الأحد , ديسمبر 22 2024
مدحت عويضة

ليلة بكت فيها الجالية المصرية بكندا

سيظل يوم الخامس من اغسطس 2015 محفورا بذكريات أليمة في قلوب الجالية المصرية كندا، ذلك اليوم الذي ودعت فيه الجالية واحد من خيرة شبابها إلي السماء، فبالرغم أن الطبيب مينا تادرس قد أعد نفسه ليكون طبيبا يداوي جراح وألامنا إلا أن القدر جعل منه ألما عميقا في قلوب عائلته ومحبيه واصدقاءه بل وكل ابناء الجالية…. لقد كان رحيله مفجعا.
درس مينا الطب في جزر الكاريبي وكان أول ابناء الجالية الذين يعرفون طريق دراسة الطب في الكاريبي، وعند إتمامه الدراسة عاد لكندا ليحصل علي رخصته ويمارس مهنة الطب في وقت قياسي، وجعله الله ليكون سببا في أن يسلك كثير من أبناء الجالية هذا الطريق، حيث كان كل من يريد دراسة الطب في الكاريبي يذهب إلي مينا ليحصل منه علي كل المعلومات التي تعينه في دراسة الطب هناك، لم ينتظر مينا من يحضر إليه بل كان يتصل ببعض الكهنة مبديا استعداده لمساعدة أي شاب يريد دراسة الطب في الكاريبي.
تزوج مينا وأنجب طفلين عاش مع أسرته الصغيرة في سعادة، وكان مصدر فخر لعائلته، ولكنه القدر الذي شاء أن تكون حياته كزهور الربيع التي ترحل قبل أن يرحل فصل الربيع!!!!.
تلقت الجالية خبر رحيلة بصدمة كبيرة، ذهبت للكنيسة يوم العزاء واندهشت مما رأيت، فلم أكن الوحيد الذي ترك عمله ليقدم واجب العزاء بل وجدت عددا أشعرني أنني أشارك في عزاء في “الصعيد”، حيث يهتم كل فرد بتقديم هذا الواجب، فوجدت كل أبناء الجالية في تورنتو في العزاء وقد اكتظت بهم كنيسة الأنبا أثناسيوس بميسيساجا، بل ورأيت أشخاص من المدن المجاورة، وبعضهم حضر من مسافات بعيدة.
ينتمي مينا لعائلة عريقة ومحترمة تمتهن تجارة المجوهرات وتنتشر سلسلة محلاتها في معظم المدن الكندية، كثير من المصريين ارتبطوا بسلسلة المحلات فمنهم من عمل بأحد الفروع في فترة قصيرة إلي أن يحصل علي معادلة لشهادته، ومنهم من امتهن المهنة واتخذها كمصدر لرزقه، كل هؤلاء حضروا للعزاء باسرهم بالإضافة لأصدقاء العائلة والأقارب، فكانت العزاء كمظاهرة حب لمينا ومساندة لأسرته في مصابها الأليم.
يوم الجمعة السابع من اغسطس كان موعد الوداع لجسده الطاهر، وامتلأت كنيسة العذراء مريم بالمودعين فحضر جمع غفير من أبناء الجالية وحضر عدد كبير من مختلف الجنسيات، بالإضافة لزملائه وأصدقائه في يوم بكت فيه الجالية وملأت الدموع عيون الجميع، فالذين عرفوه ودعوه بالدموع، والذين حضروا لعلاقتهم بأحد أفراد الأسرة عز عليهم أن يروا الدموع في عيون أناس أحبوهم وأحبوا العمل والتعامل معهم فنزلت دموع الكل، أما كلمات والده صالح تادرس الأخيرة له فقد تسببت في بكائنا كالأطفال.
رحل مينا تادرس عن عالمنا ولكنه ترك لنا طفلين جميلين سنراه فيهم، وترك لنا سيرة عطرة ستظل عائلته وأولاده فخورين به، رحل مينا ليستريح من ألام المرض ولكن تسبب برحيله في جروح قد يعجز الزمن عن مداواتها

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

جهاد الكريسماس

وتم بحمد اللات أول تفجير إرهابي موفق بمناسبة أعياد الكريسماس بتاعة المسيحيين بألمانيا وسيوافونا بالتالي …