بقلم المحامي نوري إيشوع
منذُ قرونٍ طويلة فاقت العشرة، تلبدتْ سماء شرقنا النقية، بغيومِ داكنة حاملةً معها الغبار الممزوجِ بالرمال الحارقة
والقادمة من جوفِ الصحراء القاتلة، حبستْ نورَ شمسه وجففت منابعَ غيثه وخيراته
جثمتْ على صدورِ أصحابهِ ومالكيه، حرقت محاصيله، شربتْ مياه أنهاره، سرقت ارزاقه
وأباحتْ لنفسها شرفه وأعراضه!
شوهتْ تاريخه وحرفتْ أوراقه، هتكت حتى تماثيله وأوابده ومعابده وقطعت شرايينه وأوصاله.
بنتْ مستنقعات الشر والأشرار حتى أضحت مملكة شريرة تضاهي مملكة إبليس شراً و بطشاً.
من الشرقِ أشرقتْ شمس الشرق على العالم، فنثرت على المعمورة دررها النادرة والتي لا تقدر بثمنٍ، فبرعت
في علوم الطب والموسيقا والفلك والعمارة فعزفت أجمل سمفونيات الخلود
ونجحت في إكتشاف الدواء الناجح لشفاء أخطر الأمراض في حينه، بنت القلاع والحصون
التي لازالت تقف ُمزهوة فوق قممِ جبالِ و تلالِ شرقنا الشامخ، وكان لأجدادنا الفضل في دفع العالم
إلى التخاطب والكتابة والتواصل بعد إختراعها الحروف الأبجدية.
منذُ قرونٍ، غزا شرقنا الجميل، غرباء قدموا من اودية النسيان بوجوههم الصفراء ولحاهم المغبرة
حاملين معهم قلوباً صخرية، حجرية وعقولا متخلفة، بربرية، ديدنهم القتل والسلب والسبي مدعومين من أمراء
منذ سنوات تجاوزت الأربع، جاؤوا من كل بلاد المعمورة، كالجرذان الجائعة والذئاب المتوحشة
فغزوا وطني بهمجيتهم الأجرامية وعقيدتهم الشيطانية القاتمة والمبنية على الحقد والضغينة
وكره الآخر وعدم تقبل حتى وجوده، بعد أن شرعنت لهم مستنقعات الفتاوى الشيطانية، كل أفعال الشر من قتلٍ وسلبٍ وذبحِ وسبيٍ وأغتصاب تحت أسماء النكاح وتحت حكم السبي.
ففاقوا بوحشيتهم أكثر الوحوشٍ وحشية. دمروا، حرقوا، سرقوا، ذبحوا ومثلوا حتى بجثثِ قتلاهم.
لكن كلنا ثقة بان الشر مهما صال وجال لن يدوم وإيامه لا بد أن تكون معدودة، هكذا علمنا إيماننا وهذا ما تعلمناه
في مدارسِ التاريخ.
لكن الله لا ينسى شعبه ولابدّ أن يتدخل عاجلا أم آجلا، فأرسل رجلَ الله الذي جاء كالبرقِ
وهو يعتلي مركبات الخلاص ليعلن الحرب على الشر والأشرار ويدكَ تحصيناتهم ويدمر آلات موتهم
بعد أن تمادوا في غيهم وأستفحل شرهم حتى ذاق منه الأطفال الأبرياء والعذارى الطاهرات.
بعد أن حماهم الغرب الشرير وامدهم بالمال والعتاد والسلاح والحماية اللوجستية وبأموال صانعي
المستنقعات النتنة التى فاحت رائحتها الكريهة، أحياءً كانت تلك الموبقات أو أمواتاً.
ظهر القديس ماربوتين، فهدرت محركات طائراته، وحركّ آلات حربه ليعلنها حرباً شاملة على الإرهاب
والإرهابيين ومنابع دعمهم وتمويلهم من دول مصدرة للارهاب إلى العالم، كانت بالأمسٍ القريب
تعتلي ظهور البعير وتمشي حافية القدمين وتنام على الحصير.
فدكهم في تحصيناتهم دكاً.
فدب فيهم الذعر كالثعالب وتشتتوا كالفئران. ليعودوا من حيث أتوا هذا إذا إستطاعوا الخلاص من نيران رجال
القديس المباركين.
((وكان لها دروع كدروع من حديد وصوت اجنحتها كصوت مركبات خيل كثيرة تجري الى قتال.)) رؤ 9: 9
بارك الله بكم إيها القديس القادمُ كملاكِ وهو يهرع كالبرقِ إلى نجدة سوريتنا الحبيبة وشرقنا المجروح
وأنفاذها من الشر والأشرار، وكلنا أمل بالرب وبكم بان شمسنا سوف تشرق من جديد
وأوابدنا سوف تغني مع أطفالنا الشهداء
أجمل نشيداً للشهيد وسوف ترفرف ارواح عذارانا فوق قمم قاسيون وقلاعنا على أمتداد الوطن
معلنين جميعا النصر فتنطلق الأهازيج وتعلق أغصان الغار على أقواس النصر وتشعل الشموع على صور الشهيد.
القديس مار بوتين حماكم الله وأخذ بيدكم المباركة لتزرعوا غداً ورورد البسمة على شفاه أولادنا
وتعيدوا لهم آمالهم بتحقيق أحلاهم.
فأنتم رجل الحق والعدالة، أنتم بقوةِ الله أمل الشعوب المستضعفة والسد المنيع في وجه الدول الظالمة.
بعزمكم سوف تتحول سيوف الأشرار سككا للخير ورماحهم مناجلاً للحصاد.
((فيقضي بين شعوب كثيرين ينصف لأممِ قوية بعيدة فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل.
لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.)) مي 4: 3
في عيد ميلادك اليوم إيها القديس مار بوتين:
سوف تولد سوريا من جديد وتحلق في سمائها حمائم السلام وهي حاملة أغصان الغار معلنة النصر والسلام.
سورية مركز الجاذبية للعالم، إذا إختل توازنها إختل العالم أجمع!