بقـلم / هـانـي شـهـدي
جاء مقال الأستاذ رامي جلال عامر بعنوان “صلاة النوم السياسية” ، وكذلك تناول مذيعة قناة القاهرة والناس شيماء صادق لكيفية تعامل القمص “مكاري يونان” مع ظاهرة السحر الشعوذه كجرس انذار مُقلق لأخلاقيات وسلوكيات المواطن القبطي واختلافها عما اعتادها الجميع منه من محبة وتسامح، فكانت ردود أفعاله تجاه الحدثين من خلال مواقع التواصل الأجتماعي علي رامي وشيماء حادة وعنيفة ،مما دعا رامي للتعليق في مقال لاحق بمفاجأته من ردود فعل الأقباط العنيفة..
لكن هل سأل رامي نفسه أو سأل المواطن القبطي نفسه ..هل فعلا تبدّلت سـلوكياته ..ولماذا؟ ..نــعــــم تبدّلــت لـحد كـبير واضح وملحوظ لأسباب عديدة .. منها أسباب تعود بصفة مباشرة علي الدولة.
١- الأحداث السياسية التي مرت بها مصر خلال الخمس سنوات الماضية ، ووجود المواطن في مُعترك أحداث سياسية قاسية لم يكن مستعدة نفسياً لها، وتعاليمه الدينية والكنسية لم تكن مستعدة لتهيئته لهذه اللحظة، وجد نفسه مُــهجراً وكنيسته مُحترقه وتجارته واولاده مُستهدفين ، هو الهدف الأول والسهل والضعيف في الوطن مستهدفاً من جماعات الاخوان تارة وفتاوي تكفير السلفيين تارة ، والفوضي الأمنية والمجلس العسكري تارة أخري.وحشــر الكنيسة وقادتها في القيام بدور سياسي خلال ثورة يونيو بصورة مباشرة.
٢. الأحداث السياسية التي يمر بها الشرق الأوسط باكمله ، وتعرض مسيحي الشرق الأوسط للتهجير العرقي الممنهج علي يد عصابات داعش، مناظر القتل والذبح التي تُبث تحديدا لمسيحي العراق وسوريا ، ألا يثير كل ذلك قلق وسلام اي إنسان، خاصةً بقاء مسيحي مصر الوحيدين علي خريطة الشرق الأوسط بدون دم امنين إلي حد لا بأس به ،حادثة ذبح الأقباط في ليبيا ، ورجوع كثير من الأقباط علي مصر وصعوبة الحصول علي موارد للرزق،أحياناً انتظار الموت أصعب من الموت نفسه.
٣. المناخ الأمني والقانوني في مصر مازال يضغط بقوة علي أخلاقيات المواطن القبطي، وهذا متعمد من جانب أنظمة الدولة ، قضايا التهجير القسري والطرد التي يجد القبطي نفسه فريسة سهلة لها، مترنحاً في العراء بمباركة الجلسات العرفية المفوضة من الدولة وسيطرة الاسلامين والسلفيين ، وجود دستور يصنفه سياسياً وإنسانياً علي أنه مواطن فاقــد الأهلية، قضايا ازدراء الأديان المفصلة خصيصاً علي مقاس أي قبطي يتنفس هواءً نقياً خارج بيئة معطوبة انسانياً.
٤. مع اشراقة شمس كل يوم ،يستيقظ المواطن القبطي علي دعوات الشيوخ بتكفيره واهانته لا لأي ذنب أقترفه سوي أن ربنا خلقه كدا، شكله كدا “مسيحي” طب يعمل أيه؟ وحتي يرجع إلي سريره لا يخلو اليوم من مضايقات أو اهانات أو تنازلات أو انسحابات أو أستثناءات ليس من الشيوخ وانما من رجل الشارع المسلم العادي ، يستمع لاهانته في خطب الجُــمعْ في ميكرفونات المساجد المفترض أنها تابعة للأزهر المعتدل ، المناخ الديني في مصر لأنه حساس ومزمن يضغط بقوة علي ثبات المواطن القبطي .
لكن هناك أسباب أخري مـرجعها المؤسسة الكنسية نفسها والقائمين عليها ومنها :-
١- الخط الهمايوني الذي عانت منه الكنيسة منذ أيام السادات فمبارك فالإخوان ، ووجود تعنت من أجهزة الدولة في بناء وترميم الكنائس، وحفظ قانون انشاء دور العبادة في الأدراج لسنوات، جعل الكنيسة تتجه للسعي الدؤوب للبناء أو التوسع في المباني أو امتلاك أراضي لتكون دور عبادة أو خدمات مستقبلية ، ولا تكاد كنيسة تخلو منه وهو الأهتمام الأول حالياً لرجال الكنيسة ، فكان بالتبعية أن يأتي بناء الأنسان المسيحي وأخلاقيته وطباعه في المرتبة الثانية أو الثالثة ، وتخرج صورته التي عهدها عليه المجتمع وعهد عليها هو نفسه مُشوهة ومضطربة. وإيضاً لا نلومه في سعيه في حقه في “أربع حيطان” يمارس بينم طقوسه الدينية.
٢- استنزف رصيد المسيحي المصري من السلام والغفران داخلياً داخل البيت المسيحي نفسه فيما يسمي الصراع بين الطوائف، وللأسف قاد هذا الصراع الرئاسات الدينية من الطرفين ، تحول من منافسة خفية إلي انقسامات علي الملأ، طمعاً في مكسب مادي أو عددي ، أو إثبات سيطرة معينة، وليس أطلاقاً هدفها الأنسان المسيحي نفسه ، فكيف تطلب القبول والغفران من مسيحي هو غير قابل ورافض بل وفي بعض الأحيان محارب لمسيحي مثله لمجرد اختلاف في أمر عقيدى ؟! وتوجد الكثير من المواقع الأليكترونية المسيحية والغير مسيحية بشهادة الجميع لكن تأخذ ثوب مسيحي متخصصة في تسخين هذا الصراع ، المواطن المسيحي شغوف بإثبات نفسه وعقيدته فيها، الصراع الطائفي شرخ في نفسية المواطن المسيحي.
٣- الثورات الالكترونية للمواطن المسيحي عبر مواقع التواصل الأجتماعي ، وشعوره فيها بحرية التعبير عن رأيه ووجود من يسمعه ، بل واحتمالية وجود دور ملموس له ، جعلت ارتباطه المكاني والنفسي بالأنترنت أقوي بمراحل من ارتباطه بالكنيسة المبنية ، وخصوصاً مع امكانية حصوله علي أي مادة دينية والتحري عنها بمجرد “ضغطة ذر”، هو غير مضطر للذهاب للكنيسة ومقابلة وأنتظار مسؤول، الكنيسة التقليدية المبنية لم تكن مستعدة لخوض المنافسة مع الكنيسة الاليكترونية وصفحاتها وقنواتها الفضائية، برغم ثبات وأصالة تعاليم الكنيسة المبنية، أضف لذلك الزيادة العددية للمسيحيين ، وصعوبة تواصل الكهنة مع كل هذا العدد الغفير.
فكان من الطبيعي عزيزي رامي أن يـــتووووه المواطن المسيحي من نفسه وسط كل هذه الظروف قبل أن تــتوه أنت عنه، فلاتتــعجب اذا بادلك الاهانة بإهانة، أو رأيته يسب ويشتم ويتطاول، أو يدخن أو …
عــــفواً عــزيزي رامـــي أنــــت في ٢٠١٥.
الوسومهانى شهدى
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …