بقــلم / هاني شــهدي
منذ بضعة ايام التقيت باحدى السـيدات السـوريات التي تعمـل باحد المحـال التي توزّع فيها الجريدة الورقية العربية التي انشر بها مقالاتي ،وفتحت امامي صفحات الجريدة ووجدتها تضع خط اسفل بعض الاخطاء الإملائية واللغوية والنحوية المنشورة عبر مقالات وإعلانات الجريدة بصفة عامة وليس مقالي تحديدا.
دارت بيننا مجادلة واسعة وحادة بشأن تلك الاخطاء ، اقتنعت بالفعل بوجود بعض الاخطاء واعتذرت لها ووعدتها بالاتصال بمسئول المراجعة والتحرير بالجريدة وإبداء مزيد من الاهتمام في الأعداد القادمة، ولم اقتنع بالبعض الاخر الناتج الفرق بين العامية المصرية والعربية الفصحى السورية.اذن يوجد القارئ الواعي المثقف المدقّق المهتّم الملّم بقواعد اللغة وأدواتها ، وجاهز لمحاورة الكاتب ومناقشته في طرحه .
في الآونـة الاخــيرة ،انتشرت ظاهرة اعتلاء رجال الدين المسيحي من قساوسة واساقفة ونشـطاء اقباط العمل الصحفي و” حـــشرْ ” عفــواَ نـشر مقـالاتهم من خلال جـرائد ورقــية رسـمية للدولة مثل الجمــهورية والمسـاء وكذلك مـواقع الكترونية كالحـق والضلال والاقباط متحـدون واقباط اليـوم والاهــرام الكندي، من حق اي شخص ان يعبّر عن رايه كمـواطن ورئيس لجمهورية نفسه ، لكن عندما يتكلم مستندا الي منصبه الكنسي فهو واجهة للأقباط لذلك هناك قواعد لزاماً عليه اتباعها:-
١- القواعد الإملائية واللغوية..من يدخل اي لعبة وجب عليه ان يتعلم علي الاقل ادني قواعدها، فكما انه من حق الكاتب ان يكتب، فمن حق القارئ ان يقرا مقالاً نظيفاً خالياً من الاخطاء الإملائية الفادحة، طالما وافقت ان احترم كلماتك واعطيك من وقتي ، يجب عليك ان تعطي انت ايضا بعض الوقت وتراجع مقالك لغوياً، ليس عيباً ان نخطئ وخصوصاً اننا لسنا بصحفيين متخصصين،لكن هناك حــد ادني وخـط احمر في الاخطاء صعب عليَ كقاري ان احترمك شكلـا وموضـوعاً اذا تخطيّته،السهو ليس عيبا لكن العيب كل العيب من شخص تنبهّه وتوضّح له قواعد لغوية بسيطة كالفرق بين ” اللام الشمسية واللام القمرية” ولكن يمنعه كبرياءه وغروره من الاستماع اليك واتباع النصيحة .
وحقيقة القارئ المسلم بصفة خاصة نظرا لقراءته وحفظه وتّجويده للقرآن فهو اكثر اكتراثاً بقواعد اللغة من غيره، اذنيه تفرز الخطأ اللغوي بمجرد سماعه.
قرات منذ ايام احد المقالات للقس ( ل.ر) مُعنوناً نفسه : كاهن بمطرانية القوسية ( الإملاء الصحيح القوصية بالصاد وليست بالسين- تم تصحيحها فيما بعد ) ،عزيزي ..اذا لم تعرْ اهتماماً بالعنوان .. فبماذا تهتم؟! ،علامات الترقيم والتنوين والاستفهام من فواصل ونقاط وعلامات تعجب في مقالاته اكلها الوباء جميعا ، المقال بكل فقراته الخمسة يبــدو كجملة واحدة ،اول نقطة تقابلك يا مؤمن هي نقطة الوداع التي يُنهي بها المقال، الاخطاء الاملائية ..مسبحة وانفكَّ عقدها في جنبات غرفة مضيئة
كذلك المحامي ( ها.ر) وكذلك الباحث ( ما.ع) ، مع كامل الاحترام لموضوعاتهم لكن يؤخذ عليهم نفس الاخفاقات.
٢ـ الإعداد الجيـد للمـوضوع..ان لم تكن باحثاً متخصصاً فيما تكتب علي الاقل لا مفر من إعطاء بعض الوقت للاعداد له من ارقام واحصائيات، فمثلا عندما تتحدث عن اختطاف القبطيات اتوقع منك ابسط الإحصائيات وهي عدد المختطفات.
ما هي قواعد اختيار الكاهن او الاسقف…للاسف لا توجد قواعد محددة ، مجرد ذياع صيته لدي الاسقف او البابا في خدمة معينة بالكنيسة ،ان يكون من المقربين للاسقف، يُجيد بناء ارضية شبابية، كثير من الاساقفة للاسف يحيدون عن قاعدة الاختيار من دارسي الكلية الاكليريكية حتي يمسك بيده كاهن سهل تطويعه وقيادته. مع العلم بان الدراسة الاكليريكية تحتوي علي منهج كامل للبلاغة الادبية في الكتاب المقدس تدرب الخريج علي الكتابة العربية السليمة وتقربه من قواعد اللغة العربية.عدم الاعداد الجيد ومجرد “مسايرة الموجة” ينتج كاتب غير متمكن من ادواته وغير قابل للنقاش ، يحاورك بالسكوت والاهمال حتي لا يتعظم امرك ،او العلاج بالبتر الالكتروني “بلـــوك “، تطبيل المعجبين من القطيع يسد اذنيه عن سماع صوت المتخصصين . وتذكر دائماً أن العباءة السوداء تزيد من تربص وشغف القارء الذي يخالف اجندتك الدينية والفكرية .
٣ـ الغرض من الكتابة.. قبل ان تكتب لابد ان تسال نفسك ، هل تمتلك موهبة الكتابة ؟ ليس بالضرورة كل قارئ جيد هو كاتب جيد ، ان لم تكن لا بصحفي متخصص و لا بموهوب ، لابد ان تدرك ان الجريدة تعطيك مساحة للنشر يصعب علي اي شخص علماني عادي الفوز بها، ليست لشخصك الكريم لكن تقديراً لعباءتك السوداء وتكافؤ الفرص مع شيوخ ازهريين ، ومع فرضية عدم حُسن النوايا وعدم وجود مصحح لغوي للجريدة او الموقع الالكتروني ،الجريدة الورقية لا تراجع كتابات الكهنة حتي تظهر ضعفهم وافلاســهم اللغوي والعلمي وتجعلهم مصــدر سخرية دون درايتهم امام فئات الشعب .
مع وافــر الاحتــرام والتقــدير لهــؤلاء ..ابحث عن موهــبتك ، فهناك يكــون ابداعــك وثمــرك ، ولا تضــع قدمــك في حــذاء غــيرك وتنتــظر المـــشي المـــريح .