بقلم عساسي عبدالحميد
أي صفعة قد يتلقاها الروس بسوريا على يد تنظيم داعش أو باقي الجماعات الإرهابية الأخرى التي تدعمها
امارات الخليج و على رأسها السعودية، وأية خسائر سواء بشرية أو في العتاد أو ضربات ارهابية
قد تتعرض لها المدن الروسية ستكون نتائجها كارثية على دول الخليج وفي مقدمتها السعودية
بصفتها الممول والراعي الرسمي للتنظيمات الارهابية والفكر الارهابي الوهابي ….
روسيا لن تبقى مكتوفة الأيدي لو حصلت هذه التنظيمات على سلاح نوعي من شأنه التأثير
على المعادلة ،ولن يصمت الكرملين لو تمكنت دعوات النفير الجهادية التي دعى اليها العشرات
من رجال دين سعوديين بارزين ومؤثرين محسوبين على النظام من حشد الجهاديين
من كل بقاع العالم للجهاد ضد الروس على غرار ملاحم أفغانستان …..ذاكرة الدب الروسي ذاكرة قوية
وندوب الكلوم ما زالت بادية على جسمه حتى وان بدا متعافى، ولن ينسىالروس تمويل الارهابيين
وشحنهم من طرف المملكة ا السعودية ما بين 1979 و 1988 في عهدي الملك خالد وفهد ابنا عبدالعزيز .
رسالة موسكو باطلاق صواريخ من بحر قزوين لتعبر أجواء ايران و العراق ولتضرب بدقة 11 موقعا
للنصرة وداعش قاطعة مسافة 1500 كلم هي رسالة واضحة لعواصم نفطستان و في مقدمتها السعودية
وقد فهم محتواها ومضامينها النظام السعودي الذي بادر على الفور ودون تردد ببعث
وفد رفيع المستوى للقاء بوتين على رأسه نجل ملك السعودية محمد بن سلمان والذي رافقه
في رحلته ولي عهد الامارات محمد بن زايد …هذه الزيارة الرسمية كانت رسالة موجهة لموسكو
من الرياض و أبوظبي كحسن نية من جانبيهما لإيجاد مخرج توافقي للأزمة في سوريا والاستعداد الكامل
لمد اليد للدب الروسي والتعاون الاقتصادي و عقد صفقات بالمليارات مع الروس والتعامل مع موسكو
تعاملا خاصا و تفضيليا ” رشوى لايت ” …لو تخلت روسيا على الأسد ….
استراتيجية موسكو أكبر بكثير من الرشاوى المعروضة من الرياض وأبو ظبي على القيصر بوتين
استراتيجية موسكو هو الحفاظ على نفوذها عند مشارف المياه الدافئة وتقويتها وضمان ديمومتها
والعودة بقوة لمعاقلها القديمة بمصر والعراق واليمن واثيوبيا واريتريا، وسوريا قمرة تحكم متقدمة
وبرج مراقبة روسي في غاية الأهمية يطل على جميع هذه المواقع بخلجانها وممراتها المائية التي تمر
منها التجارة العالمية وحاملات النفط نحو مصانع الغرب ،وسوريا كذلك حليف موثوق
آثر أن تغرق أوروبا بغاز الروس عوض مد أنبوب ينبع من الخليج ويعبر سوريا نحو القارة العجوز
عبر بوابة السلاجقة الترك…
اللغة وسيلة تواصل لكسب النفوذ والظفر بالمواقع ولهذا قد حرص الروس
وعبر قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية والموجهة للملايين من الناطقين بلغة الضاد وعبر أذرع
مراكزها الثقافية ومنتدى التعاون العربي الروسي على شق قنوات و طرق و مد جسور للتموقع
في منطقة قدرها أنت تكون ضمن شريط ملتهب وراسية على صفيحة زلزال مرعبة ، روسيا
تسعى عبر كل هذه الأذرع على تكوين نخب مستقبلية تتموقع داخل أجهزة معاقلها القديمة
لتكون خير مدافع عن مصالحها و استراتيجياتها المستقبلية و أمنها القومي …
هناك توجه لدى العديد من أمراء الخليج بأن روسيا أأمن و أصدق و أضمن من واشنطن، فهذه الأخيرة قد تتخلى
عن أقرب حلفائها ان اقتضت مصالح شركاتها العملاقة المتغولة التي تتحكم فيها لوبيات السلاح – والغذاء والدواء،
في حين يشفع التاريخ لروسيا وريثة العهد البلشفي أنها دعمت أنظمة و تنظيمات من منطلقات إيديولوجية بحتة وقوا
قواسم اشتراكية ….
ايران حليفة روسيا وصاحبة مشروع رؤية 2025 الذي أعده مجلس تشخيص النظام الذي يرأسه الرئيس السابق
“هاشمي رفسنجاني” وهو مشروع يضعها كدولة مركز في هذا الشريط أو كما يسميه الاستراتيجيون بقلب العالم
النابض
إيران ببعد حضاري عميق وساكنة حيوية نشيطة و مشاريع تنموية و أبحاث علمية ودولة كسبت لها مكانا ضمن
النادي النووي لها هي الأخرى نفوذ طبيعي قد تتقاسم بعضه مع موسكو في سوريا والعراق و قد تتقاسم البعض
الآخر مع واشنطن في الشريط الممتد من الكويت حتى امارة رأس الخيمة ومن شواطئ بحر العرب حتى باب المندب
، هذه الأخيرة أي واشنطن ترى في طهران حليفا مسقبليا لها في المنطقة.
لدى ايران لوبي بالكونجريس الأمريكي يضاهي بقوته اللوبي اليهودي يبشر ويروج لايران كحليف مربح للشركات
الأمريكية العملاقة التي تدفع الضرائب لخزينة الدولة، وهذا يبين مدى جدية واشنطن في التعامل مع الايرانيين
و التخلي عن حلفاء الأمس الذين رقص معهم رؤساء البيت الأبيض رقصة السيف احتفاء بهم في الرياض
وعواصم الخليج، وجالس رئيسهم “روزفلت” الملك المؤسس للكيان السعودي عبدالعزيز على ظهرالباخرة
يوساس كوينسي قبل 70 سنة بالبحيرات المرة لاحتساء القهوة على الطريقة البدوية
والحديث عن المستقبل والنفط و فلسطين ما بعد الانتداب البريطاني.
اذن فنحن على مقربة من تقسيم قادم لا محالة وخرائط جديدة للمنطقة ستعتمد
رسميا في الإدارات والمحافل والمعاهد والمدارس بحدود و عواصم جديدة و نخبا حاكمة جديدة
نخب أقرب الى مدراء الشركات منها إلى أصحاب الجلالة والسمو والفخامة ، وحاضرة روحية للمسلمين
اسمها مكة ذات استقلال ذاتي على غرار الفاتيكان وتحت رعاية أممية ….