الإثنين , ديسمبر 23 2024

درس ماسبيرو الذي لا يُنسى

12047736_10153544680276830_99143461_n

بقلم/ الكاتب المصري ماجد سوس

جريدة الاهرام الكندية

في يوم ذكرى إستشهاد شهداء ماسبيرو 9 أكتوبر من كل عام نتذكر قصة حدث في هذا التاريخ في استشهادهم في عام 2011 . ففي أثناء قتل الأقباط

العزل و هرسهم على يد بعض الموتورين من قوات الشرطة العسكرية .

قاد سائق احدى الدبابات دباباته بسرعة قافزا فوق الرصيف قاصدا المشاة السلميين ليقتل منهم أكثر من سبعة من الشباب القبطي . بسبب هذه السرعة و بسبب سيره فوق الأجساد الطاهرة وفوق الرصيف، أنقلبت به الدبابة و إشتعلت و كان بها الجنديان القتلة فخرجا مسرعين ليهربا .وكان المنظر في هذه اللحظات مريع جدا. رؤوس مقطوعة و أشلاء متناثرة في كل مكان و دماء بريئة تغطي كل مكان تتدفق من أجساد الشهداء و رائحة الموت ملأت الأنوف و صراخ وعويل و دموع و شعب بريء يعيش لحظات أهوال كأنها الدهر كله .

أحد الجنود القتلة وهو يقفز من الدبابة المشتعلة رأي كاهناّ قبطيّ يقف وسط الشباب القبطي فصرخ :

” إحميني يا ابونا..أحميني أرجوك” و قفز تجاه أبونا وهنا إشتد غضب المتظاهرين فقد قتل إخوتهم بواحده من أبشع طرق القتل في جريمة بشعة أقل ما يقال عنها إنها جريمة ضد الإنسانية .

فتح الأب الكاهن ذراعيه وإحتضن الجندي القاتل وقال له لا تخف يابني ، المسيح هايفديك.. بالطبع لم يفهم الجندي هذه الكلمات ولكن أخذ يصرخ : متسبنيش يا أبونا . حاول الشباب القبطي أن يفتك بالرجل ،كرد فعل طبيعي و كدفاع شرعي لإستشهاد إخوتهم ولكن أبونا منعهم و قال : إحنا مش زييهم ، إحنا مش زيهم ، إحنا مختلفين، لن نقاوم الشر بالشر !! المسيح قال لنا أحبوا أعدائكم.

وعندما شعر أبونا هناك خطر على هذا الجندي طلب منه ان ينام عل الأرض و هنا أخفى أبونا هذا الجندي تحته و غطاه بجلابيته و قال له مره أخرى متخفش المسيح ها يفديك .

هدأ الشباب المسيحي بعد أن أيقظ أبونا فيهم روح المحبة و التسامح ، عندها طلب أبونا منهم توصيل هذا الإنسان لكتيبته سالما فقام الشباب المسيحي ، بحماية الجندي حتى أوصلوه الى كتيبته .

قصة مذهلة حركت مشاعري و مشاعر الكثيرين جدا فبعد أن كتبت مقالتي يومها مفندا بها كل كذب و إدعاء وتضليل المجلس العسكري السابق في مؤتمره الصحفي الغريب المشبوه الذي قدمه في ذاك الوقت حين قُدم مسجلا ممنتجاً ، حافلا بالمتناقضات الا أن قصة هذا الكاهن العظيم اوقفتني كثيرا .

فهذا الكاهن حوّل آلام الصليب الى نصرة القيامة ، فبعد أن وضع أكثر من 27 شاباً أسماءهم مع مصاف الشهداء و ضع هذا الكاهن الورع نفسه في مصاف المعترفين الكارزين بحياتهم ضاربا مثالا صعبا لا يتصوره بشرا.

وفقا للحسابات البشرية هناك إستحالة لتضميد جراح عدوك و أخوك يموت نزفا بيد هذا العدو .

الكاهن المبارك هو القمص فليمون خليفة كاهن كنيسة الأنبا أنطونيوس بمنطقة حوش عيسى التابعة لمحافظة البحيرة ، والذي إستضافته إحد القنوات الفضائية بعد الحادث الأليم و التي قص فيها كل ما حدث للأقباط في هذا اليوم وذكر بالتفصيل كل ما حدث للأقباط في ذلك اليوم وكيف أن المظاهرة كانت سلمية و هادئة حتى علموا بأن التليفزيون المصري بدأ يحرض المسلمين على الدفاع عن الجيش عندها فوجئوا بأن بلطجية خرجو من بيوتهم – غالبا من حي بولاق – و بدؤا في الهجوم على الأقباط .

يقول القمص فليمون أنه عندما شاهده بعض البلطجية ألقوا عليه حجاره عندما كان سائرا مع أولاده في المظاهرة و كانت الحجاره تمطر عليه بشده فنادى على الشهيد العظيم مارجرجس أن يفتح لهم شقة ليحتمي بها فدخلوا في عمارة سكنية فوجدوا شقة مفتوحة فرشم أبونا الصليب و دخل هو و من معه وإحتموا في هذا المكان فرحين.

أحبائي لقد إغتصب الشهداء الصفوف الأولى في الملكوت فجلسوا في حضن المسيح و بجوار إسطفانوس الشهيد الأول الذي كان يصلي لله أن يغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.أنا أسمع صوت الشهيد وهو يقول لنا – كما قال مخلصنا – يا أحبائي لا تبكين علىّ بل ابكين على أنفسكم. إنه وقت لنعلم أبناءنا كما كان أبائنا يعلمون أبناءهم عن الإستشهاد فالتاريخ يحكي إن الأمهات كن يعلمن أولادهن منذ نعمومة أظافرهم كيف يقفون أمام أي انسان و أمام أية إغراءات ، يجاهرون بإيمانهم بالمسيح. لا تشعر يا عزيزي باليأس فالله لن يترك شعبه ولن يترك كنيسته ولن يدع مصر في يد الشيطان فهي بلده الثاني الذي زارها في الجسد وباركها . فقط أنظر ما فعله أولادنا وبناتنا وابائنا و أمهاتنا و أنت تعرف الفرق فأولاد الله ظاهرون وأبناء أبليس أيضا.

هذا درس قدمه أبرار ماسبيرو للبشرية

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …