من يتعامل مع المرض لا يجد تأمين طبى له ولا حتى ان يعطى بدل عدوى يليق بعمله ليصرف حتى على نفسه ضد العدوى لكن لانوفر سبل مكافحه العدوى ولا نرحم الاطباء ببدل عدوى يحترمهم و يحترم عملهم والاغرب ان من لا يتعامل مع الامراض يعالج مجانا و فى بعض الاحيان يعطى بدل عدوى………………………………… …………افلا تعقلون؟؟؟؟؟

د.إيهاب ابورحمه
ehababurahma@gmail.com

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …