بقلم/ احمد ياسر الكومى
تحتل روسيا أهمية خاصة، ليس فقط لأنها لا تزال قوة عالمية عظمي بالمعيار العسكري،وبمعيار المساحة،والموارد الاقتصادية،والقدرات الكامنة العلمية والتكنولوجية، ولكن نظرا لما شهدته،خلال السنوات الماضية، منذ تولي فلاديمير بوتين رئاستها عام2000، من خطوات جادة للعودة إلى مسرح السياسة العالمية، بعد سنوات من تفكك الامبراطورية، وبروز بوادر خطر من احتمال التجزئة، وانفصال جمهوريات ومناطق عن جسد الدولة الروسية نفسها .
ولروسيا أهمية مضاعفة، بالنظر إلى ما تمثله من ميراث الامبراطورية السوفيتية التي ظلت تحتل مكانة القطب العالمي، في ظل عالم ثنائي القطبية لأكثر من نصف قرن وعلى الرغم من حقيقة انتهاء صراع القطبية، وظهور عالم تعاوني جديد مختلف ومغاير، لا تزال المواقف الروسية في مجلس الأمن تقلق البعض وفي السنوات الأخيرة، تبنت روسيا مواقف في سياستها الخارجية أحيت التطلعات بعودة التوازن إلى قمة العالم وكانت خطوات ومواقف السياسة الروسية في منطقة الشرق الأوسط تحديدا لافتة، مع استمرار دعمها للنظام السوري على مدي ثلاث سنوات، وأخيرا دعمها للتغيرات الأخيرة في مصر بعد 30 يونيو، و3 يوليو.
فمنذ الثورة المصرية قبل أربعة أعوام، أخذت العلاقات المصرية الروسية منحى جديدا، إما لفتور شاب العلاقات مع واشنطن أو لتفادي ضغوط غربية خاصة منذ الإطاحة بحكم الإخوان في هبة شعبية ساندها الجيش.
ويبدو أن عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمى لجماعه الاخوان الارهابيه، صنع أرضية مشتركة مناسبة لتحالف مصري روسي، نتج عنه إحياء التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين.
فقد لحقت القاهرة بموسكو في قرار اعتبار الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، وإن كانت روسيا سبقت مصر بعشر سنوات في هذه الخطوة، إذ تعتبر الجماعة إرهابية منذ 2003.
واتسمت الأشهر الأخيرة من العلاقات المصرية الروسية بالازدهار ، ولعل الزيارة الأولى للسيسي عندما كان وزيرا للدفاع في أعقاب عزل مرسي، حملت بوادر اتفاق على بيع أسلحة روسية لمصر التي تواجه عدة تحديات أمنية، أخطرها في شبه جزيرة سيناء.
كما استقبلت القاهرة كذلك في نوفمبر الماضي وزيري الدفاع والخارجية الروسيين، لمناقشة صفقة سلاح روسية محتملة لمصر، وأكدت وسائل إعلام روسية آنذاك أن الجانبين على وشك توقيع صفقة قيمتها 3 مليارات دولار، تتضمن
صواريخ وطائرات مقاتلة ومروحيات هجومية.
أما السلاح الاستراتيجي الآخر الذي تحصل عليه مصر من روسيا فهو القمح، فالقاهرة، أكبر مستورد للقمح في العالم، من أهم زبائن روسيا في هذه السلعة الحيوية.
واشترت مصر 5.46 مليون طن من القمح من الخارج، في السنة المالية 2013-2014، وكان أغلبه من روسيا.
وعلى مستوى العلاقات الاقتصادية، فقد بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين نحو 4 مليارات و600 مليون دولار، في العام الماضي، بينما بلغ عدد السائحين الروس إلى مصر 3 ملايين سائح في 2014.
ويتوقع رجل أعمال ومستثمرون روس، تزايد معدلات الاستثمارات الروسية فى مصر خلال المرحلة المقبلة، مع اتساع قنوات الاتصال والعلاقات التجارية بين الطرفين . أما بالنسبة للميدان الاقتصادي فقد تقلص نطاق التعاون العملي في التسعينات. ولكن من الملاحظ أنه ينمو باطراد في السنوات الأخيرة. وقد بلغ حجم تبادل السلع والخدمات بين البلدين في عام 2006 حوالي مليار و950 مليون دولار. ويشكل التبادل التجاري منه قرابة المليار و200 مليون دولار.وقد ازداد حجم التبادل التجاري في السنوات الأربع بحوالي 5 امثال. وهو يشكل الآن أكثر من ملياري دولار. وبلغ التبادل السلعي بين البلدين في عام 2008 حوالي 2.065 مليار دولار.
وتشغل الخامات والمواد الغذائية وزناً نوعياً عالياً في الصادرات الروسية بينما تشكل المنتجات الزراعية والسلع الاستهلاكية البنود الأساسية في الصادرات المصرية.
ويشهد التعاون بين مصر وروسيا في مجال الطاقة على التقدم الملحوظ للتعاون الروسي المصري الأمر الذي يبدو واضحاً في ميادين استخراج وإنتاج النفط والغاز الطبيعي. وتتابع شركة “لوكويل” النفطية الروسية بنجاح نشاطها في مصر. وقد وقعت شركة “نوفاتيك” في عام 2007 اتفاقية حول إنشاء مؤسسات مشتركة مع شركة” ثروة” لاستخراج وإنتاج الغاز في حقول بلدة العريش. كما تعمل شركة النفط والغاز الروسية العملاقة “گازپروم” بنشاط في مصر. وتتطور العلاقات الثنائية في ميدان بناء المكائن. فيتم في مصر منذ عدة سنوات إنتاج سيارات ” لادا”. وقد وقعت شركة “كاماز” المساهمة الروسية مذكرة تفاهم في مارس مع شركة مصرية
لكن الاهتمام الروسي بمصر ظهر بقوة عقب الإطاحة بمرسي، وذلك خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، في سبتمبر الماضي، وجرى فيها مناقشة موضوع التعاون العسكري والاقتصادي والتقني وغيره من الملفات السياسية والأمنية التي تخص المنطقه
وختاما إن العلاقة القوية مع روسيا إضافة حققتها ثورة 30 يونيو، وانفتاح هذه العلاقة المصرية الروسية واتسامها بالحيوية والفاعلية، رسالة للجانب الأمريكي لإعادة تقييم موقف صناع القرار في واشنطن، وتعبير عن قدرة مصر على التحرك.
الوسوماحمد ياسر الكومى احمد ياسر الكومي
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …