الأربعاء , نوفمبر 20 2024

سأعيش في جلباب أبي

حمدى الجزار المحامى
          حمدى الجزار المحامى

بقلم : حمدي الجزار المحامي
نظرة تأمل لما نحن فيه الآن من تدني للاخلاق ،، وتلوث سمعي وبصري لكل شيء حولنا ،،والفساد الذي تضخم في كل مؤسسات الدولة دون استثناء ،، والعيب والحرام الذي اصبح مستحلا بيننا ،، وكأننا نعيش في زمن الجاهلية والعنصرية داخل غابة تحكمها قوانين القوة والديكتاتورية ،، فالعيب ليس في الزمن ولكن العيب فينا
فمالك الزمن والكون لم يغير فيه شيء منذ الخلق غيرنا نحن البشر فلكل زمن عناصره ونحن أحد هذه العناصر واهمها على الاطلاق فلقد خلقنا لنعمر الارض ولا نفسدها نبني ولانهدم نزرع الخير ولانحرق نحيا ولا نقتل ،،ولكن مانراه اليوم هو عكس الطبيعةالتي خلقنا الله لها وعليها ،، اصبحنا لاندرك حقيقة الأشياء وندور عكس الطبيعة نسهر الليل وننام النهار ،، نعيب الخلق والعيب بنا ،، نسب الاديان ولا نقدسها ،، نحارب ونقتل من اجل المال والسلطة وليس من اجل الاخلاق والسلام ،، نستضعف الصغير ولانوقر الكبير ،، نتعرى من أجل الجمال ونسينا أن للجمال أسرار ،، نفضح ولانستر ،، نسرق ونرتشي ولانسعى ،، انعكست الرؤيا واصبحنا نرى الحياة بالمقلوب،،
هذة النظرة سرعان ماتبدلت أمام عيني ودار خيالي فيما كنت أسمعه من أبي وجدي وعمي وجارنا عندما كانوا يتحدثون عن زمانهم وكم كان جميلا في كل شيء وكم كانت مصر رائعة وجميلة ونظيفة ،، وكيف كانت أخلاقهم في التعامل مع بعضهم والحب الذي يجمعهم والعناية التي يولونها للمحتاج والضعيف والارملة ،، وكيف كان انتمائهم للوطن والتفافهم حول قضايا بلدهم ومحاولة حلها پأدب وفهم ورقي ،، وكم كانت الفاظهم راقية ولغتهم سامية حين يتبادلون الحديث ،، وكيف كان احترامهم للمرأة والعناية بها ووضعها في مكانة راقية والتعامل معها بمنتهى الشياكة واللباقة حتى أن غزلهم لها كان إبداع وشعر ورومانسية عفيفة ،، گيف يتعاملون مع بعض كجيران وإخوة متحابة لافرق في دين ولا لون ولا جنسية ،، حتى الشقاوة عندهم كان لها طابع الشهامة والرجولة .
لقد عاشوا زمنا جميلا وتعايشوا مع الحياة والايام وطوعوها لهم بالحب والود والاحترام والتقدير ،،واعطوا لكل ذي حق حقه ،،وكانت القابهم كمناصب لهم فيها من الوقار والعزة والشموخ حتى العامل والصانع والسائق كان لقبه كأسطى فيه فخر له لانه بارع في مهنته ،، والكل يعرف مكانتة ولايتعداها لذلك تعايشوا مع أحلامهم ببساطة ورقي ،، الكل سعيد وهو يرتدي جلبابه الذي فصل على مقاسه ولايطمع في جلباب غيره لأنه يعلم إن ارتداه سيشوهه وينقص من مكانته . كان كلا منهم راضي بسماحة لما رزقه الله وكانت أحلامهم وطموحاتهم محل عناية واهتمام فاذا حلم سعى واجتهد وعرق لكي يحقق حلمه بعيدا عن الدسائس والحقد والغل والكل يسعد للاخر إذا حقق حلمه وناله بكل تواضع وعزة .
كم كان زمانهم جميل وجلبابهم نظيف تفوح منه رائحة الجمال والنضارة والسعادة في كل شيء جميل ،،فن جميل وراقي واغاني ممتعة ومعبرة عن الحب باشكالة ،،موسيقى تتكلم تجعلك تعبش خيالا كأنك ملكا بين زراعيك أجمل أميرة ،، أخلاق سامية ،، شهامة ورجولة ،، نظافة بيئة ،، احترام متبادل ،، أديان متعايشة بعيدا عن الفتن والفتاوى المشوهة .
تأملت هذا الزمن وان كنت قد عاصرت اواخره لذا صدقته وتمنيت أن أعيش هذا الزمن الجميل طوال عمري وأن ارتدي جلباب هذا الزمن جلباب أبي .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …