الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
د.ماجد عزت إسرائيل

الإصلاح القبطي في مصر وعلاقته بالحداثة الغربية .

د. ماجد عزت إسرائيل
تعد دراسة الإصلاح القبطي في مصر وعلاقــته بالحداثة الغربية في القرن التاسع عشر، ذات أهمـية كبرى سواء في محيــطهم الخاص كطائفة لها نظمها ومؤسستها الكنيسة الراسخة وعاداتها وتقاليدها الدينية

الموروثة أو كجزء لا يتجزأ من المجتمع المصري، الـــذي طــــرأت عليه تغييرات سياسية واقتصادية

واجتماعية بعيدة المـدى عجلت بتـطوير أو تـغير الـعديد من المؤسسات التقلــــيدية المـوروثة

نتيجة تغييرات عميقة في ظـل قيام الحكومة المركزية القائمة على الإدارة الـــــحديثة

على النمـــط الأوربي وارتبـــاطـــها بالـــسوق العالــمية والتخصــص في زراعة القـــــــــطن ونشاط حركـــــة

التصـدير، ونمو رأس المــال وإنشـاء مؤسسات الـتمويل وتدفق الأجانب

وتغلـــغل الأساليب والـــعادات الغربية الحديثة وبخاصة في المــــدن

وهي تغييرات اشتد ساعده وأمتد تأثيرها إلى الجميع.

وأدت التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري في ذات القرن وعلى الأقباط خاصة

من حيث شاركتهم في الإدارة الــحديثة، ومع إلغاء الجزية وقبولهم بالجيش، بموجب خط همايون الصادر في

1272هـ/1856م،ساعد على زيادة ظهور الحركات الإصلاحية داخل الكنيسة القبطية

وصاحب ذلك حدوث تغييرات في جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية التي انعــــكس أثرها على

المجتمع المصري بصفة عامة.

وفى إثناء ذلك عرفت الكنيسة القبطية استمرار التحدي الغربي في صورة حملات التبشير الكاثوليكي والبروتستناتي

خـلال القرن التاســع عشر، واستطاعت تحديث وإصلاح نفسه، وواكب ذلك إصدار الحكومة المصرية

“لائحة إصلاح 1879م” ليكون بمثابة رؤية ليبرالية صافية تربط بين الديمقراطية والانتماء

والتي توجت بصدور “لائحة إصلاح 1881م” استجابة للمطالب الليبرالية، وفى ظل ذلك ركبت الكنيسة القبطية

بفضل البطاركة، موجة الحداثة الغربية بالثقافة والتعليم وإنشاء المدارس القبطية والكلية الإكليريكية ، حتى أمكن أعادة تنظيم مؤسسات الكنيسة على أسس عصرية حديثة.

ولتحقيق هذا الهدف تطلب قيام المسئولين عن الكنيسة القبطية بـحركة إصلاح شاملة بتأسيس العديد من

المؤسسات التي تحقق الغرض من أجـل حماية رعاياه وفى مواجهة التحديات والحداثة الأوربـية، فقامت بإنشاء

المدارس القبطية، لتعليم اللغة والإلحان القبطية للحافظ على خـصوصـية الأقباط،

وتطلب ذلك استيراد المطبعة لطبع ونشر ثقافتها، وإنشاء المكتبات العامة، بجانب المكتبات الخاصة 

كما أصدرت الصحف القبطية ، ونمــــت الليبرالية داخل الكنيسة في ضوء المجلس الملي العام 1874م

الذي شــهد مشاركة العناصر العلمانية.

بجانب الاكليروس، كما شـجعت الـكنيسة في ضوء حركتــها الإصلاحية

الأراخنة ورعاياه على دفــع العشور والنـذور والتبرعات ووقف الأراضي والعقارات والمحلات

من أجل تــوفير مصدر تمويلي لمواجهة النفقات على المؤسسات الإصلاحية الحديثة.

كما أن بناء حركة الإصلاح الحديثة داخل الكنيسة القبـــطية قامت على دعائم من أهمها الجمعيات الخيرية

ونشــاطها متــعدد الجوانب في الـبر والفقراء والتــــعليم ورعاية الأرامل والجوع والمرض

كـذلك أنشاءت الملجأ لرعاية الأيتام، والتزمت هذه الجمعيات والملجأ باللوائح

والقوانين المنظـــمة للعمل الأهــلي، ومن ضمنها عدم التدخل في الشئون السياسية والدينية، لأن دورها

كان لا يقتصر على خدمة الأقباط خاصة،بل خدمة المـــجتمع المصري (مسلميه وأقباطه)

في ضوء تنمية الشعور القومي لدى أبناء الأمة الواحدة.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …