بقلم عساسي عبدالحميد
كسائر بلدان قمعستان الممتدة من طنجة حتى نفطستان لدينا في المغرب أعياد وطنية معتمدة من طرف الدولة تعطل
فيها المؤسسات العمومية والشبه عمومية والخاصة ، و يخصص التلفزيون الرسمي برامج و أغاني وطنية
بالمناسبة ….من بين هذه الأعياد التي تمنحنا فيها دولتنا يوما للراحة ” عيد الاستقلال ” ،وهذا الاستقلال
كما يقال لنا كان نتاج ثورة ملك و شعب، وأن الشعب المغربي قدم شهداء و تضحيات من أجل الحرية والكرامة
و عودة رمز الأمة من منفاه السحيق بعد أن شاهده المغاربة على سطح القمر(….)
وبعد أن رفض المغاربة السلطان ابن عرفة العلاوي الذي نصبه الفرنسيس بتنسيق مع العميل
والحاكم الفعلي للمغرب آنذاك الباشا التهامي الكلاوي …خرج الاستعمار بعساكره و مقيمه العام
وتم التوقيع شكليا على استقلال المغرب ، لكن هذا الاستقلال لم يكن بالمجان و كان عرقنا و جدنا
وكدنا و استعبادنا جزء من الصفقة بين الاستعمار الفرنسي والقصر الملكي ،والصفقة ما زالت سارية المفعول
الى يومنا هذا ، وما معاناة ساكنة طنجة اليوم مع شركة أمانديس الفرنسية التي منحها
مسؤولونا حق التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء ما هي الا امتداد لهذه المؤامرة ….
اذا فهذا الاستقلال الذي نخلده سنويا ببرامج وثائقية عن ثورة الملك والشعب و أغاني وطنية وأشعار مدح و تبجيل
ما هو سوى استقلال شكلي ليس الا، وما من بلد بلد تتموقع فيه هذه الشركات المتغولة ومافيات ما وراء البحار
وتقوم بتدبير خدمات من هذا القبيل الا و يكون الحاكم بأمر الله هو من أذن لها باستنزافنا و استعبادنا مقابل العمولة
والمنصب والا ….، انه الوجه الآخر الذميم للمستعمر ..
هناك سؤال بسيط وساذج ، ألم نجد من بين ظهرانينا شركة وطنية لتدبير
هذا النوع من الخدمات حتى نؤمن عليها شركات أجنبية تقوم باستنزاف ميزانيتنا ونقل الأموال
الى بلدانها بدل من تدويرها وترويجها والاستفادة منها داخل أرض الوطن ؟؟ …
أمام هذا التواطؤ ما بين النظام المخزني المغربي والوصي السابق علينا التي هي فرنسا
وبعد فشل دولتنا في تدبير الشأن العام لهذا الوطن ها نحن مقبلون على صفقة كارثية
و سرقة عظمى ألا وهي بيع أسهم من قطاع المكتب الشريف للفوسفاط الذي
هو احدى ممتلكات الشعب المغربي، سيبيعها القصر الملكي للمستثمرين الأجانب ليقترف أم الجرائم
في حق الشعب المغربي ،علما بأن المغرب يتوفر على ثلاثة أرباع من المخزون العالمي من هذه المادة
الحيوية التي ستتحول الى سلاح القرن أمام تزايد ساكنة العالم و احتياجات الفلاحة للفوسفاط لتخصيب الأراضي
وزيادة المنتوج …
النظام المخزني لن يتواني في بيع أعضائنا البشرية لشحنها في برادات وبيعها خارج أرض الوطن
ليسيج القيمون على أمرنا من ريعها ومداخيلها ضيعاتهم ويسقون حدائق اقاماتهم
و يرسلون أبنائهم للدراسة والاقامة والاستجمام في كندا وسويسرا و ألمانيا وانجلترا ….
اليوم تنتفض ساكنة مدينة طنجة في اطار مسيرات سلمية تطفئ فيه أنوار مصابيح البيوت و تشعل الشموع في
الشوارع و ترفع شعارات مكتوبة وأخرى مسموعة على هذا الظلم و هذا الاستعباد
اليوم تصرخ ساكنة مدينة طنجة من أعماقها بعفوية وتلقائية بعد أن طفح الكيل
وبلغ السيل الزبى من دون تأطير سماسرة الأحزاب و النقابات وغرانيق القصر الملكي
واليوم تبقى الدولة عاجزة على ايجاد حل لمعاناة و آلام مواطنيهاأمام تعنت واستعلاء الشركة
الشركة الفرنسية المتغولة ….
فرنسا مازالت تعتبر المغرب جزءا من امبراطوريتها الكولونيالية و احدى تركاتها الاستعمارية
ولهذا هي حريصة كل الحرص على الدلو بدلوها واعطاء توجيهاتها الأقرب الى الأوامر منها الى أي
شيئ آخر بخصوص نوع الجهوية الموسعة التي يجب على المغرب نهجها والسياسة الاقتصادية
وعلاقات المغرب مع بلدان جنوب الساحل وجنوب الصحراء …
فرنسا حريصة كل الحرص على حصة الأسد في قطاعات حيوية بما فيها قطاع الفوسفاط
وحريصة أن تعامل بطريقة تفضيلية وتحصل شركاتها على مستودعات لتخزين سلعها بموانئ المغرب
ومكاتب و أبراج مراقبة و حريصة على نخبها المغربية وتأطيرها وتأهيلها للتجذر والتموقع
أكثر داخل مؤسسات وأجهزة الدولة للدفاع بحماس و جرأة على مصالح الفرنسيس ببلادنا
فهذه النخب التي تعمل فرنسا على تكوينها، هي أشبه بل بمثابة قياد وباشاوات
الحقبة الاستعمارية المباشرة الممتدة من سنة 1912 الى 1956 حيث خرج المقيم العام الفرنساوي
وحلت محله لوبيات متغولة تستنزف خيرات ومقدرات هذا الوطن المرهون