حقق حزب الديمقراطيون الجدد مفاجأة في الانتخابات السابقة بفوزه بالمركز الثاني متفوقا عن الحزب الليبرالي، وتوقع البعض انتكاسة للحزب بعد موت جاك ليتون زعيمه ومؤسسة، ولكن في استطلاعات الرأي التي تجري استعدادا للانتخابات الفيدرالية في أكتوبر القادم حقق الحزب مفاجأة أكبر بتقدمة استطلاعات الرأي حتي أن البعض يقول لو أجريت الانتخابات الآن سيشكل الديمقراطيين الجدد حكومة أغلبية!!!. سر صعود الديمقراطيون الجدد يكمن في ثلاثة أمور أولها رغبة الكنديون في التغيير، سوء أداء زعيم الحزب الليبرالي ودعم حديثي التخرج للحزب.
فهل سيستمر حزب الديمقراطيين الجدد في تقدمه حتي 19 أكتوبر أم سيتراجع مرة أخري وتعود المنافسة بين الليبرال والمحافظين كعادتها هذا شئ وارد وهو ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
في البداية أن تقدم حزب الديمقراطيون الجدد يرجع لرغبة الكنديون في التغيير الذي يعتبرونه أحد أهم سمات الديمقراطية، الغريب أنك عندما تسأل شخص يقول لك حان الوقت للتغيير ولكن غالبيتهم ليس لديه سبب للتغيير، ولما كان الشعب الكندي شعب مثله مثل كل شعوب العالم غير مدقق وغير متابع للسياسة بشكل تام، ويواجه مشاكل يومية فيقوم الأفراد بإسقاط سبب مشاكلهم للحكومة ومن ثم تتولد مشاعر سلبية تجاه رئيس الحكومة، وبذلك يذهب بتأييده لحزب أخر دون التدقيق في برنامج الحزب وفي خططه وما إذا كان قادر علي حل مشاكلة أم لا.
ولكن لديه رغبة في التغيير ولذلك فأحزاب المعارضة دائما تلعب علي هذه النقطة بمقولتهم الشهيرة حان الوقت للتغيير.
من ناحية أخري وفي ظل وجود حب للتغيير لمجرد التغيير، كان لزعيم حزب الأحرار دورا كبيرا في صعود حظوظ الديمقراطيين الجدد.
فجاسين تردوا لم يقدم نفسه كزعيم يستطيع قيادة كندا، كما أنه ظهر بمظهر الأرعن في وقت الهجمات الإرهابية في العام الماضي علي كندا، كما أشارت بعض التقرير لعلاقاته بجامعات كندية يشتبه بأن يكون لهم علاقة بالإرهابيين مما أضعف موقفه، فلم يستطيع إقناع الكنديين بأنه الشخص الذي يستطيع قيادة بلادهم، فاتجهت أنظار الكنديين لزعيم الديمقراطيين الجدد توماس موكلير، فكان سوء أداء جاستن ترودو عاملا مهما من عوامل صعود حزب الديمقراطيين الجدد.
أما السبب الثالث والأكثر أهمية هو سوء الاقتصاد الكندي والذي أثر بشكل كبير علي فرصة الكنديين في الحصول علي وظائف، وأكثر المتضررين هم حديثي التخرج، فربما تكون المرة الأولي في كندا التي يعجز فيها خريجي الجامعات في الحصول علي فرصة عمل تتناسب مع مؤهلاتهم!!!، وكلما ساءت الحالة الاقتصادية في أي مجتمع يتجه الشعب ناحية اليسار، فاتجهت نسبة كبيرة من الشباب الكندي لدعم الديمقراطيين الجدد بل أخذوا معهم والديهم وأثروا في قرار عائلاتهم وذويهم الأكبر سنا، فالكبار أصبحوا يواجهون معاناة يومية وهم يرون أولادهم خريجي الجامعات والكليات بدون عمل أو أنهم يعملون في وظائف بسيطة بالحد الأدني للأجر لا تتناسب مع طموحات أولادهم. وعندما يسوء الاقتصاد ينقلب الشعب علي أي حكومة مهما كانت ولذلك أنقلب الكثيرين ودعموا الديمقراطيين الجدد في استطلاعات الرأي.
في النهاية هل سيستمر تقدم حزب الديمقراطيين الجدد بالرغم من رغبة الكنديين في التغيير، وعدم إقتناع الكنديين بجاستن ترودو وعجز حديثي التخرج في الحصول علي وظائف.. في رأيي أن حالة الدعم للديمقراطيين الجدد لن تستمر للنهاية، نعم استطلاعات الرأي هي مؤشر واضح وحقيقي ولكنها غير ثابتة، فأن يشكل اليسار الكندي حكومة يعتبر انتحار سياسي للكنديين، فربما من يجيب في استطلاعات الرأي بان دعمه سيكون للحزب اليساري سيغير رأيه في يوم التصويت ليصوت لحزب أخر، وخصوصا أن سكان أونتاريو لهم خبرة سيئة مع الحزب عندما حكم المقاطعة التي تشكل وحدها أكثر من ثلثي عدد المقاعد، كما أن الحزب لم يقدم حلولا في ألبرتا عندما كسب انتخابات المقاطعة هذا العام بل ساءت الأحوال هناك.
ربما ستعود المنافسة بين المحافظين والليبرال، وربما تنجح حكومة المحافظين في حل جزئي سريع للأزمة الاقتصادية فتعود وتكسب ثقة الكنديين مرة أخري، وخصوصا حتي في ظل الحالة الاقتصادية السيئة فأن الطبقة المثقفة في كندا تؤمن بأن الأفضل بقاء المحافظين لأن التغيير قد يأتي بكوارث اقتصادية علي كندا.
ولكن في كل الأحوال فالحكومة القادمة ستكون حكومة أقلية فلن يستطيع حزب الفوز بعدد مقاعد يؤهله لحكومة أغلبية، وربما تشهد الأيام القادمة تغيرات كبيرة ولو حدث ستكون لصالح الحزب الأكثر خبرة والذي يعرف كيف يدير المعركة الانتخابية حتي أخر لحظة وبالطبع ستكون لصالح حزب المحافظين.