الإكليريكى ناصر عدلى محارب ” منقول “
فى الاحتفال بالذكرى السنوية السابعة للمتنيح القمص أبادير القمص زكريا كاهن كنيسة الشهيدان العظيمان أبادير وإيرينى أخته بنزلة ساو بديروط ، نسرد سيرته العطرة كأب من الاباء القديسين المعاصرين .
* نشأته
ولد رفعت ( القمص أبادير ) ببلدة نزلة ساو مركز ديروط محافظة أسيوط فى 25 يونيه 1946 م ، من أبوين تقيين ؛ الوالد ( القمص زكريا ) كاهن كنيسة الشهيدان العظيمان أبادير وإيرينى أخته بنزلة ساو تابع لإيبارشية صنبو وديروط ، ووالدته ( الأم تفيدة رزق الله ) من ديروط من عائلة آل القمص بنزلة ساو .
ترعرع فى أحضان بيت كهنوتى محاطاً برباط المحبة الألهية ، هيأته منذ طفولته لخدمة الكهنوت إذ وضعت فيه حباً فياضاً للكنيسة .
• دراسته
كانت دراسته الإبتدائية والإعدادية بالبلدة ثم انتقل إلى المرحلة الثانوية بمركز ديروط ولكنه لم يكمل لإرادة الله لكى يلتحق بالكلية الإكليريكية بالعباسية – القاهرة عام 1962 م .
نياحة والده
فى السنة الثالثة له فى الكلية تنيح والده القمص زكريا ومن ذلك الوقت ظلت كنيسة الشهيدان العظيمان أبادير وإيرينى أخته بنزلة ساو فى انتظار ابنها الحبيب لكى يكمل مسيرة أبية وأجداده المنتقلين فى الخدمة العظيمة الكهنوتية .
• لقائه مع صاحب الغبطة والقداسة مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس :
فى السنة الأخيرة له فى الكلية الإكليريكية كان يتجمع طلبة السنة النهائية للكلية لكى ينالوا بركة البابا كيرلس السادس فى ذاك الوقت ( نيح الله نفسه ) وعندما أتى الدور على الطالب الإكليريكى رفعت ، نظر إليه قداسة البابا كيرلس ووضع يده على خد الطالب رفعت قائلاً له : ” كنت أريدك أن تخدم معى هنا فى القاهرة ولكن كنيستك وبلدك تنتظرك ، وسوف تكون ناجحاً فى خدمتك ، وربنا معاك ” .
فكانت دهشة ومفاجأة لرفعت بجانب الدكتور الواقف بجواره ؛ لمعرفة البابا بهذه الأمور دون أن يروى له أحد أى معلومات ، ولكن هذه الكلمات كانت مطمئنة لرفعت فيقول ” كانت هذه الكلمات مطمئنة لى جداً لأن البابا بهذه الكلمات قد أنبأ لى بنجاحى فى الكلية وزواجى وسيامتى كاهناً ليس كذلك فقط بل نجاحى فى الخدمة الكهنوتية ” .
ثم حصل أبينا على دبلوم فى العلوم اللاهوتيه فى مايو 1967 م: بشنس 1683 ش .
* نواله سر الزيجة المقدس وسر الكهنوت :
تزوج يوم السبت الموافق 22 يوليو 1967 م وبارك صلاة الأكليل نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات الأنبا أغابيوس الثانى أسقف صنبو وديروط ( نيح الله نفسه ) ولفيف من آباء كهنة الإيبارشية .
سيم قساً باسم ( القس أبادير ) يوم الأحد الموافق 23 يوليو 1967 م بيد صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا أغابيوس ، ثم قضى فترة الأربعين المقدسة بدار المطرانية بديروط ، وفى نهاية الأربعين يوماً المقدسة وسط تهليل السماء والشعب أتى أبينا الحبيب لاستلام وبدء رسالته الكهنوتية وخدمة كنيسة الشهيدان العظيمان أبادير وإيرينى أخته بنزلة ساو وذلك فى أول سبتمبر عام 1967 م .
فى عهده تم تجديد الكنيسة من أواخر شهر أكتوبر عام 1974 م حتى عام 1985 م بسبب صغر حجمها لأنها كانت تشبه كنيسة السيدة العذراء الآثرية بدير المحرق .
حارب ضد العادات القروية القديمة ومنعها ومنها : بيع أيقونة القيامة لأى عائلة .
منع الطلعة ( الطلوع إلى الجبل قبل الأعياد ) .
عدم إتمام سر الزواج إلا فى الكنيسة .
عدم أخذ عزاء للمنتقل فى أول عيد له .
كان أبونا دقيقاً جداً فى مواعيده ، ويحرص كل الحرص على احترام المواعيد ، سواء كانت مواعيد شخصية مع ابنائه أو مواعيد الإجتماعات الروحية والقداسات .
كان كاهناً نشيطاً يحب الخدمة ومحافظاً على قدسية ونظام الكنيسة ومهتماً بالطقوس الكنسية .
كان محباً للغرباء ويعمل على إراحتهم ويستقبلهم بصدر رحب ويستضيفهم فى كل حين ، وكان محباً للجميع وخاصة الفقراء والمساكين ؛ ولذا كان محبوباً من الجميع سواء اخوته فى الكهنوت أو جميع شعب الإيبارشية ، وهذا ما لوحظ فى يوم الجنازة الالاف من الشعب والكثير من الكهنة .
اشتهر بالكرم وعدم حبه للمال .
أعطاه الله موهبه إخراج الشياطين ، فكان يأتى إليه الناس من بلاد مختلفة ليصلى لهم سواء مسيحيين أو غير ذلك
كان قلب مستريح … يريح غيره
أضحى بهذه البركات نتيجة لعمل النعمة فيه ، موضوع ثقة الكثيرين من شباب الكنيسة ، يلتمسون منه الراحه والإرشاد الروحى ، فوجدوا فيه ضالتهم المنشودة ، وأضفى عليهم من مسكنته الروحية ووداعته وتواضعه الكثير ، فاستراحت نفوسهم ، وهدأ إضطراب قلوبهم .
إن السعادة التى نالها بالشركة العميقة مع الله ، حررته من كل المشكلات ، فأضحى راسياً ، صالحاً ، وأباً حنوناً عطوفاً ، ومرشداً روحياً حكيماً … فاستراحت إليه النفوس ، تلك التى هلعت إليه طالبة الراحة والإطمئنان ، فنهض بها من الأرضيات إلى السماويات ، وأنار لها الطريق لمعرفته الحق والحياة .
كان وجهه بشوشاً يقابل أولاده بإبتسامه الفرح والترحاب والرضا فى أى مكان ، سواء فى الكنيسة أو البيت وفى أى وقت ، وكان شخصية مرحه ؛ فكان إذا جلس بين أبنائه ، وحكى أحدهم قصة طريفة فى دائرة السلوك المسيحى كان يضحك من عمق القلب ويدلى بتعليقاته على ما سمع فكان مجلسه يبعث فى النفس الهدوء والسكينة والإنشراح .
” أما المدبرون حسناً فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة ” .
رقى إلى درجة القمصية يوم السبت الموافق 6 يوليه عام 2002 م . على يد صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا برسوم أسقف صنبو وديروط بدير الأمير تاوضروس المشرقى بصنبو .
رحلة المرض والتعب :-
بدأت رحلة مرضه بشكواه من الم برجلة اليمنى وعدم المقدرة على المشى ونصحوة الأطباء بعدم التحميل عليها رغم ذلك كان يجاهد ليقف على المذبح ليناجى خالقه فى صلاة القداس الألهى ويخدم شفيعه الحبيب ، ولكن فى أواخر شهر يوليه عام 2008 بدأ التعب يزداد عليه ، وتم عمل التحاليل له فأكتشف أنه يعانى بمرض الملكوت وتم ذهابه لمصر للعلاج .
فى يوم الجمعة 15/8/2008م حدث له نزيف بسبب دوالى فى المرئ ولكن تم إيقاف النزيف وحقن الدوالى بمستشفى الحياه بروكسى .
يوم الأحد 17/8/2008م بدأ التعب يزداد وهو فى شبة غيبوبة ، وتم رجوعه إلى البلد فى أواخر صيام العذراء 2008 ولأجل إرادة ربنا وبشفاعة العذراء أم النور والشهيد أبادير وإيرينى أخته تم شفاءه من الغيبوبة ورجوعه القاهرة مرة أخرى ليكمل العلاج فجر السبت 24/8/2008م .
ولما أكمل ( القمص أبادير ) خدمته مضى إلى بيته
وفى صباح يوم الأربعاء 10 سبتمبر عام 2008م الساعة 9.30 ص ، وبينما الكنيسة كلها تستعد للأحتفال ببدء العام القبطى الجديد 1725ش وتذكار أبائنا الشهداء فى عيد النيروز أنطلقت روح أبينا الطاهرة المقدسة لتبدأ لها عاماً جديداً بل حياة فردوسية فائقة .
وتمت الصلاة على جثمانه الطاهر يوم الخميس 11 سبتمبر 2008م ( عيد النيروز 1 توت 1725ش ) ، رأس الصلاة صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا برسوم أسقف صنبو وديروط ولفيف من الأباء الكهنة والالاف من شعبه وأولادة المباركين .
إنها خسارة كبيرة أن نحرم من هذا الإنسان والأب ولكن نؤمن أنه لم يمت ، بل هو انتقال ، ولكن لا شك إن هذا المرشد العميق وهذا القلب المحب وهذه الطاقه الجبارة قد بعد عنا بالجسد ولكن نطلب أن يكون قريباً منا بصلواته وطلباته .
أذكرنا يا آبانا الحبيب أمام عرش النعمة
وليعيننا كما أعانك وليكمل جهادنا بسلام .