الخميس , ديسمبر 19 2024
الكنيسة القبطية
المتنيح القمص آبرام رشيد

آباء قديسون معاصرون (5) سيرة المتنيح القمص إبرام رشيد 1/2/1960 – 21/9/2014 – كاهن كاتدرائية السيدة العذراء مريم بمطرانية طهطا .

بقلم إكليريكى/ ناصر عدلى محارب
فى الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للمتنيح القمص إبرام رشيد كاهن كاتدرائية السيدة العذراء مريم بمطرانية طهطا ، نسرد سيرته كأب من الاباء القديسين المعاصرين .

ميلاده :

ولد القمص آبرام رشيد فى قرية الحمام مركز ابنوب بمحافظة أسيوط فى 1/2/1960 باسم هابيل رشيد وكان الثالث والأوسط بين اخوته .

التحق هابيل بالمدرسة الابتدائية ببلدته وقد كان محبا للقراءة والمعرفة منذ نعومة أظافره ، كما كان أيضا محبا للكنيسة ولطقوسها ، حيث قام نيافة الأنبا لوكاس المتنيح برسامته شماسا بكنيسة أبى سيفين بالحمام ، وكان منتظما فى حضور مدارس التربية الكنيسة إلى أن أصبح خادماً بها يعلم الأطفال مبادئ الدين المسيحى وهومازال فى الرابعة عشرة من عمره
وهذا إن دل على شئ فإنه يدل على نبوغه المبكر ، وقد تميز هابيل بهدوءه الشديد وتواضعه وبالرغم من ذلك إلا أنه امتاز أيضا بغيرته ونشاطه الشديدين فى الخدمة ، وكان من أولى اهتمامته هو جذب الشباب البعيد بشتى الطرق وكان يبتكر أساليب وأنشطة مختلفة لمحاولة إدماجهم ولكسر أحساسهم بالغربة داخل الكنيسة بيت لكل المؤمنين .

كان من حوله يشعرون بأنه مدعو للخدمة منذ صغره فوالدته روت أنها حينما كانت حبلى به رأت فى حلم خلال نومها احد الآباء القديسين المتنيحين من كهنة القرية وهو يناولها من الأسرار المقدسة ثم قال لها بالحرف الواحد ” اللى فى بطنك دا تبعنا ” اما هى فلم تدرك وقتها أن معنى هذا أنه مدعو لخدمة الكهنوت منذ ولادته .

تدرج هابيل فى مراحل التعليم المختلفة حتى وصل الى الثانوية العامة وعبثا حاول كل من حوله اقناعه بالالتحاق بالجامعة ، أما هو ففضل الالتحاق بالكلية الإكليريكية بدير المحرق وكان ميالا لحياة العزلة والانفراد والاختلاء وضع فى نفسه ان هذه ربما تكون الخطوة الاولى للإندراج فى الحياة الرهبانية التى كان يتوق اليها ويتحدث عنها كثيرا .
فالتحق بالفعل بالكلية الاكليريكية والتحق معه فى نفس العام أيضا ابن عمته بطرس فتحى والذى اصبح فيما بعد القمص ساويرس فتحى ، وكان كاهنا مباركا فى ايبارشية البلينا و تنيح فى 22/7/2006 .

خدمته :

اما هابيل فكان أثناء دراسته بالكلية يقضى العام الدراسى كاملا فى الدير مستمتعا بوجوده مع الرهبان فى هذه الحياة السمائية ، وفى الإجازة الصيفية يذهب للخدمة فى قرى كثيرة بمحافظات مختلفة ، نظرا لتأثيره الكبير على اهلها ، كان هابيل شره فى العلم والمعرفة ن ودائما يحتل ترتيبا متقدما على دفعته ، اهله ذلك فيما بعد أن يعين مدرسا للاهوت العقائدى بالكلية الإكليريكية بدير المحرق نظرا لتميزه وتفوقه والتزامه الشديد .
بعد ان تخرج هابيل من الكلية الإكليريكية بدير المحرق فى مايو 1982 ، التحق بالقوات المسلحة جنديا مخلصا مؤتمنا ، كانت فترة خدمته بالقوات المسلحة متميزة بالطاعة والانضباط والخدمة مثالا للذين يسلكون فى طاعة المسيح ” يروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا اباكم الذى فى السموات ” .
وبعد أن انهى خدمته بالقوات المسلحة عاد الى بيته المفضل وهو دير المحرق ، وفى هذه الأثناء كان نيافة الأنبا ساويرس قد كلفه بالتدريس بالكلية الإكليريكية ، وبدأ يقضى الليل بالنهار فى إعداد المنهج الذى سيقوم بيتدريسه فى السنة القادمة ، منهمكا فى التحضير ليل نهار خلال فترة اجازة الكلية استعداد للموسم الدراسى الجديد

وبعد تعيينه فى الكليه كان أمامه ثلاثة طرق أما السفر إلى اليونان لتحضير الدكتوراة فى اللاهوت ، وأما الرهبنة – وهى التى كان يفضلها ، وأما الكهنوت فطلب إرشاد أب اعترافه والذى نصحه بالصلاة مع الصوم لثلاثة أيام حتى يرشده الله فى اختياره وبالفعل عمل بهذه المشورة ، وفى اليوم الثالث حضر نيافة الحبر الجليل الأنبا اشعيا أسقف كرسى طهطا وجهينة ، و كان له سابق معرفه بالاخ هابيل نظرا لخدمته فى طهطا أثناء فترة دراسته حضر الى دير المحرق وطلب مقابلته وقال له ” ربنا دعاك للخدمة عندنا فى طهطا قول امين ” وكرر عليه هذا القول ثلاثة مرات اما هابيل فعندما سمع ذلك ذهب لأخذ مشورة أب اعترافه والذى قال له ان هذا هو صوت الله .
حضر الشماس الاكليريكى هابيل إلى طهطا ومنذ أن حضر قام بنشاط واسع فى الخدمة وذلك بإرشاد وتوجيهات وبركة صاحب النيافة الأنبا اشعيا أسقف طهطا .
أهتم هابيل أهتماما كبيراً بتعليم اللغة القبطية والتسبحة ، وقام بتعليم أعداد كبيرة وكون خورس للشمامسة وأيضا اتجه إلى تعليم الشابات اللواتى وجدن فى أنفسهن الرغبة فى ذلك ، وكون بهن خورس كبير أطلق عليه خورس الشمس المشرقة وقد أثنى عليه قداسة البابا شنودة ومدح هذا الفكر الذى كان جديدا فى الثمانينات .
كما اهتم أيضا بخدمة الشباب الجامعى فى هذه الفترة .

دعوته للكهنوت :

وفى 23/11/1986 قام نيافة الحبر الجليل الأنبا اشعيا بسيامة الشماس الاكليريكى الشاب قسا بإسم القس آبرام على كاتدرائية السيدة العذراء مريم بطهطا.

ومنذ أن رسم آبرام احبه الجميع والتفوا حوله لما رأوه فيه من أبوة حانية وحسن مشورة وحكمة بالغة ومحبة وبذل منقطعى النظير.
وقد نال القس آبرام بركة العديد من الخدمات منها : –
• خدمة أحباء الرب لذوى الاحتياجات الخاصة .
• دار العائلة المقدسة للمسنين والمسنات بطهطا .
• بيت الشهيد كيرياكوس للمغتربين بأسيوط .
• بيت الشهيدة يوليطة للطالبات المغتربات بأسيوط .
• خدمة مريم المجدلية للأرامل .
• خدمة مركز الرجاء الطبى .
• مركز السامرى الصالح للإعاقة الذهنية .
• بيت الأم يوليطة للأيتام .
• خدمة المكرسات .
• خدمة المرضى : للأورام ومرضى الفشل الكلوى والكبدى .
• مركز التأهيل والعلاج الطبيعى .
• اجتماع السيدات بكنيسة الملاك والانبا بيشوى .
• اجتماع المخطوبات والمتزوجات حديثا .
• خدمة أسرة الأنبا اشعياء لأصحاب المعاشات .
• اجتماعى فتيات إعدادى وفتيات ثانوى بكنيسة الملاك والأنبا بيشوى .
• اجتماع رابطة مرتلى الايبارشية .
• إجتماع العاملات .
• مركز الراعى وأم النور للإعاقة الحركية والمكفوفين والصم والبكم .
• دورات تعليم اللغة القبطية والتسبحة وتأسيس خورس الشمس المشرقة .
• مدرسا بالدراسات اللأهوتية بإيبارشية طهطا الى جانب تدريسه بالكلية الاكليريكية بدير المحرق .
• كما قام بإعداد وتنظيم وتنسيق العديد من المؤتمرات منها مؤتمرات إخوة المسيح الأصاغر والملاجئ ودور الأيتام.
• أهتم ايضا كثيرا بالتعمير والبناء .
ونتيجة لامانتة فى الخدمة رشحة وعينة نيافة الأنبا اشعيا وكيلا للمطرانية.

فضائله :

وقد كان القمص آبرام شخصية جذابة لكل من عرفه فكل من يتحدث معه كان يشعر براحة عجيبة بسبب قوة إيمانه وسلامه و ثباته أمام التجارب وكان الله قد وهبه نعمة وحكمة و قوة وتأثيرا فى الخطابة حتى ان اخوتنا المسلمين كانوا كثيرا ما يلجأون إليه لحل مشكلاتهم الخاصة كما كانت تربطه علاقات طيبة ووثيقة مع المسئولين ورجال الامن نظرا لمحبته ولعذب كلماته .
كان أبونا آبرام ايضا متواضعا بحق وكان يعتبر نفسه آخر الجميع ومنكرا لذاته قدر الامكان .
كما تميز أيضا بعذوبة صوته وروحانيته فى الصلاة تلك التى جذبت الكثيرين بسبب نعمة الله العاملة فيه .

صليب المرض :

أما من جهة الامراض الجسدية فكان له منها نصيب ليس بقليل فقد كان يعانى من حمى البحر الأبيض المتوسط لمدة حوالى 18 عاما وكانت تأتى إليه بآلام شديدة اما هو فكان يبذل قصارى جهده فى خدمة شعبه ولم يوفر من نفسه طاقة حتى وهو فى قمة الالم .
وفى مارس 2010 هاجمته آلام مبرحة وبعد إجراء الفحوصات تبين إصابته بورم خبيث فى البنكرياس وقد امتد إلى الكبد وقد ظهرت نتيجة الفحوصات هذه فى يوم 17/3 وكان يوافق عيد الصليب وخضع لأولى جلسات العلاج الكيماوى فى 21/3 ، وهو يوافق عيد أبونا بيشوى كامل لذلك كان يردد أنها بركة وعيدية من أبونا بيشوى وكان مملوءا سلاما وفرحا ، وكان دائما ما يقول ” أشكر الله الذى لم يبخل علىّ بهذه النعمة” .

و قد روى بعض الخدام معه فى الخدمة أنه قبل ذلك بشهور شعر ببعض الالم فقال لهم ” أنا عندى مرض الفردوس ” وكان ذلك قبل ان يعرف فدهش الجميع وصدموا ولم يجرؤ احد على الكلام .
وفى 17/8/2010 قام ابونا بإجراء عمليه جراحية لإستئصال ورم البنكرياس أما ورم الكبد فكان علاجه بالعلاج الكيماوى فقط ، والذى استمر عليه لآخر يوم فى حياته قرابة الأربعة سنوات والنصف من الالم والصبر والاحتمال وفى هذا كله لم يكن يألو جهدا فى الخدمة والصلوات ولكن مع ذلك كانت يد الرب معه عظيمة ، كانت تسنده وتقويه بطرق عديدة حنى أن كل من يراه لا يصدق أنه مريضا بهذا المرض وكان الأطباء دائما ما يبدون تعجبهم عند رؤية التحاليل ويقولون أن هذا بعيد عن الطب انه عمل الله الذى يقويه لأجل شعبه

حتى أن احدى الراهبات عندما طلب احدهم منها الصلاة لأجل ابونا قالت ” ابونا آبرام دى معجزة القرن الواحد وعشرين هو عايش بصلوات ناس واصلة ” وعندما سمع ذلك علق قائلا ” أنا عارف ان دى صلوات المعوقين عنى ، ربنا بيدينى صحة علشانهم ” وفى هذا كله لم يكن يهمه من الأمر سوى أنه لا يتعب احدا فكان يتضايق كثيرا إذا ما رأه أحد متألما ، وكان دائما ما يقول ” إيه ذنب الناس يشوفونى تعبان ويتعبوا بسبب كده ” بالحق كان إحتماله للألم كبيراً وابتسامته الحلوة ووجهه البشوش لم يتغيرا. بالفعل كان يحاول دائما أن يكون صورة حيه للمسيح المريح للتعابى المفرح للقلوب .

انتقاله ونياحته

وفى الساعة الثانية من فجر يوم الأحد 21/9/2014 فاضت روحه الطاهرة فى هدوء الملائكة بعد أن ودع افراد اسرته وانحلت روحه من قيود الجسد ، وقيود الالم والجهاد وصعدت الى مكانها لتنعم بما كانت تتوق إليه لترى ما لم تراه عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر .

رحل أبونا آبرام عن عمر يناهز 54 عاما بعد حياة مليئة بالخدمة المثمرة والتعاليم المؤثرة وتكللت بتجارب الألم والمرض الذى احتمله فى صبر وشكر وفرح.
رحل أبونا آبرام والابتسامة على وجهه لم تفارقه رحل من عالمنا لكنه لم يرحل من قلوبنا.
نعته كلمات الكثيرين ولكن نعته القلوب أكثر من الكلمات ومما قاله عنه سيدنا نيافة الحبر الجليل الأنبا اشعيا ” أن تذكار أبونا آبرام هو تذكار عطر يوضع فى السنكسار مع القديسين ، وسيظل أبونا علامة بارزة فى تاريخ هذه الإيبارشية وسيسجل له التاريخ كل ما صنعه فيها ”
يركتة فلتكن معنا امين

11988345_10206717170800404_206400755759212542_n

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …