تداولت عدة مواقع إسرائيلية، أهمها «جيورزاليم بوست، وتابلت، وجويش تليجرافيك إيجينسي»، مقطع فيديو لشاب مصري يدعى هيثم حسنين، أثناء إلقائه كلمة في حفل تخرجه في جامعة «تل أبيب» بإسرائيل، التي أعرب فيها عن سعادته بالدراسة في إسرائيل، ومحبته للشعب الإسرائيلي.
وبدأ «حسنين» كلمته، قائلا: «إنه لشرف عظيم لي أن أتحدث إليكم في هذه الليلة، التي تمثل نهاية فصل جيد في حياتنا وبداية آخر، أود دعوتكم جميعا لأخذ لحظه لتفكروا في بداية مغامرتكم هنا، هل تتذكرون تلقي خطاب قبولكم بالجامعة، كنتم علي الأرجح متحمسين للقدوم لتلك الدولة، ثم بدأتم بإخبار الجميع بأنكم قادمون لإسرائيل، وربما بدأتم تتوترون، كل شخص في هذه الغرفة لديه صديق أو قريب أخبره ألا يأتي لإسرائيل».
وأضاف «حسنين» الذي حاز على لقب «الطالب المتفوق»: «بالتأكيد سمعت عبارات مثل (الحرب مندلعة هناك!)، (ألا تخاف أن تقع ضحية التفجيرات؟)، (هل لديهم حتى مياه هناك؟)، لذا أعتقد أن لديك مليون سبب كي لا تأتي لإسرائيل، لكن بالنسبة لي كان لدي مليون ونصف سبب، فنشأتي في مصر، وهي دوله كلها آراء متعلقة بإسرائيل، ولا واحد منها ايجابي، كل ما عرفناه أنهم خاضوا 4 حروب دموية وأنهم ليسوا مثلنا».
وتابع «حسنين»: «بداية معرفتي بإسرائيل كانت من خلال الموسيقي والتلفاز، ففي الراديو، كانت توجد أناشيد موسيقية تتحدث عن الدمار الذي سببته إسرائيل، وفي الأفلام، ظهر الإسرائيليون كجواسيس ولصوص، ورغم حقيقة أن الدولتين وقعا معاهده سلام شهيرة عام 1979، لكنني أخبرت أن الإسرائيليين أعدائنا الأبديين».
وقال «حسنين»: «عارضني كل من يعرفني عندما قررت الذهاب لاستكمال دراستي في جامعة تل أبيب، لكنني تحديت الكل وذهبت»، موضحا أن «المصريين يعادون إسرائيل بدون سبب وأنه عندما ذهب لإسرائيل وجد أن كل ما عرفه في مصر عن إسرائيل هو العكس».
وأضاف «حسنين»: «روى فيلم مصري أخير، حقّق مبيعات عالية ويُدعى (كوزينز) أي (أولاد العمّ)، قصة جاسوس إسرائيلي يتزوّج امرأةً مصرية، فيكوّنان معا أسرة، لكن الجاسوس يخطف في النهاية زوجته وأولاده ويذهب بهم إلى إسرائيل، لذا، عندما أخبرت أمي أنّني سآتي إلى إسرائيل للدراسة، أعربت عن خوف يمكن تفهمه من تعرفي إلى صديقة هنا».
وتابع: «وصلت إلى إسرائيل وليس لدي أي معلومات عن البلاد، وتوقعت أن أكتشف أن الناس غير وديين في إسرائيل، ولا يسرهم أن يلتقوا بمصريين، إلا أن رد الفعل المعاكس شكل بالنسبة لي مفاجئة سارة، دعيت إلى ألف مناسبة ومناسبة، بدءا بوجبات العشاء، ووجبات الإفطار الرمضانية، ووصولا إلى المسرحيات، وحتى التجمّعات السياسية».
واستكمل «حسنين»: «في أول يوم لي في الجامعة، رأيت جنودا يسيرون سلميا بين حشود الطلاب المفعمين بالحياة، وأشاهد يوميا طلبة متدينون يرتدون (الكيباه) إلى جوار فتيات يرتدين غطاء الرأس والحجاب، دون الشعور بفرق بين يهودي ومسلم ومسيحي ودرزي وبدوي، وأيقنت أن الحرم الجامعي يضم كل أجناس البشر، وأن الجامعة تتسع لهم جميعا، سواء كانوا يهود أو مسلمين أو مسيحيين، واكتشفت أن التنوع الذي يغني حرم جامعة تل أبيب إنما يجد له صدى في تل أبيب أيضا».
وتساءل «حسنين»: «أليس من المذهل أن تعيش في بلد تستطيع فيه ارتياد الشاطئ وسط العاصمة وترى امرأة مسلمة وثنائيا مثليا يتبادل القبل ويهوديا تقليديا متدينا من الطائفة الحسيدية، يتشاركون جميعهم هذه البقعة الصغيرة نفسها؟ أين لك أن تعثر على عربي مسيحي تزيّن صور ماو ولينين شقته؟ أين لك أن ترى جنديا بدويا في جيش الدفاع الإسرائيلي يقرأ القرآن في القطار في خلال شهر رمضان؟ أين لك أن ترى يهودا أشكناز وشرقيين يتجادلون حول ما إذا خطفت عائلات أشكناز أم لا رضّعا يمنيين في خمسينيات القرن الماضي؟».
وأشار «حسنين» إلى أن «تجربته في إسرائيل كانت إيجابية تمامًا، وأنه وجد الكثير من الود والمحبة بين زملائه الطلاب والمواطنين في إسرائيل، مشيرًا إلى أن «الصورة النمطية التي كانت تدور في ذهنه حول معاداة إسرائيل منذ طفولته في المنزل، وفي وسائل الإعلام بمصر، أصبحت غير موجودة الآن».
وعبر «حسنين» عن سعادته بالدراسة في هذه الجامعة، مؤكدا أن نظرته لدولة إسرائيل تغيرت بعد قدومه إليها وأنه تربى منذ نعومة أظافره على كراهيتها، لكنه الآن عرف الحقيقة وما تم تعليمه منذ صغره هو عكسها، معربا عن امتنانه لتلك المنحة الدراسية من إسرائيل.
واختتم «حسنين» كلامه قائلا إن «بعد سنوات من المفاجآت التي لا تحصي، أدركت أن هناك درسا يمكننا جميعا أن نستفيد منه، نحن طلبة التخرج، الذين نحاول فهم الأشياء بدقة أكثر، علينا دائما التشكيك في افتراضاتنا، ووجودي هنا في إسرائيل علمني أن الحياة مليئة بالمفارقات والتعقيدات، أن لا شيء واضح، وأن الأشياء عادة ليست كما تبدو».