تقرير : حسين الصاوى
محمد فودة.. مهندس فساد كل الانظمة، فقبل نحو ما يقرب من 15 عاما ظهر اسمه لاول مرة فى قضية ماهر الجندى وبعد 5 سنوات قضاها فى السجن لتورطه فى قضية رشوة عاد بعدها لنفس هوايته فى استقطاب رجال الاعمال والمسئولين لانهاء الصفقات المشبوهة حتى كان آخرها قضية فساد وزارة الزراعة.
ولم تكن واقعة القبض على وزير الزراعة والتحقيق معه، هى الأولى من نوعها فقد سبقه كثيرون أبرزهم مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، ومحيى الدين الغريب وزير المالية، وماهر الجندى، محافظ الجيزة، وأحمد المغربى
ومحمد إبراهيم سليمان آخر وزيرين للإسكان فى عهد مبارك، وعاطف عبيد وأحمد نظيف آخر رئيسى
وزراء فى عهد مبارك أيضا، ووزير الزراعة يوسف والى، ووزير الداخلية حبيب العادلى
ووزراء آخرون هاربون مثل رشيد محمد رشيد وزير التجارة ويوسف بطرس غالى وزير المالية.
المثير أن القاسم المشترك عددا كبيرا من هؤلاء المسئولين سقطوا فى بئر الفساد على يد محمد فودة
طليق الفنانة غادة عبد الرازق، بعدما تسبب فى إقالة ماهر الجندي، محافظ الجيزة، من منصبه
وإحالته للمحاكمة وحبسه واليوم تسبب فى إقالة وزير الزراعة والقبض عليه.
محمد فودة، حاصل على مؤهل فنى صناعي، من مدينة زفتى بالغربية
وبدأ حياته مراسلاً لجريدة الجمهورية فى زفتى، ثم بجريدة الوفد، وانتقلت بعدها لجريدة ميدان الرياضة.
أفردت له بعض الصحف المصرية مساحات ضخمة فى منتصف التسعينيات، لنشر أخباره
وتحركاته وكان يشغل وقتها منصب سكرتير وزير الثقافة فاروق حسنى وبدا كأخطبوط له علاقات متشعبة
بدوائر المال والأعمال والسياسة حتى فوجئ الجميع بخبر القبض عليه متورطا فى قضية رشوة.
تضخمت ثورة «فودة» رغم أن راتبه من عمله لا يزيد عن مئات الجنيهات شهريا، ومع ذلك
ووفقا لتحريات الأجهزة الرقابية تبين أنه يمتلك وقتها 3 ملايين جنيه وضبطته متلبسًا
فى قضية رشوة بين المستشار ماهر الجندى محافظ الجيزة وقتها ورجل الأعمال عمرو خليفة
لإنهاء إجراءات تخصيص 130 فدانا بطريق مصر- إسكندرية الصحراوى ووجهت له النيابة
تهمة أخرى، وهى استغلال النفوذ والكسب غير المشروع خلال سنوات عمله بالوزارة.
النيابة العامة أحالت «فودة» للمحاكمة، وقررت المحكمة حبس محافظ الجيزة الأسبق ماهر الجندى
وحكم على فودة بـالسجن 5 سنوات، وغرامة 3 ملايين جنيه، كما قررت المحكمة ضم زوجته
كمتهمة فى القضية وطالبتها برد 3 ملايين أخرى.
خرج ماهر الجندى عن صمته فى 2009، وتحدث عن محمد فودة
وبدا من الحوار الذى أجراه مع إحدى الصحف أن «فودة شخص لا يستطيع أحد السيطرة عليه»
وتقدم ببلاغ للنائب العام فى 2009 للتحقيق مع السكرتير الخاص لفاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، بتهمة الفساد.
وقال محافظ الجيزة السابق فى حواره إن فاروق حسنى افتتح «حظيرة»
فى زفتى على أنها قصر ثقافة مجاملة لمحمد فودة.
تزوج فودة من الفنانة غادة عبد الرازق فى مارس 2012 وباستضافة بعض الفضائيات له باعتباره
كاتبا صحفيا، كما خصصت له صحيفة مستقلة عمودا ثابتا لكتابة مقال يومي
ولوحظ أن هذه الصحيفة تفرد مساحات وصورا لجولاته ولقاءاته مع بعض رجال الأعمال والوزراء
وكما كانت تنشر له حوارات صحفية مع الوزراء مثل وزيرى البترول والزراعة، وعمل بعد ثورة 25 يناير مستشارًا إعلاميًا لإحدى القنوات الخاصة.
فى فبراير الماضى تقدم فودة بأوراق ترشحه لانتخابات مجلس النواب عن دائرة زفتى مسقط رأسه
فى محافظة الغربية وفى الشهر نفسه طلق زوجته الفنانة غادة عبدالرازق للمرة الثالثة
بسبب خلافات بينهما وبعد طلاقه ترك منزل الزوجية.
وأقام بصفة مستمرة فى جناح خاص به بأحد الفنادق الكبرى فى القاهرة، واقتحمه رجال الأمن
الأسبوع الماضى للقبض عليه بعد ثبوت تورطه فى قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة
بالاشتراك مع محيى قدح مدير مكتب الوزير ومسئولين آخرين بالوزارة
حيث اشتركوا فى التوسط لرجال أعمال كبار فى الحصول على أراض لهم مقابل رشاوى وعمولات ضخمة.
وألقت أجهزة الأمن فى 31 أغسطس 2015، القبض على محمد فودة، باعتباره أحد أطراف قضية
«الفساد الكبرى فى وزارة الزراعة»، وحسب بعض المعلومات فإن حجم الفساد
فى قضية وزارة الزراعة بلغ 600 مليار جنيه.
فور القبض عليه فى قضية «الفساد الكبرى»، سارعت نقابة الصحفيين وأعلنت أن «فودة»
ليس صحفيًا وغير مُدرج فى جداولها، وكلفت مستشارها القانونى، بتقديم مذكرة للنائب العام
بانتحال صفة صحفى، بعد أن تبين لها أنه ليس عضوا بالجمعية العمومية، ولم يسبق له العمل فى أى من الصحف المصرية.
وأعلنت النيابة العامة، الاسبوع الماضى أن التحريات أظهرت أن المتهم فى القضية كل من: «صلاح الدين هلال، وزير الزراعة (المستقيل)، ومحيى الدين محمد سعيد، مدير مكتب وزير الزراعة، ومقدم الرشوة أيمن محمد رفعت عبده الجميل، والوسيط محمد فودة».
وتسربت معلومات أن قضية «الفساد الكبرى بوزارة الزراعة» طالت شخصيات سياسية وإعلامية ومسئولين بارزين، ولم تفصح النيابة العامة عن أى تفاصيل جديدة فى «قضية الفساد الكبرى».
وتبين أن الهدايا موضوع الرشاوى التى حصل عليها وزير الزراعة المستقيل، وقدمها له «فودة»
تمثلت فى عضوية عاملة بالنادى الأهلي، بمبلغ 140 ألف جنيه لأحد المتهمين، ومجموعة من الملابس
من أحد محلات الأزياء الراقية، قيمتها 230 ألف جنيه، والحصول على هاتفين محمولين، قيمتهما 11 ألف جنيه، وإفطار فى شهر رمضان بأحد الفنادق الكبرى، بتكلفة قدرها 14 ألفا و500 جنيه
وطلب سفر لأسر المتهمين، وعددهم 16 فردا لأداء فريضة الحج عن طريق إحدى الشركات السياحية، بتكلفة 70 ألف ريـال سعودى للفرد الواحد، وطلب وحدة سكنية بأحد المنتجعات بمدينة السادس من أكتوبر، قيمتها 8 ملايين و250 ألف جنيه.
يعتبر محمد فوده نموذجاً صارخاً للفاسد عبر العصور، فهو بطل قضية الرشوة الكبرى
فى وزارة الزراعة التى تحقق فيها نيابة امن الدولة العليا والتى أطاحت بوزير الزراعة ويتم التحقيق معه
فى تلقيه رشاوى لتيسير الاستيلاء على أرض الدولة، وهو نفس السبب الذى أدخل ««فودة»» السجن فى عهد مبارك بصحبة محافظ الجيزة الأسبق ماهر الجندى وعدد من رجال الأعمال بتهم تسهيل بيع أراض خاضعة لهيئة الآثار التابعة لوزارة الثقافة لرجال أعمال مقابل رشاوى مالية كبيرة.
خرج «فودة» من السجن واختفى عن الأضواء، ثم ظهر فى 2012 بصحبة بعض رجال الأعمال والإعلاميين وبدا للجميع أن الرجل الذى كان يعمل سكرتيرا لوزير الثقافة وقبض عليه فى قضية رشوة خرج من السجن ليستمتع بمليارته وأصبح واحداً من أغنياء مصر!
فبعد زواجه من الفنانة غادة عبد الرازق أحاط «فودة» نفسه بمجموعة من كبار الصحفيين، وبدأ فى العودة إلى مسقط رأسه زفتى، حيث ينوى الترشح لمجلس النواب وكان لغادة دور كبير فى توطيد علاقته بالوزراء والمسئولين وعقد الصفقات!
وكان ملفتًا للانتباه عدد الوزراء الذين سعوا لخدمة «فودة» مستغلين منصبهم وخاصة فى دائرته الانتخابية التى كان يمثلها فى البرلمان احد اقطاب الحزب الوطنى المنحل عبدالاحد جمال الدين.
وكان لحضوره فى مركز زفتى بصحبة الوزراء سطوة وحضور طاغ فالرجل بدأ زيارته لمدينة زفتى بصحبة المذيعة ريهام سعيد ووزير الصحة الدكتور عادل عدوى الذى حضر مرتين الأولى لتفقد ترميم المستشفى والثانية لافتتاح مستشفى زفتى العام، كما ساهم فى بناء مستشفى خيرى باسم «محمد فودة الخيرى» بقرية شنباط التابعة لمركز زفتى على مساحة 1200 متر بتكلفة خمسة ملايين جنيه.
كما حصل « فودة» على موافقة وزير الصحة بإنشاء مركز كبد ضمن 6 مراكز على مستوى الجمهورية بقرية نهطاى مركز زفتى على مساحة 2 فدان.
أما وزير الاسكان الدكتور مصطفى مدبولى فبعد اجراء «فودة» معه حواراً صحفياً كان له دور كبير فى دعمه داخل دائرته بمركز زفتى، حيث تم انشاء محطة تنقية المياه بكفر العرب، وإنشاء بوابات مداخل ومخارج بقرية سنباط، كما وافق على إنشاء مشروع الصرف الصحى بقرية شبراملس على مساحة6 قراريط.
أما وزير البترول شريف اسماعيل فسخر الوزارة لخدمة «فودة»، حيث أعلن فى مؤتمر جماهيرى فى زفتى، أنه حصل على قرار وزارى من وزير البترول بإقامة محطة غاز طبيعى فى زفتى وتوصيل الغاز الطبيعى لمدينته ووعد أصحاب مصانع الطوب التى تعمل بالمازوت بأنها ستتحول للعمل بالغاز الطبيعى.
كما اكد وزير البترول فى لقاء مع «فودة»، أنه سيتم إنشاء محطة لتخفيض الضغط وإنشاء الشبكات الأرضية بزفتى، خاصة مع توافر الأرض اللازمة لإنشاء المحطة، مع الإسراع فى تجميع المحطة محليا، وأن عملية الاستيراد تستغرق أكثر من 9 أشهر.
اما الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فكانت علاقته بـ«فودة» قوية حيث قام خلال فترة وجيزة بدراسة وحل المشكلات التى تواجه العديد من المساجد فى مدينة زفتى.
ووفر المرافق والبنية التحتية للمساجد المقامة بها، ودعم وسائل الراحة للمصلين من خلال توفير أجهزة تكييف إضافية، ودعم الخطباء والبنية التحتية وإحلال وتجديد واجهة دار المناسبات، والمساهمة فى مسجد الليثى، وفى مسجد سيدى أسر، وفى المسجد الكبير.
اما السيد أحمد عبدالخالق، وزير التعليم العالى فقد حضر حفل تكريم المتفوقين من خريجى كلية طب الفم والأسنان بجامعة المستقبل، مع «فودة» خلال الاحتفال بدفعة 2014 الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراة من مختلف كليات الجامعة.