بقلم : نانا جاورجيوس
كتب الدكتور خالد منتصر وهو صديق فيسبوكي رائع أتابع كل ما يكتبه بإهتمام بالغ، مقالين ينتقد معجزة نزول زيت من أيقونة عذراء بورسعيد «أسطورة العلاج بالزيت المقدس» ، ومقال أخر«هل ظهرت العذراء فى كنيسة الزيتون؟» يشكك فيه بظهورات عذراء الزيتون سنة 1968.
أولاً لاحظت أن عنوان المقال الأول، عنواناً مخادعاً لأن الدهان بالزيت المقدس سواء الذي يتم الصلاة عليه في سرِّ مسحة المرضى أو الذي يرشح من الأيقونات هو « زيت للبركة» وليس « للعلاج» كما يدَّعي.
والأغرب أنه عبر صفحته طلب إسم «المادة الفعالة» لهذا الزيت كنوع من السخرية! طيب هو حد كان قال إنه زيت علمي أو زيت دوائي؟! ببساطة لأن الشفاء ليس في الزيت نفسه و هو مجرد وسيط مادي مرئي لنوال نعمة و بركة غير مرئية تتفق فيها مشيئة الله مع إرادة المريض وصلواته وحاجته لنوال نعمة الشفاء بالإيمان.
وفي النهاية قد يحدث الشفاء أو لا يحدث. تماماً كالأدوية الكيماوية ذات التركيبات العلمية،هل يستطيع أحداً أن يدعي أن الدواء ذو المادة الفعالة يشفي بنسبة مائة بالمائة إن لم يمنح الله مشيئته بالشفاء للمريض أولاً ؟!
حتى الأدوية قد تؤثر ويستجيب لها المريض فيُشفى وقد لا يستجيب لها المرض فيحتار الأطباء فيه وقد يموت ولا يعرفون حتى سبب وفاته! مثلاً إلى الآن لم يتم إكتشاف مادة دوائية فعالة تقضي على مرض السرطان المستعصي نهائياً، و هو ما حدث لبعض مرضى السرطان بعد شفائهم تماماً نتيجة إيمانهم ببركة الزيت المقدس وأثبتت تقاريرهم الطبية شفائهم وهو ما لم يحدث حتى مع حراجات السرطان ورحلة العذاب للعلاج بالكيماوي الذي يميت الإنسان موتاً بطيئاً عن الحياة.
ثم مين الجاهل إللي يعتقد أو يدعي إن التبرك الزيت يتعارض مع أخذ الأدوية ؟!
ليس كل ما يحدث نستطيع أن تترجمه عقولنا من منظور علمي فقط، ولا نستطيع أن نقولب الحياة وظواهرها في مجموعة نظريات علمية إخترعها العقل البشري، فالعلم نفسه سيظل عاجزاً أمام الكثير والكثير من الأمور الكونية الخارجة عن قوانين الطبيعة التي عجزت عقولنا للوصول لكل أسرارها.
هذا العجز ما جعل الإنسان يطلق على ما يجهله بالحياة، مسمى « علم ما وراء الطبيعة – الميتافيزيقا».
فالمنهج العلمي بنظرياته المحدودة لم يتوصلوا لكل العلوم التي تمكننا من تفسير كل أسرار الكون.
حتى أعظم العلماء أعترفوا بتواضع أن علومهم ليست أقصى درجات العلم والإلمام بأسرار الكون، ولم يدعوا بأن علومهم ضد حدوث المعجزات والخوارق التي عجزوا عن تفسيرها حتى الآن.
وإلا فليفسر لنا علمياً طبيبنا الإعلامي صاحب المقالين، ظاهرة خروج النور المقدس لمدة ألفين سنة من قبر السيد المسيح ؟!
التلاميذ والرسل قاموا بمئات المعجزات من شفاء وإقامة موتى وإخراج شياطين أثناء رحلاتهم التبشيرية برسالة المسيح التي حملوها للعالم، ورغم هذا لن تجد مسيحي يؤمن بما يسمى «التداوي بالطب النبوي، ولا التداوي بالطب الرسولي ولا الشفاء بالطب الإنجيلي» ! معجزات الشفاء تُمنح ولا تُباع لهذا لن تجد كاهناً يظهر عبر الفضائيات ليروج لكبسولة الزيت المقدس كما يحدث من مشايخ «كبسولة حبة البركة والطب النبوي» والتربح بالدين « مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا» !
فلم يحالف كاتبنا الحظ حين خلط الأوراق بين نضوح الزيت المقدس من الأيقونات وبين التداوي بحبة السوداء
وأبوال البعير والحجامة والرقية الشرعية، وكل هذه الخزعبلات الشعبية التي حاول بها التعميم ليساوي بين المعجزات والخرافات، وحالة التعميم دائماً هي للمصادرة على بقية الآراء فقط ولكنها حالة مكشوفة لدرجة أنها لا تمت أبداً لأي تفسير علمي !.
فكاتبنا إللي بأعتز بآرائه وفكره و بدلاً من أن يعطنا تفسيراً علمياً .
ذهب لـ « يستعين بصديق» على طريقة جورج قرداحي، و راح يستعرض لنا فكر صديقه المهندس المسيحي متخصص اللاكيهات والبويات ودهانات الحوائط، ليؤيد حجته ويتخذه ذريعة ضد من يؤمنون بمعجزات الشفاء من هذا الزيت الذي تذرفه أيقونة عذراء كنيسة الأنبا بيشوي ببورسعيد.
و كم كنت أتمنى أن أستمع لفكره وتفسيره الشخصي وليس لفكر صديقه المسيحي إللي راح يفسر بسطحية ساذجة وبأن الأيقونات عبارة عن « لوحات مرسومة بالزيت وعندما يجف هذا الزيت يتحول لمادة صلبة تسمى البوليمر» وهذا الزيت يبدأ يتحول مرة ثانية لسائل نتيجة إرتفاع درجات الحرارة عند عدم تعرض الأيقونة لاكسجين الهواء بدرجة كافية لتحافظ على حالة البوليمر هذه!
طبعاً جاء تفسير صديقه عارياً من الصحة ومن أي منهج علمي أو منطق، بل صار ورطة لكاتبنا كمن تعلق بقشة.
فلو كان قام بزيارة بسيطة « فركة كعب» لكنيسة بورسعيد، لعرف أن أيقونة العذراء ليست مرسومة بالزيت بل صورة ورقية عادية ومطبوعة بألوان الطباعة العادية و موضوعة في برواز خشبي ينشع منها بغزارة بالزيت لمدة 25 سنة ، لأنه ببساطة الأيقونة ليست مرسومة بالزيت كما أنها تبدأ في ترشيح الزيت في شهر فبراير من كل عام يعني في عز الشتاء وإنخفاض درجات الحرارة.
وهو ما يجعل كلام صديقه- إللي إستعان به- ضرباً من المستحيل ولا يُسمى إلا خيابة علمية، لأن أغلب أيقونات نزول الزيت ليست مرسومة بأي زيوت بل مطبوعة بألوان الطباعة الورقية.
وإلا ياريت يسأل صديقه بتاع اللاكيهات ما تفسيره لنزول الزيت من أيقونات مصنوعة من المعادن كالنقش على النحاس و الألمنيوم وموضوعة على خلفية خشبية كأيقونة كنيسة العذراء بعين شمس في ديسمبر 2011، وأيقونات مارجرجس والعذراء التي تمتلكهما السيدة « راندا بخيت« » بمصر الجديدة، إثر شفاؤها من جلطات دماغية إحتار في علاجها الأطباء وكانت على وشك الموت وجائت التقارير الطبية بشفائها تماما منها بعد ظهورات روحية للعذراء ومارجرجس لها وقاموا بشفائها.
فهل المعادن والأخشاب ترشح بزيوت اللاكيهات وتتفكك جزيئات بوليمرها، أعتقد وحده كاتبنا المحبوب مَنْ يستطيع أن يجيبنا (إجابة علمية) على هذا السؤال!.
ولماذا تحضر الشرطة كل مرة ويتم تحقق البحث الجنائي أحياناً و يأمرون بإرسال الأيقونات للكنيسة أو لأحد الاديرة منعاً لزعزعة الأمن؟!
أعتقد لو كان الأمر وهماً أو كذباً كان رجال الشرطة فضحوا الأمر كل مرة، خصوصاً لما يتعلق الأمر بالأقباط وهناك قانون جاهز متربص بهم دائماً إسمه إزدراء الأديان يعمل ليل نهار على إضطرارهم في الطريق إلى أضيقه !
وحتى لو كانت الأيقونة مرسومة بالزيت وتبعاً لكلام «صديقه البوليمري»، كانت ستنضح زيوت كيماوية كريهة الرائحة فإستحالة عندما تسيل زيوت الرسم أن تتحول لزيوت عطرية برائحة زكية ونقية وشفافة وتصير كالماء في ملمسها وبكميات أكبر من قدرة وحجم أيقونات الزيت التي رُسمت بها! وكان على كاتبنا أن يعطنا في مقاله « إجابة منطقية مقبولة» وهو ما لم يحدث!
وأندهشتُ لماذا أقتصر إنتقاده للظاهرة على أيقونات الكنائس القبطية فقط في حين أنها ظاهرة تحدث في مئات الكنائس حول العالم، وإن كان يرجع هذا لإرتفاع درجة الحرارة في مصر، فما تفسير سيادته للألف أيقونة في روسيا وأوكرانيا وهي بلاد الجليد المتجمدة طوال العام، وبها ما تعرف « بالأيقونات الباكية» في كنائس و أديرة أرثوذكسية ، تذرف زيتاً و موزعة في العديد من المدن:
على سبيل المثال لا الحصر في «روستوف–اون دون،اوديسا،ريفن،ونوفوكوزنيسك و موسكو وسان بطرسسبرغ و ساروف وايكاتيرينبرغ وتيومن ونوفوسيبريسك وسولوفكي.. وغيرهم».
ولو كلف نفسه وبحث على جوجل عن ظاهرة نضوح الزيت من الأيقونات ستظهر له نتيجة البحث عشرات الأيقونات حول العالم ، منها أيقونة مرجعيون بلبنان ، أيقونة عذراء صيدنايا، أيقونة السيد المسيح في بيت لحم. أيقونة كنيسة رقاد السيدة في عكار، أيقونة عذراء رام الله بفلسطين.
بخلاف عشرات الأيقونات في الولايات الأمريكية في ديترويت وكليفلاند بأوهايو وغيرهم.
والسؤال: أيعقل أن كل هؤلاء البشر حول العالم ممن تم شفاؤهم من أمراض مستعصية يعانون الهلوسات الإيمانية و هذيان الدروشة؟! وهل يمكننا أن نكذِّب أعيننا ونصدق مهندس اللاكيهات الذي فشل في أن يعطنا تحليلاً منطقياً يقنعنا به، ليصيرا وحدهما أصحاب العقول العلمية؟!
وعلى الجانب الإيماني لماذا الزيت تحديداً وليس أي مادة أخرى هو ما تذرفه الأيقونات؟
بإختصار شديد، الزيت تحديداً له جذور توراتية حين أمر الله موسى النبي أن يصنعه «وتصنعه دهنًا مقدسًا للمسحة»- خروج30. فهو منذ بداية الشريعة يرمز لعمل الروح القدس.
وأوصى به السيد المسيح لمسح المرضى به، والشفاء بالزيت سواء المُصلى عليه في الكنائس أو المذروف من أيقونات ليس بدعة، بل وصية وسر مقدس أوصى به السيد المسيح نفسه وهي تعاليم العالم المسيحي في أنحاء العالم بشرقه وغربه.
«واخرجوا شياطين كثيرة ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم»- مر 6 : 13، مستندين على وعده، فالمسيح لم يكن مُخرفاً حين أوصى تلاميذه: « اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا»- مت10: 8. فهو من منحهم سلطان الشفاء بالروح القدس: « ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ»-مت10: 1
ونادى به التلاميذ من بعده وجالوا مبشرين بالمسيحية مؤيدين بمعجزات الشفاء لتؤمن الناس بإيمانهم وبما تراه أعينهم من معجزات تُجرى على يديهم: « أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ. وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ.» – يعقوب5: 15
وسؤالهم الدائم لماذا هذا يشفى وذاك لا يشفى؟ ببساطة فلننظر لحياة بولس الرسول وكيف اجرى الله أياته على يديه من شفاء للمرضى وإخراج للشياطين وإقامة للموتى، ولكنه الله الذي جعل شوكة مرض في جسد بولس الرسول والتي كان يعانيها لمماته وهو من كان يشفى مئات المرضى ومع هذا لم يستطع أن يشفى نفسه، حتى أن المرضى كانوا يشفون من المناديل و العصائب التي كانت يربطه بها جسده:
« حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى، فتزول عنهم الأمراض، وتخرج الأرواح الشريرة منهم»«أع19: 12» ومع هذا لم يوصينا بولس الرسول بـ « الطب الرسولي »،
لأن المعجزة هي حالة خاصة وشخصية جداً، ولا توجد معجزة تشبه لأخرى لأن حدوثها هو خارج معطيات الطبيعة، وليست كل حالة شفاء يطلق عليها عملاً إعجازياً إلا عندما يعجز الإنسان أمامها فتبدأ يد الله من حيث عجز الإنسان أن يفعل شيئاً. وهذا هو الجانب الإيماني الذي يجهله كاتبنا.
أما مقاله الثاني الذي شكك فيه في ظهورات عذراء بالزيتون1968، و وصفها بأنها ترجع لظاهرة «نيران القديس إلمو» .
أولاً ليس كل سطوع ضوئي تعتبره الكنيسة ظهوراً أو تجلي مقدس إلا بعد فحصه ودراسته وتحليله وإعداد تقرير به يرفع لأعلى رُتبة كنسية بعد التأكد من حقيقته.
كذلك ليست ظهورات العذراء بدعة، لأن معجزات التجلي موجودة بالكتاب المقدس بعهديه والسيد المسيح نفسه تجلى أثناء حياته مع موسى النبي وإيليا وتجلى لتلاميذه ولجمهور المؤمنين لمدة أربعين يوماً حتى يوم صعوده للسماء، كذلك الإيمان بظهورات العذراء ليس مقصور على المجتمع المصري والمصريين بمسلميه و مسيحييه كما حاول طبيبنا أن يوحي بل هي ظهورات منتشرة بالعالم أجمع!
و إندهشت حين أعتبر أن تاريخ تجلي العذراء في أول شهر إبريل أعتبرها ضمن أيام الشتاء لا الربيع، ليثبت أنها ظاهرة نيران إلمو التي تحدث في درجات البرودة العالية المصاحبة عادة للبرق وهذا غير متوفر حتى في مناخ مصر حتى في عز شتائها.
ولا أعلم وجه الشبه بين خرافة الطماطماية والبطاطساية في ظهورات متكررة شاهدها الملايين حول العالم! أن يقارن هذه ظهورات العذراء مع ثمرة الطماطم التى عليها لفظ الجلالة، أو البطاطس المحفور عليها اسم النبى، فهذا تسفيه لعقولنا!
فيقول كاتبنا: « فسر علماء الاجتماع إدمان المعجزات فى المجتمع المصرى خاصة معجزة ظهور العذراء بأنه رد فعل لهزيمة ٦٧، ولكنى وجدت بجانب هذا التفسير الاجتماعى تفسيراً علمياً أهم لظهور العذراء.. هذه الظاهرة لها تفسير علمى يسمى «نار القديس إلمو …هى عبارة عن وهج يصاحب التفريغ الكهربى من الجو إلى الأرض خاصة فى الشتاء… وتظهر فى صورة ضوء على نهايات الأجسام المدببة، وقصة القديس إلمو كتبها بحار إيطالى فى بعثة ماجيلان.. النظام السياسى بعد هزيمة ١٩٦٧ كان محتاجاً إلى مثل هذه الأوهام لكى يخدر بها المخدوعين المصدومين».
إذن جاء «تفسيره العلمي» لظهور العذراء على أنه «وهج التفريغ الكهربائي» الذي يحدث لحظياً بجو من المفترض أنه شتاء وشديد البرودة!
ولنتعرف أولاً على «ظاهرة نيران القديس إلمو» لنستطيع أن نحكم على صحة كلام الكاتب، وهذا القديس بالمناسبة هو « شفيع البحارة» وتحدث مع قرب إنتهاء العاصفة الرعدية على هيئة «ألسنة لهب» على قمم صواري السفن، وأجنحة الطائرات، والساريات والأشياء الطويلة والمُدببة و المستدقَّة، هي ظاهرة كهربية – تتمثل في شرارة متواصلة تعرف باسم «التفريغ الإكليلي».
وبخلاف البرق، فهي لا تنتقل إلى أي مكان، ويصحبها أحيانا صوت هسيس ناعم لحظة تحرير الطاقة الكهرومغناطيسية على هيئة« توهج نار» لعدة دقائق فقط وليس « توهج نور كما في الظهورات لفترات طويلة» . ويعتبرها البحارة بشرى طيبة لأنها تعطيهم معنى بأن العاصفة الرعدية بطريقها للخمود. فهي ظاهرة أول من رصدها هم بحارة البحر المتوسط.
ولكن كما هو واضح من صور تجلي العذراء أنها لم يكن تفريغاً لشحنات كهربائية بل «تفريغاً لأسراب من الحمام الأبيض المنطق» من قبة الكنيسة بإتجاه جموع الحاضرين قبل أن يختفي، ويظهر هذا الحمام قبل وأثناء التجلي. فإستحالة أن تأتي ظاهرة إلمو لتقف خصيصاً فوق قبة الكنيسة والتي ترتفع عدة مترات عن الأرض وفي ربيع مصر الدافئ وتستمر لساعات ممتدة بطول الليل أحياناً و يومياً لعدة أسابيع. خصوصا أن قبة الكنيسة ليست مدببة كإبرة المسلة ولا كصاري السفن، بل قبة بيضاوية منخفضة الإرتفاع !
أيضاً وقت التجلي كانت العذراء تتحرك يميناً ويساراً وتبارك الشعب بيديها،وتسجد بجوار صليب القبة و بهيئة نورانية ظاهر فيها ملامح الوجه والهالة النورانية التي حول رأسها وتفاصيل جسدها، مصاحبة بمعجزات شفاء لمئات من الشعب و ممن حضروا من أنحاء العالم بأمراضهم المستعصية من سرطان و شلل كُلي لحالات عمى البصر مثبتة بتقارير طبية موثّقة.
ومما لا شك فيه إن نيران إلمو لصاحبنا الكاتب لا تستطيع أن يصاحبها كل هذه الظواهر الروحية التي مما لا شك فيها منحت المصريين جميعاً في هذا التوقيت تعزية كبيرة بعد هزيمة 76، ولكنها يستحيل أن تكون خرافات يتوهمها آلاف من جموع المصريين والأجانب وإلا ما وجدنا أكبر وكالات الأنباء العالمية أتت وسجلت التجلي الفريد بأحدث كاميراتهم العالمية في هذا التوقيت، ومعروف أن العقل الغربي صارم لا يعترف بالظواهر الروحية بسهولة لطغيان العلم عليهم وجموده أكثر من إيمانهم بالظواهر الروحية، ورغم هذا هناك أبحاث اجراها علماء غربيون عن هذا التجلي وحللوا الصور التي إلتقطت كالعالم الأمريكي جون جاكسون دكتور الفيزياء الذي قام بدراسة الكفن المقدس بتورينو عام 1978
قام بدراسة وتحليل الصور التى تم إلتقطها أثناء الظهورات وأثبت صحتها.
وقام كُتّاب غربيين بتأليف كتب عديدة حول هذا الظهور التاريخي، فلماذا نسفّه ونقلل نحن المصريين من أهمية ظهور تاريخي لا ريبة فيه، وشهد له العالم ! .
ما يستحيل معه الإدعاء بأن العالم كان يعاني الهزيمة والمِحن و رأى في ظهورات العذراء المخرج من حالة بؤسه وإحباطاته ! خصوصاً أن ظهورات العذراء ليست مقصورة على المصريين بل هناك ظهورات تاريخية للعذراء كسيدة لورد بفرنسا1858 ، وعذراء فاطيما بالبرتغال 1917، وعذراء بلجيكا 1932، وعذراء جرانيديل بإسبانيا 1965،وعذراء ميدغوريه بالبوسنة 1981 . و كل ظهور كانت له تعزياته وأهدافه و رسائله للعالم.
لسنا «مسيحيين سلفيين» كما دعانا كاتب المقالين ، بل مسيحيين متمسكين بالإيمان وبأن هناك جزء من الحقيقة عبارة عن «جزء غيبي» لا نراه ولكنه حقيقة موجودة ننال من نعمها الكثير.
فمفهوم السلفية وصفات السلفيين، يعرفهم كاتبنا أكثر منا و أكيد عانى من عقليتهم وشراسة فكرهم وحقد قلوبهم ومن عقيدتهم الإرهابيةً! وإلا فليقل لنا كيف يؤمن بوجود الله وهو لم يراه؟ فطوبى لمن آمن ولم يرى .
ليسنا دعاة للدروشة أو لغيبوبة الجهل وتغييب العقل، ولكن عمرك سمعت إن الدَهان بالزيت المقدس كانت له آثاره الجانبية كالأدوية ؟! الجهل أن نلغي عقلونا وننكر ما تراه عيوننا و نجحد بصمة الله التي يتركها تتحدث عن وجوده كل يوم ليذكرنا أنه مازال يعمل وأن زمن المعجزات لم ينتهي وسط ما نعيشه من حمامات الدماء التي أغرقنا فيها الظلاميين، جففنا الأرض بغلاظة رقبة فلنترك الله يعمل ولا نسفِّه عمله، فالعلم نفسه لا يستطيع أن يدّعي أنه ضد المعجزات، لكي نصدق كلام الناس الأجوف وغطرستهم الفارغة التي تتعالى عن عمل الله و التي لا تشفي ولا تغني من جوع! الإيمان ليس ضد إعمال العقل أبداً بل فوقه.
نحن لا نرى الهواء ولكن نشعر بوجوده في حركة الأشياء حولنا ، هو نفسه الايمان بما لا يُرى، {وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى}.
خُلِق العقل للتفكر والتدبر والتأمل في الحياة وليس لقولبة عقولنا و برمجتها بنظريات إنسانية جوفاء و لا لحِسبة بِرما التي لا تُفضي إلا لـ لاشيء!!