لن أعتب عليك اتهامك لنا بمحاباة الإرهاب والتطرف الإسلامي بل سأترك هذه المهمة لمؤسسي وأعضاء مؤسسة “مصريون ضد التمييز الديني” التي ناضلنا فيها سويا لسنوات ضد التمييز الديني في مصر ، ولقراء مجلة روزاليوسف وجريدة الفجر قبل عصر مرسي والسيسي ، ولكافة الأصدقاء والمتابعين على صفحات التواصل الإجتماعي الذين يعرفون تاريخنا ومواقفنا حق المعرفة ، وقبل هؤلاء جميعا أترك عتابك لك أنت شخصيا عندما تدرك أن حقوق الإنسان أولى بالرعاية من حقوق الحجر والكهنوت جامعاً كان أو كنيسة.
إن الفارق الكبير بيننا وبينك يا سيدي يتمثل في إنك تحارب الأصولية الإسلامية لتقتص منها وتعاقبها على التمييز الذي مارسته لقرون طويلة ضد المسيحيين في المشرق العربي ، بينما نحن نحارب الأصولية الإسلامية في إطار حربنا على جميع الأصوليات الدينية في العالم من أجل تحرير الإنسان من هيمنتها وسيطرتها على عقله ، وافتئاتها على حقوقه.
إننا يا سيدي لا نحارب الأصولية الإسلامية لحساب أية أصولية أخرى ، بل نؤكد في جميع كتاباتنا أن مواجهتنا مع الإرهاب الذي تقوم به الأصولية الإسلامية تمنحنا فرصة تاريخية لدحرها وتحجيم جميع الأصوليات التي إذا لم تكن تمارس الإرهاب والقتل والتفجير اليوم فقد مارسته كثيرا في تاريخها الطويل سواءً في مصر أو في أماكن أخرى عديدة حين امتلكت الأغلبية العددية أو حين تحالفت مع السلطة ، كما أنها تمارس اليوم على المواطنين أنواعا من الإرهاب من خلال التسلط والتجبر والحرمان ، فضلا عن انتهاك حقوق الإنسان في مجال الأحوال الشخصية ، ونشر الفكر الخرافي في المجتمع من سحر وجن وعفاريت ، ناهيك عن تحويل أتباعها من مواطنين إلى أقلية طائفية تقوم بتمثيلها سياسيا لدى الأنظمة الحاكمة.
إن ما نقوم به يا سيدي يجمع كل المواطنين ويؤلف بينهم في بوتقة إنسانية واحدة ضد استبداد رجال الدين وتفسيراتهم وفتاويهم التي تمسخ شخصية البشر وتحولهم إلى قطعان يحارب بعضهم بعضا ، بينما الصراع الذي تخوضه ضد أصولية بعينها أو بالأحرى ضد دين بعينه يفرق بين الناس ، ويؤجج روح التعصب والتنابذ بين الأديان ، ويصب الزيت على نار الفتنة الطائفية التي نلعن جميعا من يوقظها.
أستاذ مجدي خليل : إذا كنت تعتبر نفسك في مهمة عقابية مقدسة ضد أصولية بعينها ، فمعركتنا نحن هي تحرير البشر من إستبداد جميع الأصوليات الدينية والأنظمة السياسية ، فإن أبيت أن تفهم ذلك نتوقع منك أن تتفهمه حتى لا تتهمنا بما ليس فينا ، وحتى لا تقضي على مساحات من العمل المشترك طالما تعاونا فيها
وسوف تظل أيدينا مدودة لك متى شئت أن تخرج نفسك من ضيق الكراهية والعقاب إلى رحب الإنسانية والحرية وحقوق الإنسان.
وإذا كنت في آخر مناقشة لنا قد عرضت عليك أن نصدر سويا بيانا مشتركا يؤكد وحدة أبناء الوطن ويعتذر عن جميع الجرائم التي ارتكبت في حقهم والتي لا تسقط بالتقادم ، ويهيب بهم حسن أداء واجباتهم والإصرار على المطالبة بحقوقهم فلك أن تعتبر الأفكار الواردة في هذه الرسالة مسودة للبيان أضعها تحت تصرفك.
إننا نحلم بوطن يقوم على الحرية والعدالة والمساواة، وطن لا يصب أبناءه في قوالب لم يشاركوا في صنعها، وطن يمنح أبناءه وكل من يعيش على أرضه فرصا متساوية في الحياة، ولا يميز بينهم على أي أساس كان ، فإن لم يسعك أن تكون معنا فلا تكن علينا.
إسماعيل حسني
باحث في الإسلام السياسي ، وعضو “مصريون ضد التمييز الديني”