احمد ياسر الكومى .
الاحتجاجات اللبنانية هي حملة احتجاجات شعبية بدأت في 22 أغسطس 2015، حجتها الرئيسية بدايةً تراكم النفايات في شوارع المدينة وعجز السياسيين عن معالجة الأزمة قبل فترة قصيرة من الزمن.
ونادي المتظاهرون بإقالة الحكومة بسبب الفساد السياسي المستشري عند الساسة والزعماء الذين يمثل كل منهم طائفة معينة من مكونات المجتمع اللبناني المعاصر، والذين كان قسمًا كبيرًا منهم من زعماء وأمراء الحرب الأهلية اللبنانية، معتبرين أن أزمة النفايات الأخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فتحولت 2006 التظاهرات إلى احتجاجات على الأوضاع المتدهورة في لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري ونهاية حرب وأبرزها أزمة الكهرباء والتقنين المستمر والبطالة وغلاء أسعار العقارات وازدياد الدين العام الحكومي وغيره.
كما خرجت مظاهرات شبابية، الأربعاء الماضى، نظمتها مجموعة «بدنا نحاسب» اللبنانية، مطالبة بإطلاق سراح المقبوض عليهم خلال أحداث المظاهرات التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت خلال الأيام الماضية.
كما نظمت المجموعة مسيرة إلى مستشفى الجامعة الأمريكية ببيروت، تضامنا مع الشاب المصاب بجروح خطيرة محمد قصير، وكل المصابين في التظاهرات.
يُذكر أن مظاهرات اندلعت في أنحاء لبنان، في وقت سابق، معترضة على الحكومة اللبنانبية والنفايات التي تملأ الشوارع، واعتصم بعض المتظاهرين أمام مقر الحكومة اللبنانية ببيروت مما أحدث اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين، وأسفر عن إصابات من الجانبين، وتم القبض على بعض الشباب المتظاهر.
في المقابل، رأى عدد من المحللين أن التظاهرات هذه وإن كانت تعبر عن هواجس وآلام اللبنانيين وبالأخص فئة الشباب، وعلى الرغم من أنها مغلفة بغلافٍ براق يجتذب مختلف أطياف الشعب، إلا أنها في واقع الأمر تصفية حسابات بين التيار الوطني الحر المغطى من حزب الله، والحكومة اللبنانية ممثلة بالرئيس تمام سلام، إذ أن ما يلفت النظر وفق هؤلاء هو توقيت تلك التظاهرات فيما يقترب «الكباش» السياسي بين الحكومة ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون من «التنفيس هذا إلى جانب تحاشي الثوار إضافة صورة أمين عام حزب الله حسن نصر الله إلى جانب صور سائر الزعماء اللبنانيين الذين يطالبون بمحاسبتهم، رغم أن حزب الله هو أكثر الأحزاب اللبنانية مذهبية وتأثيرا في الشأن العام وأوحدها حضورا عسكريا وتدخّلًا في صراعات المنطقة منذ سنة 2005.
من جهة أخرى، أشار البعض إلى تأييد المتظاهرين والتضامن معهم في مطالبهم القاضية باستقالة الحكومة واستقالة مجلس النواب، معتبرين تلك الحكومة «غير فاعلة» وأن المجلس النيابي لا يقوم بواجباته كما يجب، إذ لم يتمكن طيلة سنة و3 أشهر من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، لكنهم بالمقابل رفضوا استقالة الحكومة والبرلمان فورًا لأن ذلك يعني عدم امكانية انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم امكانية تشكيل حكومة جديدة وعدم امكانية انتخاب مجلس نواب جديد، وبالتالي القضاء على البلد تمامًا.
كما وصف أحد المحللين هذه التظاهرات بالمهمة في جميع الأحوال كونها أظهرت إمكانية تجاوز اصطفافَي 8و14 مارس في الشارع، كما في الشعارات المطلبية عبر ربط السياسة بقضايا الحياة اليومية وليس فقط بالقضايا الإستراتيجية رغم أهميتها فهي تعبر عن توقٍ لاستعادة السياسة ومُحاسبة المسئولين في مرحلةٍ من الانحطاط لم يشهد لبنان السياسي مثيلًا لها منذ الحرب الأهلية لكنه بالمقابل أخذ عليها تجنب إدخال حزب الله ومسئوليه في طلبات المحاسبة، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه إضعاف التحرّك وجعله نهبًا للاختلافات وعرضةً للاستغلال وللنزعات الطائفية.
من جهةٍ أخرى، وصف آخر هذه التظاهرات بأنها «ثورة لن يكتب لها النجاح»، لأن ليس لها أفكار واضحة أو قيادات جذّابة ولا كتابات وافرة، كما هو الحال في الثورات التاريخية مثل الثورة البلشفية والثورة الفرنسية وغيرها، كما أن أي ثورة لا يمكن أن تقوم في ظل انقسام طائفي ومذهبي حاد واضح وصريح بين أفراد المجتمع الواحد فهذه التظاهرات وفق هذا الرأي هي أكبر من صرخة، ولكن أقل من ثورة، فهذا الحراك لا تتوفر فيه أفكار واضحة تتحدث عن حلٍّ ما، وهذا الحراك ليس له أهداف واضحة أو شعار واحد، وليس له قيادة لتوجهه من أجل الانقلاب على السلطة وإمساك زمام الأمور برحيل النظام في حال نجاح الثورة ويضيف أن الشعب اللبناني اختار بصراحة الطائفية على المواطنة، وهذه من شأنها أن تقف عائقًا في وجه أية ثورة مهما كانت مطالبها محقّة.